عام مضى على أجندة فلسطين والمنطقة، عام مضى وهو يحمل كوارث وانتصارات، عام اتى ونحن نتطلع فيه الى حمل راية ديمومة الأمل ،الذي تحلم بها الأجيال، فهل نجعل من هذا العام وقفة لاستخلاص العبر والدروس وتصويب مسيرتنا وتخليصها من الشوائب.
عام مضى ترتب على تبعات سياسية خطيرة على مجمل قضيتنا الوطنية والنضال الطويل والمرير الذي يخوضه الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال من أجل نيل حقوقه المشروعة، فأرادته الولايات المتحد الامريكية ورئيسها عام وعد بلفور ثاني من خلال الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الكيان الصهيوني، وهذا يؤكد تآمر الإدارات الامريكية المتعاقبة ضد حقوق شعبنا الفلسطيني وتطلعاته المشروعة بالعودة والحرية والاستقلال، حيث يسقط كل المراهنين على الدور الأمريكي في حل الصراع العربي الصهيوني لانهم شركاء في وصول القضية المركزية لهذه النقطة الحرجة التي تمر بها، فتاريخ الامبريالية الامريكية ومن قبلها البريطانية كان تاريخ حافل بالتآمر على الشعوب وتشريدها واستعمارها فكيف يكون جلادو الشعوب وسيطاً نزيهاً وضامناً لحل الصراع، وقرار ترامب ما كان ليمر لولا تحالف الانظمة الرجعية العربية مع الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، هذه الانظمة التي تقود حالياً عملية التطبيع مع دولة الكيان تحت مسميات ومبررات مختلفة، ويحاولون شرعنة وجود دولة الكيان على حساب حقوق شعبنا المشروعة، من خلال ارسال وفود التطبيع الى دولة الكيان .
عام مضى والشعب الفلسطيني ينتفض ويقود هباته وانتفاضاته بكل بسالة مدعوما من الشعوب العربية وشعوب العالم والتي خرجت بها التظاهرات ضد قرار الولايات المتحدة الامريكية الظالم والمجحف، عام مضى والقضية الفلسطينية تحظى في التضامن الاممي من قبل احرار العالم ، لهذا نقول ونحن على ابواب العام 2018 ، وذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة ، ان انتفاضة فلسطين في الضفة والقدس وغزة وفلسطين التاريخية لم تتوقف ضد هذا قرار ترامب الجائر وضد صفقة القرن ، وهذا يستدعي تصعيد المقاومة بوجه المحتل بكافة الاشكال والسبل المتاحة ورسم استراتيجية وطنية في مواجهة العدوان الصهيوامريكي، ترتقى إلى الحد الأدنى ، لأن الجميع يعلم أن الولايات المتحدة الامريكية لا يهمها أي قرار ادانة أو استنكار أو أي إجراءات سياسية ضدها، وهذا يتطلب العمل على انهاء الانقسام الفلسطيني الفلسطيني، و العمل على تصعيد الانتفاضة ضد الاحتلال .
من هنا نقول لا تموت الأعوام ولا الأيام الفلسطينية، ولا ينطفىء نورها ، ما زالت الثورة الفلسطينية ترفد الأعوام وهي تتوج جبين الزمن الفلسطيني بغار التمرد رغم ان فلسطين ما زالت في الأسر، ولكن الشعب الفلسطيني بانتفاضته وصموده وتضحياته يحمل بشائر التحرير والحرية والوحدة.
عام مضى هو الأسوء على الشعب الفلسطيني،حيث المؤامرات تحاك واستمرار الإنقسام والحصار وغياب الإعمار واغلاق المعابر في قطاع غزة، والقدس والضفة "تغول" و"توحش" في استيطان غير مسبوق وسياسة عقاب جماعي ،ونزيف دم متواصل وشهيد يودع شهيد، ولكن شعب فلسطين لن يسمح ان تمس القدس وحق العودة والحدود والثوابت الوطنية، وهو يتطلع الى كل الفصائل والقوى اقول لهم كفى انقساما ، عليكم بتطبيق اتفاقات المصالحة ورسم استراتيجية فلسطينية ، بدلا من مواصلة مسلسل الردح والردح المضاد،وكذلك التحريض، ومستقبل قضية فلسطين سيقرره الشعب الفلسطيني ، رغم ان الواقع العربي الآن يمر في مرحلة دقيقة وحساسة للغاية، حيث يعيش حالة تمزق وحالة صراعات مذهبية وطائفية بينما يتوهم الأعداء بأنهم يستطيعون تصفية القضية الفلسطينية، ولكن لم يعلموا ان شعب الجبارين سيفشل مشاريعهم ، وأن الشعب الفلسطيني وقواه وفصائله ومعهم القوى التقدمية والقومية في أمتنا العربية ستنهض وستستيقظ وتدرك حجم التحديات المحيطة بها من اجل اعادة البوصلة الى حقيقة الصراع .
عام مضى وحالة شعبنا في مخيمات اللجوء،ليست بالأفضل من هذا الواقع والحال، فكل الصراعات والخلافات العربية،خلافات الأقطار مع بعضها البعض ، حيث شعبنا في أغلب الحالات الضحية ويدفع الثمن، طرد وتهجير ولجوء جديد،ومطاردة في الحقوق والوجود المؤقت ولقمة العيش، الا ان نقدر مواقف الدول التي تساند الحق الفلسطيني
من هنا علينا أن نعترف بأن الاداء،ليس بحجم تضحيات الشعب ،حيث نرى الجماهير متقدمة في الموقف والفعل،وهذا ما لمسناه جيداً في الهبات الجماهيرية ، فالمطلوب قراءة علمية ودقيقة وعميقة للمتغيرات والتطورات المحيطة بنا،وكيفية توظيفها لخدمة المعركة السياسية والجماهيرية والوطنية،من اجل حماية حقوقنا ومشروعنا الوطني، وان نستوعب بعضنا البعض في إطار يوحد كل جهودنا وطاقاتنا من اجل فلسطين.
حصاد عام مضى،فيه انتصارات حققتها قوى المقاومة العربية في سوريا والعراق ولبنان على الارهاب حيث شكلت هذه الانتصارات رسالة تحذير لأمريكا وللرجعية العربية بأن حركة التحرر الوطني العربية ستنهض من جديد، ولن تمر قضية القدس مرور الكرام في تاريخ هذه الأمة.
ختاما : نقول ان الكثير من الأخطاء والإخفاقات جرت ،وقليل من الإنجازات، حيث سقطت جميع الرهانات على دور أمريكي نزيه ومحايد، واتضحت الصورة الحقيقية لأمريكا دون رتوش، فهل نشهد العام القادم انتفاضة شعبية ومقاومة باسلة ، وأن تظل إرادتنا مشدودة للعمل وعامرة بالأمل والتفاؤل.
بقلم/ عباس الجمعة