ما يشاع كل يوم عن صفقة القرن والخطوات التي تتبعها دولة الاحتلال والإدارة الامريكية سعيا لتنفيذها تشير الى حرب شرسة طاحنة ضد غزة وأهلها لإجبارهم على الهجرة الى سيناء التي سيكون الامر فيها ممهد لاستقبالهم في لجوء جديد بعدما تكون كافة التحضيرات السياسية واللوجستية جاهزة لبناء دولة فلسطينية تتمثل في قطاع غزة واضافة ضعف مساحة القطاع لها من الأراضي المصرية في صحراء سيناء التي فعليا بدأ الجيش المصري بتهجير أهلها.
المثير هنا ان الشعب الفلسطيني في الحروب الثلاثة الأخيرة التي شنها جيش الاحتلال رغم ضراوتها وقسوتها لم يتحرك خارج قطاع غزة ولم يتم رصد أي هجرة حتى من المناطق الأكثر سخونة ودموية التي حدثت بمنطقة الشجاعية وخزاعة ورفح حيث اضطر فقط من تهدمت بيوتهم لتركها والبحث عن مأوى يبعد كيلو مترات عن بيوتهم المهدمة والمدمرة، وسرعان ما عادوا إليها.
فكيف يمكن لأهالي القطاع ان يكون لهم معرفة مسبقة بنوايا تهجيرهم ويقدموا على هجرة جديدة مهما كانت شراسة المحتل وإجرامه ودموية جنوده التي اعتادوا عليها عبر عقود من الاحتلال البغيض لفلسطين ومجازره التي ما توقفت يوما.
من هذا المنطلق تجد أن حدثا يمكن ان تقع فصوله سيكون بمثابة ضربة كبيرة لكافة الجهود الصهيوامريكية مع من تواطئ معهم من الأنظمة العربية التي باتت مجرد أداة لتنفيذ اجندات الاحتلال عبر الإدارة الامريكية مقابل حماية مناصبهم وكراسيهم في بلادهم.
ماذا لو بدأت دولة الاحتلال او حتى قبل ان تبدأ حربا ضد غزة للبدء بتنفيذ مخططاتها للقضاء على القضية الفلسطينية لتجد ان المواطنين في غزة قد بدأوا فعلا هجرة بمئات الألوف ولكن هذه المرة للداخل الفلسطيني الى ما بعد بيت حانون وليس الى ما بعد رفح؟!!
ماذا لو صنع المواطن الفلسطيني بعيدا عن أي حراك عسكري لمجرد توجه مئات الألوف من سكان قطاع غزة بشبابه وأطفال وشيبه ونسائه يرفعون علم فلسطين وايديهم خالية حتى من الحجارة متوجهين الى ما بعد بيت حانون لتنفيذ حقهم الذي ايدته كافة الشرائع السماوية وتنص عليه القرارات الدولية والأممية بحق العودة.
حق العودة.. ها هو الشعب الفلسطيني يريد تحقيق جزء منه حيث سيعود من غزة كافة من لجئوا اليها خلال حروب الاحتلال منذ العام 1948- 1967!!
اعتقد ان ما تعيشه غزة ومواطنيها من أزمات إنسانية واخلاقية والتي مست كافة مناحي حياتهم ولن نطيل بسردها فأصبحت معروفة للقاصي والداني من الكرة الأرضية وما يعانيه هذا القطاع من موت بطيء كل دقيقة من حياتهم ولا تزال تحاك ضدهم كل سبل الحصار والتجويع وسد منافذ الحياة الطبيعية التي هي حق لأي انسان على وجه البسيطة!!
لن تزيد الأمور بهذا السياق سوى تعقيدا للأخرين وليس لأهالي غزة فغزة ما عاد لديها ما تخسره من حياة فليس لديها حياة تبكي عليها عبر احدى عشر عاما من حصار مرير تأمر الجميع عليها به لجعل غزة السجن الأكبر بالعالم، لكنه سجن بلا مرافق وبلا خدمات، فالسجين لديه حقوق من طعام وشراب وعلاج وما الى ذلك من حقوق..
هاجروا يا أهل غزة.. هاجروا ولا تنتظروا قرار تنظيم او فصيل.. هاجروا الى فلسطين.. بلادكم وقراكم في المجدل وعسقلان والجورة.. هاجروا إلى مسقط رأسكم ونفذوا القرارات الدولية التي منحتكم هذا الحق فقد انتظرتموها عقود دون ان تنفذها تلك الدول الكبرى التي أصدرت هذه القرارات وأقرت بأحقيتها لكم.
توجهوا بمئات الألوف الى بيت حانون مسالمين مكبرين ورايات فلسطين تتعانق مع مفاتيح بيوتكم التي لا تزالوا تحتفظوا بها.. هاجروا فلن يخرجنا من أزمتنا سوى نحن في ظل واقع مرير بانت فيه الحقائق وظهرت الخيانات جلية لما يحاك ضدكم من عرب وعجم.
هاجروا يا أهل غزة الى ما بعد بيت حانون قبل ان يفرضوا بالقتل والدمار الى تهجيركم الى ما بعد رفح!!
بقلم/ محمد فايز الافرنجي