كم أطرب وأترنم على وقع حروف وموسيقى قصائدها ، وكم أشعر بالزهو والسعادة والمتعة الجمالية الذوقية حين أقرأ وأعيش مع معاني نصوصها ، إنها الشاعرة السورية المتألقة جمالًا ووهجًا وروحًا وعشقًا ودفئا واشتعالًا وجدانيًا ، الدكتورة ليلى الصيني .
فهي شاعرة رقيقة وعذبة ، وطائر مغرد على دوحة الشعر الجميل ، ونجمة تناغي القمر ، وبمداد الحب تكتب وتعزف على قيثارة الحلم والحنين أوتارًا من لحن السماء وهمسات العشق والياسمين .
قصائد د. ليلى الصيني تحمل الطابع الغزلي العاطفي الوجداني الذي يملأ النفس ، فيها الدفء والنضوج ، تطفح بالأحاسيس الجياشة ، وتعبق بالوجدان ، وهي شديدة التكثيف والاختزال ، تتدفق من بين كلماتها أحلامها الأنثوية المتوثبة كامرأة يجتاح قلبها الحب والاشتياق ، وتشدنا بأجوائها ولغتها .
وأبرز ما يميز شاعرتنا ليلى الصيني هو عدم التصنع في صياغة التعبير ونسج الكلمات ، فهي لا تبحث عن فذلكات لغوية ولا نحت تعابير وجمل وكلمات براقة وجوفاء من المعاني ، وانما يأتي نصها الشعري عفويًا ومتدفقًا كالماء في أحاسيس القارىء .
واننا نجد كل قصيدة من قصائدها أرق وأعذب وأجمل وأشهى من سابقاتها ، فهي تحاكي وتعانق القلب والروح معًا ، وتعتمد أسلرب الومضة الأقرب الى القلب :
يداعبني سكون الليل
يهمس لي
وعيون الفجر ترقب
نغمات صوتك
تتراقص غلى أوتار مسامعي
وفي غفلة مني
تسللت الى أطراف قلبي
لتعلن اشتياقي لك
ليلى الصيني شاعرة مميزة تحلق في آفاق الخيال ، تضرب في أعماق الوجدان ، وتعكس خلجات الشعور وأسرار النفس ، وتناجي نبضات القلوب بصور شعرية أنيقة يغلب عليها التأنق والجمال من نظرتها الى الحياة والطبيعة والوجود والجمال الانساني الثري بالألوان ، وتزخر بالاستعارات والأوصاف والتشبيهات الخلابة ، ويتسم بوحها بالصدق والبساطة والموسيقى الناعمة ، ولا شك أن هذه العناصر هي أهم سمات وعلامات الشعر الجيد الرائع الذي نؤمن به وندعو اليه .
قصائد شاعرتنا ليلى الصيني بمثابة حديقة غناء فيها من جميع أنواع وأصناف الزهور والورود ، لم يتمكن الخريف من تغيير معالمها ، أو كشجرة تحمل أزهارًا عطرية واثمارًا شهية ، بل هي ينبوع صاف مغطى بالحشائش الخضراء يتسرب منها الماء الزلال .
فهي شاعرة مبدعة تغني بالزهور والرياحين ، وتنشد مع البلابل والحساسين ، وتنوح مع اليمام النازح ، وتمزج قصيدتها بأوتار فؤادها ، فجاءت صادقة الوصف ، موزونة النغم ، معبرة عن اختلاجات الروح ، لم تتجاوز في ما وصفت ولا بلغت الغلو :
يا من عذبني هواك
أذابني ذوبان الثلج باحتراق
ضمني فقد أرهقني البحث عنك
وترقرقت لاشتياقك الدمعات
ناديتك ، فقلبي قبل صوتي
أنام وأتنفس شهقاتك
رائحتك
تملأ رئتي بعطرك الأخاذ
تعال أرهقني الانتظار
في صدري أشواق ونار
تعال وقل لي أحبك
لينتهي المشوار
الدكتورة ليلى الصيني ، فراشة الحروف الناطقة النابضة بالحب والعشق والهوى ، وعاشقة الليل الحزين ، شاعرة رومانتيكية في رقة الهواء ، وصفاء الماء ، قادرة على البوح والتجلي والايحاء ، وهي من التجارب الشعرية المتفردة بنكهة كلماتها وشفافية روحها ، تجمع بين عذوبة الحرف وأصالة الكلمة وجمال التعبير ، ولغتها الشاعرية قريبة الى القلب ، ونتفاعل معها بشيء من الحلم والخيال ، تكتب نصها باحساسها وخلجاتها ، فلها التقدير ودام نبضها وقلمها.
بقلم/ شاكر فريد حسن