إذا هو تحديا سافرا ...حقيرا للرئيس الأمريكي ترامب ...عندما نفذ ما قاله ...حين قام بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب للقدس رغم التهديدات والوعيد والتي لم يأبه بها ...ولكن الموضوع اكبر من التحدي ... بل هي سياسة أمريكية أوغربية ممنهجة ، وهي رسالة واضحة مفادها أن مفاتيح الشرعية الدولية أو القانونية ، لا يمتلكها سوى أولئك الأمريكان ،الأوغاد بالتقاسم مع الذين يتبعونهم وإن للأمريكان ِ ، دوما نصيب الأسد في الهيمنة والغطرسة وبسط النفوذ ِ... ولا يدهشني ذلك أبدا ،و لكن المصيبة الكبرى هي عندما تجر تلك المفاتيح خيولنا العربية التي تهجنت بعد الأصالة ...ثم كيف نرجو الخير من دولة قامت أساسا على أنقاض أرض ِ الهنود الحمر السكان الأصليين ...؟! ألسنا نحن من نزعم بأن فاقد الشيء لا يعطيه ...وعن توقعاتي الذاتية لما هو آت ٍ كردود ِ أفعال ٍ هوسلسلة من المؤتمرات ِ أو الاجتماعات ِ والقمم والقيعان ِلحكام العرب ليسا انتفاضا أو اعتراضا لما قامت به سياسة الحماقة الأمريكية ،ولا من باب الدفاع عن القدس ِ من الجانب الديني ، أو الغيرة أو الحميّة ...بل خجلا لأولئك الحكام وامتصاصا لغضب الشعوب ِ المنكوبة ، التي هي أصلا في سبات ٍ عميق ...إذا مظاهرات ٍ متفرقة هنا أو هناك قد تجوب بلاد العرب أوطاني ،لن تحرك ساكنا ،ولن تسكن متحركا ...وشجب ٍ واستنكارٍ وإدانة سوف نسمعها عبر الإعلام العربي ، المتخاذل والسخيف ، لكن ليس معنى ذلك ما اقصده هو التسليم بسياسة الانبطاح بل أني أؤيد وأبارك كل الجهود العظيمة التي ترسم ملامحها ،عبر التاريخ تلك الانتفاضات الشعبية ، أو الجماهيرية الحاشدة ، والتي يُشعلها الشرفاء والأحرار سواء من أبناء شعبي بكل أطيافه وبكل فئاته ،أو في جميع بلدان العالم ... حقيقة قد يتصور الكثير أن هناك حربا كبيرة، سوف يشتعل فتيلها في المنطقة إزاء تلك الإجراءات الظالمة ،من قبل ترامب أو الإدارة الأمريكية ...ولكن الذي قد يصطدم به أولئك المساكين في بلداننا هو الفتور ِ والضعف والخذلان وكما يقولون لاجديد تحت الشمس ...ثم هل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس أعظم أم الإنسان ...وهل هدم المسجد الأقصى حجرا ...حجرا أعظم أم الإنسان ...؟! طبعا هناك من سيقول المسجد الأقصى ،وهناك من سيقول بكل ثقة وشموخ ٍ القدس كلها ...ولكنهم قد نسوا أو تناسوا حديث ، رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لزوال الدنيا أهون على الله عز وجل من سفك دم مسلم بغير حق. " وروي بلفظ : "لهدم الكعبة حجراً حجرا أهون من قتل مسلم. "
ثم هل يمكن أن نتصور أن هناك ردودا قد تتناسب مع عظمة ومكانة الحدث ،ويبقى التساؤل أين كانت تلك الردود التي يمكنا تخيلها من الحروب الكارثية المدمرة والمتوالية،و التي كان يشنها العدوان الإسرائيلي على شعب قطاع غزة ، وسط القتل للأبرياء بدم ٍ بارد ٍ ،ووسط تشريدهم وهدم البيوت فوق رؤوسهم ...ما ظننت أن هناك أي تظاهرة قد أقيمت في بلد ٍ ما ...ولا شجب ولا استهجان بل وكأن الجميع بصمتهم يريدون التخلص من غزة عن بكرة أبيها ...غزة الأبية والتي ستبقى شوكة قاتلة في حلق كل الطغاة والمتآمرين عليها ،وأين هي ردود ِ الفعل مما يجري في بورما من مجازر مؤلمة تقشعر لها الأبدان تحاك هناك بحق المسلمين وأين هي ردود ِ الفعل من مذابح البوسنة والهرسك والتصفية العرقية للمسلمين ...وأخيرا لا يسعني سوى القول بأنه ليس لنا بعد الله سبحانه وتعالى ،إلا أن نتوحد جميعا ،ولينزل بسلام ٍ قادتنا وساستنا من البروج العاجية ، ولنكن بخندق ٍ واحد ٍ دفاعا عن أنفسنا ،ومقدساتنا ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ...!
بقلم/ حامد أبوعمرة