ليس كغيره من العشاق كان, لم تتسن له الأيام, أو لم تكفه, فهو احب المقاومة والشعب وفلسطين ،, عشقها حتى الثمالة شهادةً, و كان حين يغازل بندقيةً, يغمز من طرف فلسطين, لأن لا لشيء إلا أن فلسطين موسومة في كل ملامحه, في بسمته, في ثنايا جسدها, في روحه،هو سيد الأسرى وعميدهم، وهو المناضل الصنديد، وشيخ الشامخين المعتزين بمقاومتهم، والرافض لسايكس بيكو، والعربي اللبناني الفلسطيني سمير القنطار عاشق فلسطين، الذي قال عند إطلاق سراحه من معتقلات الاحتلال الاسرائيلي،ما خرجت من فلسطين الا لأعود إليها،ولأنه عنوان المقاومة، ترصّد الكيان، وربما عملاؤه، لبطل المقاومة وفلسطين سمير لقنطار ، وأطلقوا عليه صواريخ غادرة أدت لاستشهاده.
سمير القنطار الرجل والقائد والمناضل الذي حمل البندقية وهو ابن الرابعة عشره انتمى الى مدرسة الكفاح والنضال جبهة التحرير الفلسطينية وقاد عملية بيسان في الاردن وامضى ثمانية اشهر في الاعتقال وبعد الافراج عنه قاد عملية الشهيد القائد جمال عبد الناصر لأبطال الجبهة في 22 / 4 / 1979 ، حيث شكلت العملية نقطة تحول هامة في مسيرة الكفاح الفلسطيني هذه العملية التي اشرف عليها الشهداء القادة الامين العام ابو العباس والقائد الشهيد سعيد اليوسف وحسب الخطة المرسومة نفذت العملية واوقعت في صفوف العدو عدد كبير من القتلى والجرحى واستشهدا انذاك اثنان من ابطال العملية واسر القائد سمير القنطار بعد اصابته و القائد احمد الابرص وامضى سمير 29 عاما من الاعتقال، حيث افرج عنه في صفقة الاحرار التي قامت بها المقاومة بقيادة حزب الله ، وانتمى للمقاومة بعد الافراج عنه ، حيث اغتالته قوات العدو بعد 7 سنوات من تحرره من سجون المحتل ، لان القائد الشهيد ارعب الاحتلال من خلال مقاومة الجولان.
ونحن اليوم امام الذكرى السنوية لرحيل فارس من فوارس المقاومة نقف امام انتفاضة الشعب الفلسطيني الذي احبه سمير القنطار ، انتفاضته بمواجهة وعد ترامب وبوجه الاحتلال الصهيوني وقطعان مستوطنية ، هذه الانتفاضة التي تقدم التضحيات من خلال الإرادة الجماهيرية العارمة بالمواجهة في مقابل الموقف الرسمي لبعض الانظمة العربية ، حيث فضحت عمق تورط بعض هذه الانظمة في مشروع تصفية القضية الفلسطينية، الا ان موقف لبنان الرسمي والشعبي واحزابه وقواه الوطنية ومقاومته ومعهم موقف سوريا والعراق والجزائر والشعوب العربية، وهذا يتطلب من الجميع الانتماء ووضع خطط واضحة للعمل القومي، فمستقبل القدس لا تحدده دولة أو رئيس، بل يحدده تاريخها وإرادة وعزم الأوفياء للقضية الفلسطينية.
ونحن في ذكرى عاشق فلسطين نقول ان الجماهير تمضي الجماهير في هبة شعبية على أرض فلسطين يتسع مداها كل يوم، وتفرز أشكالاً أكثر تعدداً وإبداعية للعمل الوطني، وتمضي أكثر لتشكل أرضية لموقف فلسطيني بإمكانه أن يكون صلب، ونحن نتطلع للجميع ان تراهن على عنفوان الجماهير، وفي المشهد العربي تعود القدس والقضية الفلسطينية عنوانا لتلعب دورا كعنوان كسر لكل معادلات الاصطفاف الطائفي والمذهبي، وأداة ناجعة لإعادة تصويب بوصلة الشعوب.
من هنا نرى ضرورة استمرار وتصاعد الانتفاضة وتعزيز وتطوير الهبة الشعبية العربية والعالمية وما اعطته من تأثير كلمة السيد حسن نصرالله التي أوضح فيها برنامج مواجهة العدو وقرار ترامب، فالتحدي الكبير يستدعي استراتيجية ملهمة قادرة على تحقيق أوسع التفاف شعبي حولها، وقابلة للتحقيق، ترسم سقف سياسي قائم على توزيع الأدوار والأعباء بين مختلف هذه القوى العربية ، وتعزز العامل الجماهيري وترفع من قدرة الشعوب على حمل اعباء هذه المواجهة، وتعزز طاقتها في الصمود.
سمير القنطار مارس حبه إلى فلسطين ،ولن يكون كغيره من عشاق قضية مركزية للامة, كما كان عاشقاً للحياة معها, يذرع الحياة كفاحاً و كفاحاً خارج حدود جسد فلسطين المثقل بالآلام, لم يغير بوصلته، وجعلها دوما متجهة إلى حيث يكون الاحتلال الصهيوني، مقاوما، فيما تاهت بوصلات غيره وتغيّرت، وتناسوا فلسطين وخطر الكيان الصهيوني، فيما لم ينسَ القائد الشهيد سمير القنطار، بوصلته والمقاومة، التي آمن بها وشهيدا في الثانية والخمسين من عمره.
لا أعتقد أن الكلمات يمكن أن تفي الشهيد القائد سمير القنطار، لأنه آمن بعدالة القضية الفلسطينية، وبايع نفسه، لكي يكون شهيدا، فداء لذاك الحق، فسمير قنطار، شاء من شاء وأبى من أبى، عميد الأسرى، وابن المقاومة، ورأس حربتها، وسيبقى عنوانا عروبيا حاضرا في نفوسنا ونفوس كل المناضلين.
ختاما : فلسطين اشتاقت لسمير القنطار, وسيبقى الرهان على الشعب الفلسطيني والشعوب العربية واحرار العالم ، لأن قدرتهم على كسر كل معادلات الردع والإحباط، فهذا الشعب الفلسطيني العظيم الذي يقدم الشهداء لهو قادر على الانتصار على الاحتلال ومشاريعه وتحقيق العودة والحرية والاستقلال.
بقلم/ عباس الجمعة