قضية القرن لا صفقة القرن!!

بقلم: محمد فايز الإفرنجي

كنا نتحدث ويتناول الاعلام الحديث عن صفقة القرن وتداول اسم هذه الصفقة وحيثياتها بين مشكك ومقتنع، اليوم فصول هذه الصفقة تتضح شيء فشيء فلم يعد الامر خفيا إلا على من أرادوا ان تبقى عيونهم وعقولهم مغلقة عن فصول تمثيل هذه الصفقة.

ان فصول هذه الصفقة تدور رحاها بخطى متسارعة أكثر بكثير مما اعتقدنا واعتقد المحللين، فيوم أعلن ترامب بأن القدس عاصمة لدولة الاحتلال وتوالت ردود الأفعال العربية التي كانت جامدة باردة منزوعة من الحرارة القومية والعربية والإسلامية على حد سواء.

دول عربية ما ازدادت مواقفها على شيء أكثر من الاستنكار والاستهجان لكنها لم تحرك ساكنا في عالم السياسية إلا ما يجعل هذا القرار ماضيا على ارض الواقع!!

عربيا كانت الخطوات اقل ما يمكن وصفها بانها مجرد كلمات تناثرت مع رياح الشتاء والتي لم تتجاوز المواقف الغربية والاوربية وبعض الدول الإسلامية، بينما غاب عنهم بان القدس ليست مجرد قضية خارجية في بلد أجنبي، بل هي اختبار لشرعيتهم كحكام في بلدانهم

إن ما تم الإعلان عنه في قرار ترامب ليس مستغرب فكانت كل المؤشرات تتحدث عنه حتى ان ترامب أجرى اتصالات فلسطينية وعربية لإبلاغهم بنيته باليوم التالي للإعلان عن ان القدس عاصمة للاحتلال وليس فقط نقل السفارة الامريكية للقدس!!

الأصعب بالأمر هو موقف القيادة الفلسطينية وعلى راسها الرئيس عباس حيث كان خطابة بإسطنبول يكاد يعيد للبعض الامل بان هناك من سيقف بوجه قرار ترامب وسيجعل منه قضية القرن لا صفقة القرن، فقد قبل عباس بأن يكون أداة في يد إسرائيل التوسعية، ودفع ثمن ذلك يوميا من خلال القيام نيابة عن إسرائيل بحفظ أمنها في المناطق المحتلة التي عزمت على عدم الانسحاب منها إلى الأبد، وكان همه الأكبر مقارعة حركة حماس ومنافستها على الحكم.

كنا ننتظر مواقف متتالية فور عودة من القمة الإسلامية بإسطنبول وعلى راسها توحيد الصف الفلسطيني ورفع العقوبات التي فرضها على جزء اصيل من فلسطين وهو قطاع غزة.

كنا ننتظر ترجمة حقيقة لما تلاه بخطابه من كلمات وان يمضي بقوة متسلحا بوحدة الصف الفلسطيني لمواجهة أخطر قرار بالتاريخ الحديث بعد وعد بلفور فما اتخذه ترامب من قرار ممهدا لصفقة القرن غير عابئ بالوضع القانوني، ولا بأحكام القانون الدولي، ولا بالمعاهدات، ولا بقرارات الأمم المتحدة، والتي تجمع كلها على رفض الاعتراف بضم إسرائيل للقدس الشرقية.

اليوم أصبحت الخطوات السياسية التي يطالب بها الشعب الفلسطيني هو قيادة فلسطينية حقيقية تنضم الى المربع الوطني والشعبي الرافض للتنازلات المتواترة من قبل القيادة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي وأميركا وحتى بعض الدول العربية التي باعت القضية وباعت القدس بل هي جزء من صدمة الشعب الفلسطيني بما حدث ويحدث على الأرض!!

الشعب الفلسطيني على الأرض اليوم موحد برفضه قرار ترامب بل وذهب لأبعد من ذلك بمطالبته الرئيس عباس التنصل من اتفاقيات أوسلو التي أودت بالقضية الفلسطينية والقدس الى هذا المنحدر الخطر في تاريخها، فالشعب الفلسطيني الذي يقدم اليوم كما كل يوم دمائه واشلاءه لتبقى وقودا لاستمرار السعي باستعادة حقوقه لن يقبل بالتنسيق الأمني لن يقبل باستمرار فرض العقوبات على غزة التي وصلت الى حد لا يطاق الى حد خطير لم يحدث حتى من الاحتلال بحصاره لغزة رغم بشاعة الاحتلال!!

اليوم صفحات التاريخ مشرعة لتسجل في خاصرتها ما لا يمكن مسحه وشطبه اليوم الفرصة مواتيه لكل من سار متخذا اميركا والاحتلال رهان له اليوم كشفت النوايا وزالت العصبة عن العيون لتصبح الرؤية جلية امام كل من يدعي الوطنية وان فلسطين هي قضيته الأولى, اصبح التاريخ وصفحاته جاهزة ليخط عليها القادة تاريخهم إما ناصع البياض ويجب ما قبله من تصرفات او البقاء في خانة الأعداء ومهما كانت الخطابات حلوة المذاق لن يعيرها الشعب الفلسطيني أهمية ما لم تترجم على ارض الواقع بقرارات مصيرية تضع النقاط فوق حروفها وترسم سياسة وحدويه صادقة بعيدة عن السعي شطب الاخر من الكل الفلسطيني حتى وان كان الشعب هو الثمن بويلاته وعذاباته.

الدعوة لكل القيادات الفلسطينية الصادقة لتكون بقدر من المصداقية والوطنية لتضمن بقاء القضية في نصابها الحقيقي وحجمها الحقيقي ولا تترك فريسة للاحتلال ولكل الدول التي تسعى لعلاقات مع دولة الاحتلال مقدمة فلسطين والقدس قربانا لهذه العلاقة المحرمة!!

بقلم/ محمد الافرنجي