ستة وعشرون عاما من التفاوض مع الكيان الغاصب نستجدي السلام الموهوم للحصول على دويلة على الأراضي المحتلة عام 67 ويتم اجتزاء المستوطنات منها وتكون محاصرة في قلبها منزوعة من مقومات الدولة ومع هذا نستمر عبر هذه السنوات العجاف في مقارعة بعضنا البعض ونلقي بأنفسنا بكل قوة بأحضان هذا المحتل والإدارة الامريكية التي تقوم هذه العملية التي لا نهاية لها.
اتصل دونالد ترامب بالرئيس عباس قبل يوم من اعلان القدس عاصمة لدولة الاحتلال وباليوم التالي تم الإعلان عن هذه الجريمة الكبرى التي لا تقل جريمة عن احتلال القدس، بيانات وشجب واستنكار من الزعماء العرب وكان الامر غريب ومفاجئ لهم مع ان كافة التقارير تفيد باتفاق في قمة الرياض على كل ما يقال اليوم ويعلن من قبل ترامب وادارته!!
مظاهرات ومواجهات بين الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال تستمر رفضا لهذا القرار الجائر ولكن سؤال مستمر بطرح نفسه وماذا بعد؟!!
ان السلطة الفلسطينية لم تأتي برد فعل يتناسب وحجم الكارثة الواقعة سوى بعض التطمينات التي سبقت الإعلان من قبل ولي عهد السعودية بن سلمان بان ترامب يعقد العزم في منتصف العام المقبل على كشف صفقة جديدة في مسيرة السلام سترضي الفلسطينيين وحسب مسؤول فلسطيني ان ولي عهد السعودية أعرب عن تفاؤله بسياسة ترامب التي ستفضي لشيء وما على عباس سوى الصبر!!
فماذا يمكن ان يقدم ترامب وادارته بعدما اقر وأعلن بان القدس عاصمة إسرائيل؟ سوى حكم ذاتي في أجزاء متفرقة من الضفة الغربية وهذا ما تبقى على ارض الواقع ولنكن صادقين مع أنفسنا هل تبقى شيء سوى هذا؟!!
الكل الفلسطيني يدرك بقرارة ذاته ان عملية السلام قبرت منذ سنوات وبقي منها الاسم والاستمرار من قبل السلطة الفلسطينية بتنفيذ بنودها وعلى راسها التنسيق الأمني، لم تعد عملية السلام قائمة سوى بوجود السلطة بينما الاحتلال ينهش الأرض وتوج ذلك بإعلان القدس عاصمة للكيان الغاصب.
ان ما تبقى لعباس بحقيقة الامر هو إعلانه الانسحاب التام من معاهدة السلام التي اضاعت ما تبقى من فلسطين وما عليه الا الحضور لغزة ليستقر بها ويجابه الاحتلال منها وعلى منظمة التحرير التخلص من العبئ التاريخي الذي دنست تاريخها به يوم اعترف بإسرائيل وحقها بالوجود.
ندرك ان المنطقة باسرها تتعرض لتقلبات وتغيرات إقليمية كبيرة ولكن هذا لا يعني ان ننضم تحت لوائها ونسلم كما سلم الاخرين، فما على الفلسطيني اليوم سوى العودة لخندق المقاومة متماسكا متحدا بكل فصائله وتكويناته وان لم يستطع تحرير فلسطين او ان يفرض معادلته فما عليه سوى ترك الفرصة للأجيال القادم للمطالبة بحقها في فلسطين والقدس.
لا يعقل ان نسلم اجيالنا القادمة ثكنات متقطعة الاوصال ونقول لهم ها نحن حققنا لكم دولة!!
فما على القيادة الفلسطينية اليوم سوى انهاء تاريخها السياسي بموقف مشرف يسجله التاريخ برفضهم بيع فلسطين والتنازل عن القدس والاقصى، فالاستمرار بالتعاون مع الاحتلال بالتنسيق الأمني والصمت والكتفاء بالتنديد والرفض بينما تستمر العلاقة مع المحتل كما كانت قبل الإعلان الأمريكي فما هو سوى موقف يضاف للمواقف العربية المتخاذلة والصامتة بل والمشاركة في بيع فلسطين!!
ان الإدارة الامريكية لم تكن يوما طرفا نزيها ولن تكون والاستمرار العبثي بالتفاوض هو قتل لفلسطين بل هو قبول ضمني بان تكون القدس عاصمة لإسرائيل, فهل تستيقظ القيادة الفلسطينية وتعود لرشدها ولسبب وجودها لتقف موقف مشرفا تجاه القضية الام فان ضاعت القدس وحدها فكل فلسطين لا معنى لها ففلسطين هي القدس ولا فلسطين دونها!!
بقلم/ محمد الافرنجي