شفيق قبلان شاعر يعزف على أوتار الروح وقيثارة الدهر

بقلم: شاكر فريد حسن

شفيق قبلان من قرية بيت جن المتربعة على صدر وعرش الجليل الأعلى ، المعروفة بجمال موقعها وجغرافيتها ومناظرها الطبيعية الخلابة وتأثيرها على نفسه الشاعرية النازعة الى الحياة والحرية والجمال والنور .

بدأ شفيق قبلان زقزقته في بستان الشعر ورياض الأدب منذ شبابه المبكر ، ونشر قصائده في الصحف والمجلات المحلية ومواقع الشبكة الالكترونية . وصدر له عدد من المجاميع الشعرية ، منها : " فجر جديد ، شعاع السنين ، وهج الشعاع ، لحن التاريخ ، وتظل الشمس تشرق ، الغد الباسم ، الأفق الذهبي ، أحلى من الشهد ، عزف على أوتار الروح ، قيثارة الدهر " .

شفيق قبلان شاعر رومانسي ووطني انساني النزعة ، هادىء كهدوء بلده بيت جن ، رحب الخيال ، صادق النبرة ، مرهف الاحساس ، يمتاز بقدرته على التعبير اللغوي والتصوير الفني على حد سواء ، وتزخر أشعاره بالرومانسية والتغني بالطبيعة والوطن ، وتتهالك روحه الشعرية في انجاز خلجاته التي تمنحنا مشاعر انسانية ، تجسدها ألفاظه المنتقاة باسلوب مرهف واضح حافل بالبساطة والسهولة والطلاوة والرقة ونقاء الروح .

وما يحببني الى قصائد شفيق قبلان هي صدق صاحبها وعفويته وبساطته ، وتلك الشفافية التي تمتاز بها الألفاظ والمعاني . وهي تدل على انسانيته وطينته المجبولة بالقيم والفضائل ، وعلى طيبته وكراهيته للظلم والعنف والحقد والبغضاء والحروب ودعوته للسلام والتآخي والمحبة بين أبناء البشر .

أما لغته فناضجة وسلسة ، وهي ايحاءات تتأثر فيها مخيلة المتلقي والقارىء .

شفيق قبلان يتقن فن صناعة الكلمات ، ويرسم وعينا صوراً لوطنه الجميل ، ولجليله الحبيب ، وينحت أروع جدارية على قلب الوطن ، والوطن في شعره هو الحب ، والحب هو الوطن :

هل لي بكأس ملؤها حب كبير

هل لي بصبح يطرد الظلمات من ليل المزير

يا أيها الفجر افتقدني ،

أعطني حباً وآمالاً وأحلاماً ونور

يا حامل البشرى على لهب النشيد

يا أيها المجهول أفصح هات بشرى من لهيب

في عالمي المملوء بالأسرار بالأفكار

أفصح أنت لي .. حلو النشيد

يقول الشاعر فهيم أبو ركن ، صاحب دار " الحديث " : " الشاعر شفيق قبلان يمتاز بصدق التعبير والتوجه الوطني ، ويعبر في دواوينه عن آرائه ، وأفكاره ، مشاعره ومواقفه اتجاه قضايا مجتمعه وأبناء شعبه ، أحياناً يجعل حروفه صامدة حازمة في القضايا الوطنية ، كالسنديان ، متجذراً في التربة بين الصخور ، وأحياناً أخرى كالزهر تفوح بعطر الطبيعة الخلابة في توجهها الرومانسي الحالم " .

في حين يرى الناقد د. بطرس دلة أن شفيق قبلان " يملك ناصية الكلمة الجميلة فيسترسل في أجمل المعاني والتراكيب البلاغية شعراً هو أقرب الى النثر منه الى الشعر " .

شفيق قبلان شاعر يجترح الكلمات ويحلق عالياً في فضاء الكلمة ، ويصوغ قصائده بلغة شعرية ، وايقاع موسيقي عذب هادىء ، وشاعرية متقنة ، وانني أرى في دواوينه حديقة غناء ، داخلها شعر جميل وعفوي ، وبواباتها ومداخلها نثر بديع فيه موسيقى وسجع ومجازات واستعارات بلاغية ، معتمداً الاسلوب السهل الممتنع الخالي من الرموز والتغقيدات اللغوية والغلو في اختيار المفردات والمصطلحات ، وتحمل قصائده معان ومدلولات انسانية ووطنية واجتماعية سبكت في قالب شعري وفني سهل وبسيط وسلس قريب من الذائقة الشعبية ، ولنسمعه يخاطب ويتغنى بقريته " بيت جن " ، فيقول :

يا بيت جن وهذي الشمس ترمقنا

تثير في النفس ذكرى عالم ماض

قد عارك الصخر أجداد لنا ذهبوا

في عزمهم طينة الأبطال في الأرض

فكل فاتنة ترخي الضفائر إذ

تختال فوق رباك مشية الأسد

تفردت بجمال العين وا لهفي

عين الغزالة لا تلوي على أحد

يزينها الغنج صبحاً فوق رابية

وينبت الزهر فوق الأرض والوتد

فيك الجمال وآيات من الكتب

في جوها يعبق الريحان مبتهجاً

ويلتقي الشيب والشبان في طرب

ويمكن القول ، ان شفيق قبلان يتفرد بصوته العذب الدافىء ، الذي يعبر عن لواعج النفس والوجدان ، والمشاعر الوطنية بشفافية ، وهو يكثر من استخدام كلمات مثل النور والضوء والفجر والصباح لما تحمله من دلالات وعلامات تفاؤلية بانبلاج الفجر وسطوع الشمس بعد انتظار .

فالف تحية لشفيق قبلان الجليلي المغرد كالحسون ، وأتمنى له المزيد من العطاء الشعري ، والى الأمام .

بقلم/ شاكر فريد حسن