خطة ترامب لمواجهة ابو مازن

بقلم: هاني العقاد

منذ ان اعلن ترامب القدس عاصمة للدولة المارقة والشاذة في الشرق الاوسط دولة اسرائيل واعلان القيادة الفلسطينية على الملء ان امريكا لم تعد راعية للعملية السلام في المنطقة وقد اخرجت نفسها بنفسها من رعاية العملية السياسية وتخلت عن دور محوري و مركزي في المنطقة , ومنذ استنفار القيادة الفلسطينية وعلى رائسها رئيس السلطة ابو مازن على المستوي الدبلوماسي وانتفاض الشعب الفلسطيني بكل شرائحه السياسية و الشعبية في وجه هذا الاعلان الخطير ونجاح الفلسطينيين في حشد اطار دولي معارض لسياسة الولايات المتحدة واسلوب تعاملها مع القضية الفلسطينية والذي تمثل في نجاح الفلسطينيين في حشد 129 دولة في الامم المتحدة والتصويت لقرار تاريخي لإبطال قرار ترامب دوليا وبالرغم من افشال واشنطن قرار مجلس الامن بالفيتو الامريكي الا ان واشنطن شعرت بالإهانة لكبريائها في العالم وشعرت ان سيادتها المركزية لم يعد لها أي تأثير بالفعل الفلسطينيين ,والاكثر من هذا ان ترامب نفسه شعر بالإهانة والتحدي والغضب مما جعله يوعز لمستشارية في التخطيط الاستراتيجي والامني لإعداد خطة لإزاحة الرئيس ابومازن راس الحربة في اهانة امريكا بالعالم واستبداله بشخصية فلسطينية اكثر مرونة ومقبولة اسرائيليا وتحظي بإجماع عربي كبير.

هنا جاءت خطة ترامب لمواجهة التصدي الفلسطيني لإرادته ورغبه وخطته للتعامل مع ملف الصراع وبالتالي مواجهة رفض الفلسطينيين لأي حلول للصراع على اساس الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وايجاد عاصمة بديلة للفلسطينيين , ولعل هذه في نظري تعتبر من اغبي الخطط لأنها تتلخص في التدخل الغبي والمكشوف في الشأن الداخلي الفلسطيني وفرض قيادات بديلة لتلك التي تمثل ارادة الشعب وتتمسك بثوابته من خلال ازاحة الرئيس ابو مازن عن الحكم ليتسنى لواشنطن تنفيذ مخطتها واخراج ما اطلق علية "صفقة القرن" دون التطرق الى الالية التي ستتبعها الادارة الامريكية لإسقاط حكم ابومازن واستبعاده عن الحلبة السياسية بل وتجريدة من أي تأثير سياسي على المشهد الفلسطيني برمته , ولعل هذا جاء نتيجة قراءة المشهد الفلسطيني وتحدثت عنه وكالات الانباء والصحف الكبرى بالعالم عشية تصويت الامم المتحدة على قرار ابطال اعلان ترامب وعشية عودة ابو مازن من جولته الاخيرة والتي شملت السعودية وقطر خالي اليدين ودون أي دعم سياسي ايجابي يشد اذر الرجل ويقوي موقفه الرافض للتعامل مع الادارة الامريكية على اساس انها راعية للعملية السياسية , ولعل تعليق اعلان البيت الابيض العمل بخطة السلام التي اطلق عليها "الصفقة الكبرى" واخراجها الان يوحي بان البيت الابيض الان بصدد تغير لغة التعامل مع الفلسطينيين بلغة اسمها اللعب " اللعبة القذرة" وهي السياسة التحتية الخطيرة لعمل اجهزة استخباراتها بالعالم العربي والتي نجحت الى حد كبير خلال الفترة الماضية واستطاعت تنفيذ خطط ناعمة ازاحت فيها رؤساء وقادة واتت ببدائل والصقتهم بالصمغ والدبابيس في الكراسي .

لا اعتقد ان اللعبة الامريكية القذرة ستنجح مع الفلسطينيين وسيسمحون بان تحكمهم دمية بالمقاس والمعتقد الامريكي تجلس على كرسي لتنفذ البرنامج الذي رفض الرئيس ابو مازن ان ينفذه وعارضه بقوة وهنا لابد وان نقول ان متطلبات الخطة الأمريكية الجديدة لإزاحة الرئيس ابو مازن باتت اكمن في قبول الولايات المتحدة تحسين بع بنود الخطة ولا يأتي ذلك الا من خلال ايجاد حل وسط لقرار ترامب الداعي باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل بتعديل القرار ليتحدث عن قبول واشنطن بان تكون جزء من القدس عاصمة للدولة الفلسطينية وذلك فقط ليهتف الفلسطينيين للقادم و يضبح القائد الذي اعاد القدس للدولة الفلسطينية وهما وليس حقيقة , اعتقد ان خطة ترامب القذرة والتي نالت موافقة بعض دول الاقليم اصبحت مكشوفه وادركتها كل النخب السياسية الفلسطينية والفصائل و اقول للفلسطينيين انكم على ابواب قائد كبير سيظهر اليكم الايام القادمة باعتباره من سيسقط قرار ترامب ويعمل على الغائه ويجبر الولايات المتحدة على الاعتراف الصوري بالحقوق الفلسطينية دون وعودات رسيميه وجادة بمنحها للفلسطينيين وانما فقط لتصور للشعب الفلسطيني ان هذا الخليفة الذي سيجلس على الكرسي اكثر تمسكا بالثوابت واكثر حفاظا على الحقوق الفلسطينية من الرئيس ابو مازن , انها لعبة الكراسي تلك اللعبة القذرة التي بثمنها تضيع الاوطان وتنسخ الوطنية وتتلاشي ويصبح الشعب مجرد عبدا للشعارات والخطط الوهمية والوعودات الكاذبة ويكثر خلالها المسوقون والمنظرون ويختفي فيها البائعون تحت طاولات الحكام ويكثر المروجون لمرحلة التحرر المزيف والدولة من ورق والعاصمة الوهمية والسيادة التي لن تكون الا تحت الوصاية .

ان كان ترامب نجح في الرهان على جهل الشعوب في الاقليم فان مراهنته على جهل الشعب الفلسطيني مجرد وهم واذا كان ترامب قد ضمن موافقة بعض الحكام في هذا البلد او ذاك فانا اقول ان الشعب الفلسطيني يدرك السيناريو الامريكي القذر ولن يقبل احد ان يكون البديل الذي تفرضه هيئات جهاز المخابرات المركزية الامريكية لان الشعب الفلسطيني يستطيع ان يقارن بين هذا وذلك والغث والسمين ويعرف خلفيات كل القادة وانتماءاتهم ولن تستطيع كل سيناريوهات واشنطن وخططها السرية والعلنية ولا اموال العرب ان تغير من قناعة ابناء الشعب الفلسطيني بفصائله ونخبه السياسية ومثقفيه وتجمعاته الشعبية مهما كان شكل وجودة الاقنعة الى سيرتديها عملاء واشنطن تنفيذا لخطة ترامب فلن يقرر الشعب الفلسطيني التخلي عن قيادته الا بقيادة شرعية وطنية واضحة يختارها الشعب الفلسطيني من بين صفوفه لتكمل المسيرة وتبقي الراية مرفوعة مهما واجه من سياسات امرو اسرائيلية لتصفية القضية الفلسطينية لصالح المحتل .

بقلم/ د. هاني العقاد