في كل تصويت يخص القضة الفلسطينية , أو أي ادانة لإسرائيل , تقف بعض الدول المجهولة بالتصويت إلى جانب الولايات المتحدة واسرائيل ضد حقوقنا الوطنية , وفي الدورة الطارئة للجمعية العامة للأم المتحدة للتصويت على مشروع قرار يرفض القرار الاميركي الذي اتخذه الرئيس ترامب الاعتراف بالقدس " الموحدة " عاصمة لدولة اسرائيل , ونقل السفارة الأميركية لها , تم التصويت على مشروع القرار العربي برفض القرار الاميركي , ورفض أي تغيير في وضع القدس , حيث تمت الموافقة عليه بأغلبية ساحقة , بلغت ثلثي أعضاء الأمم المتحدة بـــ 128 صوتا , بينما لم يعترض على القرار سوى تسع دول فقط , هي الولايات المتحدة واسرائيل طبعا , ودولتان من أميركا اللاتينية تسيران في ركب الولايات المتحدة هما هندوراس وغواتيمالا , ودولة توغو الافريقية – التي كانت مفاجأة - بينما ظهرت أسماء أربع دول " مجهولة هي : (ميكرونيزيا, جزر المارشال , بالاو , وناورو).
عند محاولتي التعرف على هذه الدول الأخيرة , تبين لي أنها جزر متفرقة تتبعثر في المحيط الهادي , وهي شبه مستوطنات تابعة للولايات المتحدة الاميركية , لا يتجاوز عدد سكانها بضع عشرات الآلاف من السكان.
في هذا المقال سنحاول التعرف على احدى هذه الدول الأربع , والتي تدعى " ميكرونيزيا " , فحينما قررت البحث عن هذه الدويلة , لم تسعفني كل أطالس الجغرافيا الموجودة في مكتباتنا المدرسية والجامعية والخاصة ، في اكتشاف هذا البلد " الميكروسكوبي" , رغم استعانتي بجميع النظارات الطبية المتوفرة لدي , وقد أصبت " بالحول " و" الدوار " وأنا أقلب صفحات الأطالس والموسوعات ، وقررت الاستعانة أخيرا بـ " ميكروسكوب الحشرات المهجرية " , للبحث عن هذا البلد " المجهري " الذي تقول الروايات الإسرائيلية أنه خلق عام 1986 , واستمرت بعد ذلك تحت الوصاية الاميركية حتى العام 1990 , في منطقة " عديمة المكان " تقع بين قارتي آسيا وأستراليا ، في بحر مظلم شرقي دولة الفلبين ، حيث برزت عدة " نتوءات " صخرية ورملية بفعل بركان غاضب ضرب المنطقة منذ مئات السنين ، اكتشفها طيار أميركي أثناء الحرب العالمية الثانية .. كانت هذه النتوءات أو الجزر الصغيرة تبدو له من على بعد آلاف الأقدام من الجو على شكل " مخلوقات ميكروسكوبية" تطفو على سطح البحر المحيط ، وأطلق على هذه الجزر اسم " الميكرو " نسبة لصغر حجمها ... صاحبنا الأميركي مكتشف هذه الجزر اكتشفنا أنه طيار يهودي في الجيش الأميركي يدعى "شموئيل نيزيا" ، ومن يومها أصبح هذا الأرخبيل يسمى " ميكرو– نيزيا" , تكريما لمكتشفها , وقد كوفئ هذا الطيار على اكتشافه بتعيينه حاكما أميركيا على هذا البلد الميكروسكوبي ، وعندما وصل الحاكم " بأمر أميركا " الى هذا الأرخبيل من الجزر، وجد على هذه الأرض قوما احرقتهم شمس خط الاستواء ، لا تستر عوراتهم سوى أوراق الشجر ، يعيشون حياة بدائية في غابات متناثرة على اراضي الأرخبيل ويعتمدون على صيد الحيوانات البرية والسمك.
وقرر السيد الأميركي غزو هذا البلد المجهري لإقامة قواعد عسكرية له, بحرية وبرية وجوية ، وبذلك أصبحت " ميكرونيزيا" أول مستعمرة أميركية في أواخر القرن العشرين , وذلك بعد حرب استمرت لنصف ساعة ، أعلنت فيها القبائل التسع التي تسكن الأرخبيل عن تعيين شموئيل نيزيا ملكا عليها في احتفال دقت فيه الطبول , وتعرى فيه الحضور , حتى من "ورقة التوت" .
ومن يومها أصبحت ميكرونيزيا او " الولايات المتحدة الميكرونيزية " , جزءا من إمبراطورية الولايات المتحدة الأميركية ، وأصبحت الولاية رقم 53 , بعد إسرائيل طبعا في خارطة الولايات المتحدة الأميركية الحديثة .
وبعد هذا الاكتشاف "الميكروسكوبي" ، فإنني لا ألوم أو أعارض تصويت هذا البلد المجهري ومعارضته للقرارات الأممية الخاصة بحقوق الشعب الفلسطيني , أو بإدانة جرائم الاحتلال الاسرائيلي , والتي كا آخرها الوقوف ضد قرار يدين اعتراف الولايات المتحدة بالقدس كعاصمة لإسرائيل ، وإنما ألوم النظام الدولي للأمم المتحدة الذي سمح لمثل هذا البلد المجهول بالحصول على مقعد في الجمعية العامة للأمم المتحدة رغم عدم معرفة أهل هذا البلد بأنهم أصبحوا دولة على خارطة الكرة الأرضية ، فهذا الأرخبيل الذي تقول آخر الاحصاءات , ان تعداد سكانه يبلغ بضع عشرات الآلاف من السكان , هم في الحقيقية بحجم سكان مخيم " عين الحلوة " بجنوب لبنان ، أو بعدد سكان مخيم جباليا في قطاع غزة , أو أصغر مدينة الضفة الغربية .
أرجو أن أكون بهذه المعلومات التي أقدمها عن جغرافية هذا البلد "الميكروسكوبي" قد أفدتُ بها جمهور القراء الذي يود التعرف على هذا البلد المجهول , ببعض المعرفة , والذي لم تكن لي أي معرفة به سابقا , لولا تصويت " ميكرونيزيا " ضد الإجماع الدولي في القضايا التي تخص فلسطين في الأمم المتحدة .
لقد تمكنت من التوصل إلى هذه المعلومات بعد عناء وطول ، وعذرا اذا كانت اطلالتي على الموضوع من عدسة الميكروسكوب وليس من منظار السيد الأميركي ، فهذا البلد المجهري أصغر من أن نطل عليه للقراء حتى من خلال هذا المقال ، وأجبرونا على النظر اليه من أصغر مجهر الكتروني توصلت لاكتشافه الصناعات العلمية الأميركية , ومن الغريب أن يكون هذا البلد المجهول عضوا كامل العضوية في الأمم المتحدة , بينما فلسطين التي تضرب بتاريخها وجذورها منذ آلاف السنين في هذه الأرض , دولة " غير عضو" أو دولة مراقب في الأمم المتحدة , تعترض عليها دولة " ميكرونيزيا العظمى " في كل قضية تتعلق بالحق الفلسطيني , أو الباطل الإسرائيلي , أو كلما " دق الكوز في الجرة " , كما يقول المثل العربي!!
وأخيرا فإنني أخشى أن تصبح " ميكرونيزيا " بعد هذه المواقف العظيمة , دولة عظمى وتطالب الأمم المتحدة بأحقية اختيارها كدولة دائمة العضوية في مجلس الأمن ، ويصبح كاتب هذه السطور مطلوبا لرجال جهاز (الأمن الميكرونيزي السري ) أو جهاز المخابرات الاميركية الــــ ( السي . آي . إيه ) أو ( الموساد ) الاسرائيلي , أو حتى شرطة (الانتربول) الدولية بعد تقديم شكوى في الأمم المتحدة , ضد دولة فلسطين وصاحب هذا المقال الذي يحمل الجنسية الفلسطينية, بتهمة القدح والذم في "المقامات العظمى" والتحريض على الإرهاب , بممارسة الارهاب الفكري والسياسي , ضد دولة " ميكرونيزيا العظمى "!!.
*ملاحظة : هذا مقال سياسي وأدبي " ساخر" , والمعلومات الواردة فيه حول دولة " ميكرونيزيا " , هي من وحي خيال الكاتب.
بقلم/ د. عبد القادر فارس