الكاتبة الكويتية ليلى العثمان تنفض الغبار عن حياتها في سيرتها الذاتية

بقلم: شاكر فريد حسن

في كتابها " أنفض عني الغبار " ... سيرة حياة كاتبة ، تعود الكاتبة الكويتية الى منابع الكتابة ووجع الطفولة وقساوة الأم وسطوة الأب ، والتسامح في الكويت مع حق وحرية الاختلاف ، قبل أن يبرز التحدي والمواجهة مع الأفكار السلفية الرجعية ، حتى لو كان الثمن غالياً وراء قضبان السجن .

وليلى العثمان كاتبة وناقدة كويتية ، سطع نجمها وتألق اسمها كثيرًا في فضاء الأدب وعالم الكتابة ، وهي تقفز  فوق سور الحريم ، وتتسم بالشجاعة والجرأة في حياتها وكتاباتها ، وفي نشر ثقافة التنوير في مواجهة الظلامية .

أبصرت ليلى العثمان نور الحياة في مدينة صغيرة على البحر ، وكانت أمها تتمنى أن تنجب صبيًا ، ولم تتورع عن محاولة رميها من النافذة ، ولكن تدخل الممرضة حال دون ذلك ، فكتبت لها حياة جديدة ، ولم تغرق في البحر .

بدأت ليلى العثمان رحلتها الأدبية وهي ما زالت على مقاعد الدراسة وتحديدًا في عام ١٩٦٥ ، حيث نشرت العديد من المقالات التي تناقش القضايا الأدبية والاجتماعية ، ومنذ ذلك الحين التزمت ببعض الزوايا الاسبوعية واليومية في الصحافة الكويتية والعربية .

وصدرت مجموعتها القصصية الأولى " امرأة في إناء " سنة ١٩٧٦، وروايتها الأولى " المرأة والقط " سنة ١٩٨٥.

وترى ليلى العثمان في الكتابة " حرفة الشقاء والسعادة ، سرير الحرير والشوك " ، وهي تقول : " في كثير من الأحيان أحس أن الكتابة هي أمي وأبي اللذان لا بد أن أخفض لهما جناح الذل من الرحمة ، وهي أولادي والاستعمار الذي لا أناهضه ولا أقوم بثورة ضده ، وهي الرجل الذي أحب ، ومهما عذبني أتوق اليه ، وان هجرني بحثت عنه ، وان مللت منه طلقته عنادًا ، ثم عدت اليه قبل أن تنتهي شهوة العدة " .

جاءت سيرة ليلى العثمان الذاتية " أنفض عني الغبار " في ٢٤٢ صفحة ، وكتبت في الاهداء : " الى أولادي الستة واحفادي هذه حياة أمكم ، واتمنى أن تكون حياتكم أفضل " .

وقدمت نجمة ادريس للكتاب باعتباره " اضافة مهمة الى أدب السيرة الذاتية في منطقتنا ، حيث ندرة هذا اللون من الكتابة ، وان وجدت فعلى استحياء وتردد ، ولعل هذه البادرة تنفض الغبار عن القرائح وتؤسس لهذا الأدب الشائق ".

وتحدثنا ليلى عثمان عن البدايات في الكتابة قائلة : " كنت محظوظة يوم بدأت النشر في الصحافة عام ١٩٦٥ ، فقد كان مجتمعي آنذاك منفتحًا يتنفس هواء الحرية ، مجتمع آمن بالمرأة وحقها في التعليم والعمل والتعبير عن ذاتها ومشاعرها بصوت صريح وجريء ، لقد كتبت في فضاءات رحبة متحررة من كل قيد ، ونشرت كل ما كتبته في الصحف اليومية والمجلات ، وكان جريئًا فلم يعترض أحد حينها ، ولم يكن للرقابة أي سلطة " .

وفي الفصل الأول من كتابها تتساءل ليلى العثمان : " لماذا بعد كل هذه السنوات اقرر أن انفض غباري وأكتب ؟ هل لأنني كبرت وأخشى أن يأتي الموت فجأة فأدفن في قبر مظلم يغطيه التراب ، لقد خزنت واقعي ، وأشعر الآن أنني مثقلة بسنوات عمر التهمت الكتابة نصفه " .

وتروي ليلى العثمان في فصل " رواية المحاكمة " قصتها مع التيار الاصولي السلفي المتعصب ، الذي رفع ضدها قضية في العام ١٩٩٦ ، يتهمها بالدعوة الى الفجور والفسق في رواياتها .. فتقول : " في عام ١٩٩٦ قام أربعة من الذين ينتمون الى الجماعات السلفية برفع دعوى ضدي في المحكمة يتهمونني فيه بنشر كتب تدعو الى الرذيلة ، وتحث على الفسق والفجور . استمرت المحاكمة أربع سنوات وحين صدر الحكم بسجني مدة شهرين مع الشغل والنفاذ ، كنت حينها في بيروت ، قال لي صوت من داخلي : أكتبي . لا شيء غير الكتابة منقذ وشاف . وهكذا ولد كتاب " المحاكمة مقطع من سيرة الواقع " ، الذي منعته الرقابة في الكويت ، كما منعته الرقابة في الكويت ، كما منعت الذي صدر قبله أثناء المحاكمة ، رواية " العصعص " ، والمجموعة القصصية " يحدث كل ليلة " ، وتشير الى " أن تلك الدعوى ساهمت في دفعي الى الكتابة " .

وتنهي ليلى العثمان كتابها بعبارة " ولم تنته الحياة بعد " .

في سيرة ليلى العثمان متعة وتشويق ومعرفة ، نقرأ فيها بوحاً صادقاً وشفافًا ، وسرداً جميلاً ، وتواصلًا مع الكلمة .

بقلم/ شاكر فريد حسن