" حامل المسك " هو عنوان الكراسة التي أصدرها أهل وأحبة الناشط الاجتماعي والسياسي ، الشاعر والكاتب الصحفي ، رزق عبد القادر رزق اغبارية ، في ذكرى الاربعين لرحيله ، وتضمنت كلمات رثاء وتأبين لهذا الانسان الطيب الدمث الذي رحل وغاب عن دنيانا وهو في عز وأوج عطائه وتوهجه ، اثر حادث دهس تعرض له وأودى بحياته .
وقد وزعت الكراسة خلال حفل التأبين الذي أقيم يوم السبت الأخير في قاعة ابو سرور بأم الفحم .
الكلمة الاستهلالية في الكراسة لمعروف عبد القادر اغبارية ، أخ الفقيد ، الذي أشار الى تعدد مواهب رزق وتنوع اهتماماته ، مؤكداً انه " كان العين التي ذرفت منها كل دموعنا ، وكان الكتف التي سندتنا جميعاً ، وقد جسد وعاش انسانية وترجم أخلاقه الرفيعة وقيمه الاسلامية الى سلوكيات يومية ومنهج حياة ".
أما الشيخ خالد حمدان رئيس بلدية أم الفحم ، فقال في كلمته : " الروعة والجمال والنظافة كانت تطغى على كلماته وعباراته ومحتوياته ، فان تحدث اليك ، تراه ينتقي الكلمات والعبارات بمنتهى الأدب واللطافة ، ويطعمها بابتسامته الغامرة ، واذا كتب رسائله أو تعليقاته في الفيسبوك فانك تجدها عبارات فصيحة وجميلة ونظيفة ، بعيدة عن التجريح والتشهير .
النائب د. أحمد الطيبي كتب تحت عنوان " أعشق الايثار " : " كم هو موجع لقلبي وعقلي ان اكتب عن الحبيب رزق بلغة الماضي خطاب تأبين وذكرى . رزق الذي عرفته منذ سنوات نجح في أن يدخل حياتي مقتحماً اياها بجرافات الحب والوفاء .
رزق الذي كان سلاحه هو الحب والابتسامة والتسامح والايثار لم يعرف الكراهية ولم يتحمل الظلم وكان دوماً متأهباً لاسماع صوته ضد المزايدات والمبالغات والظواهر المقيتة في مجتمعنا العربي الفلسطيني في الداخل ، الاجتماعية والسياسية على حد سواء ، وكان يفاخر دوماً بالقول بأن السمكة الميتة فقط هي التي تسبح مع التيار " .
وقال د.سليمان اغبارية في كلمته : " أحبني كثيرا
وبادلته نفس الشعور وتبادلنا الزيارات واللقاءات الودية ، وقد زرته في بيته قبل سجني بفترة وجيزة برفقة الأخ المحامي محمد صبحي ، فكأنها ، سبحان الله ، كانت زيارة وداع له ".
النائب د. يوسف جبارين أكد "أن مكان رزق سيبقى ناقصاً وكرسيه صارخاً " وكتب قائلاً : " كان واسع الصدر ، ودمث الأخلاق ، مثقف ووطني ، تمتزج ذكراه في الصور والمشاهد الكثيرة التي جمعتني به في أكثر من مناسبة عائلية ورسمية ، وفي كل مرة ستعيش فيها مدينتنا مناسبة مركزية أو حدثاً محورياً ، سيفتقده الجميع : ميدان المدينة ، مكاتبها ومقاهيها ، وأزقتها التي كان يمر بها يومياً وكأنه يسأل عن أحوالها ، بل ويعدها بالتغيير ".
الأستاذ أحمد ابراهيم محاجنة أكتفى بعبارة واحدة تختصر كل شيء ، قائلاً : " في حضرة الغياب اعاهدك صديقي وابن خالي أن تكون حاضراً في دعواتي لخالقي ليالي القدر ما احياني ربي ، اللهم فاشهد " .
وقال المحامي أحمد مهنا ، مدير جمعية " أمانينا " : " فقدنا انساناً عظيماً طيباً ، وفقدت أم الفحم والمجتمع العربي رزق المثقف والمعطاء ، وصاحب الأخلاق العالية والكلمة الحسنة " .
المحامي جمال زهير اغبارية ، صديق المرحوم ، قال في كلمته التي جاءت تحت عنوان " حين يرحل الطيبون " : " عهدناك أيها الراحل ، انساناً طيباً ، ودوداً هادئاً كالحمام ، متواضعاً كما سنابل القمح ، بسيطاً كعشاء الفقراء ، ابيض القلب ، ابتسامتك تتقدم حديثك ، وبشاشتك المرحة تتبعك " .
وقال الناشط الاجتماعي زكريا اغبارية : " عذراً يا رزق ، أم الفحم لم تعطك حقك بالكامل ، فاكتفينا بالكلمات الجميلة ، وسميناك بالمثقف الخلوق والمرشد والناشط ، ورحلت عنا مجروح القلب على مجتمعك وبلدك وحارتك " .
د. سامي جمال محاجنة أكد أن " اسمه كان رزق لغيره حتى لو كلفه ذلك ثمناً غالياً ، وأن اصعب ما في المكان الضيق هو أن فراقه كان مباغتاً ".
الكاتب شاكر فريد حسن ، قال : " رحيلك أيها الغالي ثكل القلم ، وأحزن القلب ، وجعل المآقي تجف دمعاً ، والقصيدة يتماً ، فتأجج الأسى في صدورنا ، وخسرنا الحلم والخلق المزكى " .
وكتب الاعلامي طه اغبارية : " اعاهدك أيها الرومنسي والمحب الكبير أن أتمسك بنهجك وأتذكرك كلما تواطأ غضبي على حلمي " .
في حين قال المحامي علي حيدر : " كان صاحب قلم جميل يصوغ الكلام بشكل شاعري وجميل ، وكان متداخلاً بالشأن العام المحلي والقطري السياسي والاجتماعي " .
المحامي منهل خالد اغبارية كتب كلمة مؤثرة وموجعة تجعل دموع من يقرأها تهطل بغزارة وتنهمل من المآقي ، كيف لا تكون هكذا وهو الذي كان قبل لحظات مع رزق قبل مصرعه ، فيقول : " القلب مشطور والروح مكسورة على فراقك يا خالي الحبيب ويا خلي الوفي ، فمن من بعدك يغمرني بمحبته الدافئة والصادقة ، من يتوق بشغف ليزرع على وجنتي قبلات الود والطيب ، من يحمل لي في مقلتيه شمساً وقمراً وحقول الياسمين ، من يكون لي جناحين يرتقيان بي فوق عقارب الزمن ، من يجول في خوالجي دون أنبس ببنت شفة ، من يسامرني ويفجر ضحكاتي أزهاراً أرجوانية تتفتح في حنايا الروح معلنة أن الربيع فيها باق ؟؟؟
من ومن وألف من ...؟ ".
الكاتبة والشاعرة مها فتحي قالت عن ابن خالها : " شهد له الجميع بثقافته غير المؤطرة بالمناصب والشهادات ، فكان يحدثك عن بابلو نيرودا ولوركا وهو يهرول على جادة الطريق ، قاصداً المسجد ، وكان يزيدك في الشعر بيتاً عن عبقرية المتنبي وعروة بن الورد وهو يجهز طبق الطعام لأهل بيته " .
د. مهند مصطفى قال في كلمته : " كان حزنه سلفياً وانعزالياً ، وكان فرحه مقداماً وعمومياً " .
مي محمود رزق خاطبت عمها رزق ، فقالت : " أحن اليك . فهل تسمعني ؟".
أما الاستاذ هشام خالد أسعد محاجنة فقال في كلمته المقتضبة : " آلمني فراقك وتركت أثراً بي وكل من سمع سيرتك وعرفك ، مثلت الصراحة والقناعة والشفافية ، ومثلت الأخلاق واحترام الآخر " .
المحامي يوسف أبو حفيظة قال : " خسرت صديقاً ، وحزنت عميقاً " .
الناشط الاجتماعي والسياسي سلام عياش كتب تحت " ومضات من نور عن رزق " ، "تلك الروح التي فجعنا برحيلها الصامت في زحمة الحياة ".
وأختتمت الكراسة بقصيدة للشاعر د. أيمن كامل رزق اغبارية " يا ابن عمي " ، وهي فراقية باللغة العامية ، نقتطف منها هذه السطور :
يا بن عمي
بلاك شو رح يظل من الشعر الا البكا
شو رح يظل من الصحاب الا الوفا .
شو رح يظل من عزة النفس والشهامه
من اللغة اللي حبتك والثقافة الملانه
من فناجين الاسبرسو والجارزات الأنيقه
من العطر والاهتمام بالتفاصيل الرقيقه
كيف نوكل وكيف نلبس
وكيف نحب للدرجه العميقه .
شو رح يظل غير الصدى
وريح بتدق صدر المدى
شو رح يظل غير وجه ربك معبي الفضا .
سلاماً لك أيها الحبيب رزق عبد القادر اغبارية في ثراك وضريحك ، وستبقى خالداً ومخلداً في ذاكرتنا الشعبية والثقافية والوطنية ، رمزاً ومثالاً يحتذى للأنسان الصادق الشفاف المتواضع ، والمثقف المثقِف الغيور على بلده ومستقبل الأجيال الصاعدة ، رحمك الله وأسكنك فسيح جنانه . فأمثالك باقون ولا يموتون .
بقلم/ شاكر فريد حسن