أبو ثريا يقهر الاحتلال

بقلم: نعيم إبراهيم

تتساءل صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية: «كيف سيرد الجيش الإسرائيلي لو قتل الفلسطينيون مقعداً إسرائيليا؟» وذلك على خلفية إعدام قناص صهيوني يوم الجمعة الماضي للشاب الفلسطيني المقعد إبراهيم أبو ثريا شرق غزة.

بداية ينبغي التأكيد أن الفلسطينيين لن يفعلوها لأنهم أهل بيت المقدس الذين يدافعون عنه وعن أكنافه ولذلك هم في صراع وجودي شامل ضد الاحتلال الصهيوني، وهذا يعني أن لهم الحق الذي كفلته الشرائع السماوية والقوانين الوضعية في استهداف جميع الصهاينة، لكنهم لن يقدموا على قتل مقعد صهيوني لأن أخلاقهم ما ذهبت ولذلك هم بقوا متشبثين بأقصاهم وأكنافه يذودون بأرواحهم عن ديارهم ووطنهم، فلسطين الأرض والإنسان.

صحيفة «هآرتس» اعترفت أن الحياة في غزة تحولت إلى جحيم لا يطاق بعد أن تحولت لسجن كبير، ولو كانت الصورة معكوسة وقتل قناص فلسطيني معاقاً إسرائيلياً على الحدود مع غزة لرأينا عجائب من الردود الإسرائيلية سواءً المنددة بالجريمة النكراء أو رد الجيش الإسرائيلي العنيف داخل القطاع وكم من الدماء كانت ستسفك في سبيل الرد على قتله».

إبراهيم أبو ثريا شاب في العشرينيات من عمره، له ثلاثة من الأبناء، يقطن بمنزل متواضع بحي الشاطئ بمدينة غزة.

في العام 2008 باغتت طائرة استطلاع صهيونية بصاروخ ثمانية أشخاص في مخيم البريج وسط قطاع غزة ليستشهدوا جميعاً ويبقى أبو ثريا على قيد الحياة.

يقول مصدر: إن أبو ثريا عانى كثيراً بسبب إصابته التي جعلته مبتوراً وبنصف جسد، فبعدما كان قادراً على امتطاء قاربه والعمل بمهنة الصيد، أصبح عاجزاً عن العمل، فظروف حياته الاقتصادية الصعبة دفعته للاتجاه بالعمل بكرسيه المتحرك بمهنة غسيل السيارات من أجل إعالة أسرته، ليثير بعمله هذا دهشة من يراه من الأسوياء.

لم يكترث أبو ثريا لقنابل الغاز المسيل للدموع التي تنهمر بكثافة على الشبان، ولا بطلقات الرصاص التي تقتنص المحتجين على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجائر، وأعلن بدمه الأحمر القاني، عن رفضه لهذه الجريمة وليؤكد للعالم أجمع وقبل ذلك للعدو الصهيوني ولترامب وللسلطة الفلسطينية ولرسميات التطبيع العربي، أن فلسطين تستحق التضحية من أجلها وأن على أرضها التي حبا فوقها مواجها قاتله الجندي الصهيوني، ما يستحق الحياة.

أبو ثريا الإنسان والمقاوم الذي أوصل الرسالة للجميع على طريقته قالها وهو مقبل غير مدبر أن لا سلام ولا تعايش مع الاحتلال الصهيوني، وأن وصيته لأبنائه الثلاثة ولكل أبناء وطنه هي: «إما حياة تسر الصديق وإما ممات يغيظ العدا»، لتبقى كلماته العطرة قبل استشهاده بأسبوع راسخة في قلوب العالم: «هذه الأرض أرضنا ومش راح نستسلم، وأن شعب فلسطين هو شعب الجبارين وعلى القدس رايحين شهداء بالملايين».

أبو ثريا قهر بدمه الاحتلال الصهيوني وحلفاءه وأعوانه وأدواته وهو المقعد جسداً والسوي عقلاً ونهجاً، والمنارة لكل المقاومين الشرفاء.. فماذا عن الأسوياء من أمتنا والعالم أجمع؟

بقلم/ نعيم ابراهيم