في الوقت الذي تفتش فيه القيادة الفلسطينية عن راعٍ جديد لاستئناف المفاوضات مع إسرائيل، وذهبت حتى فرنسا والصين من أجل ذلك، يفتش عضو الكنيست الإسرائيلي عن حزب الليكود أورن حزان عن أنسب الطرق وأقصرها لفرض حقائق جديدة على الأرض، بما في ذلك التصويت في الكنيست يوم الأحد على ضم مستوطنات الضفة الغربية والقدس إلى دولة إسرائيل من جهة، وإرهاب الفلسطينيين من جهة أخرى.
لقد مارس عضو الكنيست الإسرائيلي الإرهاب المنظم بشكل علني، وأمام وسائل الإعلام، حيث قطع طريق الآمنين، وروع النساء اللاتي ذهبن لزيارة أبنائهن الأسرى في السجون الإسرائيلية بعد الموافقة الأمنية، وبعد عبروهن الحواجز الالكترونية، وبعد التنسيق الكامل للزيارة مع الصليب الأحمر الدولي، الذي لم يحل بين الإرهابي أورن حزان واعتراض حافة أهالي الأسرى الفلسطينيين المتجهة إلى السجون الإسرائيلية.
لقد رتب عضو الكنيست أورن حزان ومن معه من يهود لهذا العمل قبل عدة أيام، وأعلنوا عن عملهم عبر وسائل الإعلام، وخططوا لمكان اعتراض الحافلة، وحددوا الفترة الزمنية التي سيتم فيها اختطاف الحافلة، وأعلنوا أن هدفهم هو إيصال رسالة لحركة حماس، كي تسمح لأهالي الأسرى اليهودي بزيارة أولادهم الأسرى في غزة.، وقد استمعت إلى لقاء عبر الإذاعة العبرية مع المسؤول عن العمل الإرهابي والمدعو يوئيل مارشاك، والذي تبجح بكل غرور عن ساعة الصفر والهدف، وهذا يؤكد أن الشرطة الإسرائيلية كانت تعلم بموعد العمل الإرهابي، الذي حظي بموافقة المستوى السياسي الإسرائيلي، وما يعكس إرهاب الدولة المنظم، والذي يجب ألا يمر بلا محاسبة دولية، وبلا شكوى رسمية إلى الأمم المتحدة، إنه عمل إرهابي رسمي يجب أن يواجه بصرخة فلسطينية مدوية على طرق المستوطنين، وعلى الحواجز الإسرائيلية، صرخة غضب تؤكد أن الشعب الفلسطيني لن يصمت على الإهانة مهما كلف الثمن.
لقد قلب الإرهاب اليهودي ضد أمهات الأسرى الفلسطينيين المشهد الإنساني، وبدل أن يتوجه هؤلاء اليهود بالمظاهرات والمسيرات ضد حكومتهم، في محاولة للضغط عليها لإتمام صفقة تبادل أسرى، لجأ هؤلاء المتطرفون إلى ماضيهم المظلم، وإلى وجدانهم المعبأ حقداً وإرهاباً ضد الفلسطينيين، وراحوا يشتموا الأسرى الفلسطينيين وأمهاتهم أمام وسائل الإعلام، بشكل يستخف بكل القيم الإنسانية، والمواثيق الدولية التي داستها دولة إسرائيل تحت رصاص الحقد والتطرف.
أم الأسير الفلسطيني الذي أهانها عضو الكنيست، وقال لها: ابنك حشرة، وابنك كلب، لم تسكت، وردت على عضو الكنيست بالجملة نفسها، رغم حساسية الموقف، ورغم حالة الترهيب التي مارسها مختطفو الحافلة، إلا أن رد أم الأسير لم يتأخر، وهذا يؤكد على ضرورة عدم تأخر الرد الفلسطيني الرسمي، ولاسيما أن الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية ينتمون إلى كل التنظيمات الفلسطينية، وواجب الرد يقع على عاتق الجميع، ولا داعي لانتظار الرد من غزة على اعتبار أن الإهانة والإساءة جرت لنساء غزة، بل يجب أن يكون الرد في غزة والضفة الغربية والقدس، وحيث تمكن الفلسطيني من الرد الموجع في رأس المستوطنين والجنود الإسرائيليين وأعضاء الكنسيت الإرهابيين؛ الذين صار تحقير العرب والتوسع الاستيطاني، ورفض أي اعتراف بحقوق الفلسطينيين السياسية، هو المجال الرحب للتنافس فيما بينهم لكسب الصوت اليهودي؛ الذي لم يعد يرى عرباً في البلاد يستحقون الحياة، أو يستحقون شبه دولة.
د. فايز أبو شمالة