يغادرنا الرجل الذي عشق المقاومة وعشق لبنان وفلسطين ، يغادرنا ابا المجاهدين الحاج فايز مغنية (ابو عماد) بعد حياة مليئة بالتضحية ، فكيف لا وهو من قدم الشهيد القائد الحاج عماد مغنية والشهيدين جهاد وفؤاد وجد الشهيد جهاد، وابن الشهيد عماد ، فنحن عندما نكتب عن الحاج ابو عماد ، نكتب عن رجل اسمه ضمير المقاومة ، ومن بلدته طير دبا ، هذه البلدة الوطنية القومية كانت حكايته مع المقاومة، من خلال القلب الذي ينبض وينهض لم يترك مناسبة الا وكان الحاج ابو عماد شعاعها .
إذن لنترك اللغة جانبا، والكلمات ولنعي كلمة حق الى المجاهد ابو عماد ، هذا الرجل المحتسب الصابر ، وبقى صامدا ودائما كان يقول فداء الوطن يهون كل شيء ، فكانت دماء ابنائه الشهداء على تراب هذه الأرض وصخورها وتحت أشجارها، هي تشكل احترم ولو بالصمت صرخة الآه ، نعم ينضم ابو عماد في رحيله الى الشهداء فقط وهذا يليق بهذا الرحيل العظيم.
رحل ابو عماد الرجل الذي كان بتحدث عن الشهادة والشهداء لا يمكن أن يكون مجرد حديث يحمل دلالات مادية ومعنوية تتقاذفها ألسن البشر فقط، بل هو أكبر من ذلك بكثير، فكيف لا وهو والد الشهيد القائد عماد مغنية الذي رمز أفنى حياته فارساً مقارعاً الاحتلال الصهيوني لفلسطين المحتلة لا تعرف روحه الهزيمة، رمز نذر جهده ووقته وطاقته وحياته للمقاومة، فكان رمزاً من رموز النضال والمقاومة فأضحى مدرسة إبداع وإخلاص وتفان وصدق وتضحية وعطاء ونضال وجهاد، وما سعى إليه ابو عماد بعد استشهد ابنائه كان عز وعنفوان وكرامة لانه مؤمنا في ثقافة الشهادة التي تزرع في نفوس الأمة الوحدة والوفاق والصدق والأمانة والنزاهة والعلم والعدل لتجني النصر والحرية والكرامة والشرف وعلو الهمّة والرأس المرفوع، فهنيئاً لك يا ابا عماد الجنة، ويكفيك انك حملت قضية فلسطين كما لبنان في قلبك .
في حضرة ابو عماد تصمت الكلمات ، وهو رحل وعيناه الى المقاومة والى فلسطين وشعبها إلى ميادين المواجهة، فيسقط الشهداء وهم يناضلون ، وتصدح صدى الهتافات والخطابات، وخاصة ان لفلسطين حصة في قلب ابو عماد، فإن القلب والروح مجتمعان لا ينفصلان عن الوعي الحر والعقل الإيماني الرشيد، برحيله ينطفئ نور كان يوقده إيماناً ومحبة.
من هنا نقول ان ابو عماد كان رجل الحضور يساوي اسر الشهداء ويؤكد على ان المقاومة في كل شبر من الأراضي العربية أقامت لنا نحن العرب صرحاً من العزة بعد جيل طويل من الإنكسارات ، فأعادت لنا نحن العرب ماضاع منا قبل سنين طويلة جداً تلك الكرامة ، ونحن نقول ان اليوم فلسطين شهيدة و ضحية التآمر والتخاذل ، لهذا على من هم هناك، فوق أو تحت وأيا كانوا أن يدركوا بأن صدر فلسطين المطرز بالشهداء ، لا يمكن لترامب ووعده ولا لكل المتواطئين معه ان ينالوا من حقوق الشعب الفلسطيني ، هذه الحقوق الذي يحددها هي دماء الشهداء الذين سقطوا والشهداء الذين ينتظرون.
ختاما : يرحل ابا الشهداء ابو عماد وبلدته طير دبا وجنوبه الصامد ومقاومته الابية التي تتزين بزي الثوار والمقاومين في هذا الجنوب العربي المقاوم، نؤكد أن الهزيمة ليس قدراً متى توفرت إرادة الصمود والقتال ، فتحية من للبنان ولمقاومته ، وتحية وفاء لك ابا الشهداء ، وتحية لهبة وانتفاضة شعبنا على ارض فلسطين ، ونقول مقاومة واحدة وعدو واحد، مقاومة تبشرنا بهزيمة المحتلين وبعصر عربي جديد قادم لا محال .
بقلم/ عباس الجمعة