حنا أبو حنا من شعراء المقاومة والوطن والتراب ، ومن طلائع المثقفين الفلسطينيين ، ورواد الشعر الوطني الثوري الفلسطيني الأوائل الذين رفدوا حياتنا الثقافية بعد النكبة بأشعارهم وقصائدهم الوطنية والكفاحية الملتزمة المقاومة .
ويعد حنا أبو حنا المعلم الأول للجيل الأدبي الفلسطيني ، جيل محمود درويش وسميح القاسم وراشد حسين وتوفيق زياد وسالم جبران وحنا ابراهيم ومحمود دسوقي ونايف سليم وسواهم ، وذلك بشهادة الراحل محمود درويش الذي قال : " حنا أبو حنا علمنا ترابية القصيدة " .
وحنا أبو حنا من مؤسسي مجلة " الجديد " سنة ١٩٥١، ومؤسس مجلة " الغد " سنة ١٩٥٣، وشارك في اصدار مجلة " المواكب " و" مواقف " . عمل في سلك التدريس ، وكان مديراً للكلية الارثوذكسية في حيفا ، ومحاضراً في جامعة حيفا والكلية العربية للتربية .
حصل على وسام القدس ، وجائزة فلسطين ، وجائزة " ادب الضد " وجائزة محمود درويش .
من دواوينه الشعرية : نداء الجراح ، حديقة الصبر ، تجرعت سمك حتى المناعة ، عراف الكرمل .
وله اكثر من عشرين كتاباً في تراث الثقافة الفلسطينية ، وسيرة ذاتية بعنوان " ظل الخيمة " فازت بجائزة فلسطين .
وحنا أبو حنا كغيره من الشعراء والمبدعين الفلسطينيين عاش النكبة وعايشها ، وذاق على جلده معنى القهر والظلم والاضطهاد العنصري ، فجاءت تجربته الشعرية والأدبية صادقة وحارة وأصيلة . وتدور قصائده حول الارض والانسان والهوية والمعاناة اليومية والقضية الفلسطينية بكل تشظياتها وأبعادها .
وهو الذي هتف قائلاً :
يا اخوتي كيف ننسى مر ماضينا
وحاضراً لم يزل يروي مآسينا
ولم تزل حولنا الأغلال تخنقنا
والغدر يسعى الى تشريد باقينا
وما يميز أشعار حنا أبو حنا تلك الروح الوطنية الصادقة ، والشعور القومي والرفض للاقتلاع من الوطن والحث على التمسك بالثرى الفلسطيني ، لنسمعه يقول في قصيدة " طفل من شعبي " :
خلف القضبان ، من الشباك يطل جبين .. كهلال طفل هل علي .. وضاح الاشراق فتي .. كالنعنع غض ، كالريحان شذاه حنون .. خلف القضبان تشع عيون .. عينا طفل لم يتجاوز عشر سنين .. يتسلق شباك السجن .. ويطل كي يبحث عني .. ويفيض على أفقي الساجي أملاً وحنين .
وفي قصائده يوظف حنا الموروث التراثي ويستخدم الايحاءات والرموز والدلالات لخدمة اغراضه الشعرية .
حنا أبو حنا هو مثال ونموذج في التواضع والعطاء والانتماء والأصالة والتأصل الايجابي ، الذي يبعث الانسان الى ،العيش في عمق وجوده ، واعياً لتاريخه وواقعه ، واثقاً من انتصار قضية شعبه وخلاصه من الاحتلال .
ويبقى القول ، حنا أبو حنا يستحق التكريم والاحتفاء به شاعراً وأديباً وباحثاً صاحب تجربة أدبية ابداعية ثرية ، فتحية له مع تمنياتي له بالعمر المديد ، ودام العطاء والابداع .
بقلم/ شاكر فريد حسن