لم أجالسه ، ولم التق به ، ولم أشرب القهوة العربية المهيلة معه ، لكنني سمعت وقرأت عنه الكثير ، وعرفته من طلابه وتلامذته ، ومن قراءاتي لأشعاره وقصائده الوطنية والانسانية التي نشرها في الصحافة الشيوعية .
إنه الأستاذ أحمد نايف الحاج ، الشاعر الكفرساوي الجليلي الفلسطيني العروبي ، الذي يعتمر الكوفية والعقال ، والذي كرمه لفيف من أصدقائه ومعارفه وطلابه ومعارفه وأحبابه ورفاقه وأهل بلده وعدد من الضيوف بمناسبة اصداره ديوانه " العجزة " . وقد جرى الاحتفال التكريمي في بلدته كفر ياسيف ، بلد العلم والثقافة التي تخرج من مدرستها الثانوية ، التي تحمل اسم " يني يني " ، العشرات من الشعراء والمثقفين والمبدعين المشاركين في الحراك الثقافي والعمل الوطني العام .
وهذا التكريم المستحق هو لفته انسانية طيبة وتقديرية ، وما أحلى وأجمل أن يكرم المرء في حياته بين أحبائه ، وليس بعد الموت والرحيل .
أحمد الحاج ( أبو نزار ) هو مرب عريق وشاعر فلسطيني مخضرم ، يمتلك ثقافة واسعة لم ينل حقه من الشهرة والانتشار ، رغم انه معروف بين أقرانه ومجايليه وأحبائه ، ولدى الأوساط الأدبية والثقافية في البلاد ، لأنه لا يتقن لعبة الترويج والتلميع الاعلامي ، ولم يبحث يوماً لا عن مال ولا جاه ولا شهرة ، وانما عن حب الناس والالتصاق بهمومهم .
إنه شاعر عروضي وعروبي وكلاسيكي ملتزم بقضايا الجماهير وعذاباتها ، وسباق في النشاط والصبر والتسامح والاستقامة والمبدئية ومناهضة الظلم والقهر والاستغلال والاضطهاد الوطني والطبقي .
أحمد الحاج هو فارس الشعر المقفى ، وأحد الهامات والشامات البارزة في القرية بميادين الشعر والأدب والتدريس والعمل التطوعي والوطني ، وهو شعلة من العطاء ، زرع في الأجيال التي تخرجت من معطفه على عشق الوطن ، وحب الانسان مهما كان دينه ومذهبه وعقيدته ، وظل وفياً لذاته ، وحريصاً على نقائها وصدقها وأصالتها .
له ثلاث دواوين شعرية ، وهي " قبس يتسلل عبر الظلام ، العلقم يقطر قندا ، جراح القلب لا تندمل " . بالاضافة الى ديوانه الجديد " العجزة " .
أحمد الحاج يتقن حرفة الشعر ، متمكناً من لغته وأدواته ، وتطويع اللغة والمفردات لتستجيب لجمالية القصيدة ، وقصائده غنية وثرية بالوهج والاشراق الأدبي والفكري ، وتتجسد فيها الروح الوطنية والعزة القومية والقيم الانسانية والضمير الحي ونقاء الروح والاستقامة كمبدأ ونهج حياة لا يحيد عنه .
إنها قصائد الوطن والحياة بكل تجلياتها ، وتصور آلام الناس وبؤسهم وأحزانهم ومعاناتهم ، ويطغى الجانب الوطني عليها .
وهي تتسم بالجزالة والمتانة والقوة والحس الشاعري والرونق التعبيري والنزعة الكلاسيكية ، وانحيازها للطبقات الشعبية الكادحة المسحوقة وجموع المطظلومين والمستضعفين .
ومن يتذوق الشعر الجميل ينعم بها ويقبل عليها حافظاً له ، ومردداً أنغامه وألحانه .
فلشاعرنا المجيد ، صاحب النفس الشعري هفهاف الجرس ، والشفافية البحتة والأناقة والجمال البوحي ، أحمد الحاج ، خالص التحية ، ومبارك التكريم ، والعمر المديد ، والمزيد من العطاء الملتزم .
بقلم/ شاكر فريد حسن