خلال العقد الأخير وتحديدًا بعد الانقسام والتشرذم الفلسطيني ، يلاحظ أن التفاعل مع القضايا الوطنية في الضفة الغربية تقاعلًا باهتًا لم يرق اطلاقًا لمستوى الأحداث . وهذا ما لمسناه بشكل جلي أيضًا بعد القرار الامريكي القاضي بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الاسرائيلي ،فاللافت هو ضعف الرد الرسمي الفلسطيني ، والتفاعل الجماهيري الشعبي الفلسطيني ضد هذا القرار المشؤوم المجحف والأحمق ، خلافًا لكل التوقعات بأن تزلزل الأرض وتقوم الدنيا ولا تقعد بعد هذا الاعلان ، وربما اننفاضة جديدة ، ولكن الامور تراوح مكانها وهي ضمن دائرة التحكم .
وفي الوقت الذي يقوم فيه حزب الليكود بالتصويت بالاجماع على قرار ضم الضفة الغربية الى اسرائيل ، والكنيست تشرع القرارات الأكثر عنصرية في تاريخها ، والموافقة على بناء مليون وحدة سكنية جديدة في المستوطنات ، وتقوم بفصل أحياء بكاملها عن القدس بغية تهويدها ، لم نسمع أي موقف فلسطيني جريء من رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس ، ولا أي تصريح من القيادة الفلسطينية الرسمية بوقف التنسيق الامني وقطع كل الاتصالات مع الجانب الاسرائيلي ، وكل ما سمعناه عن السلطة الفلسطينية سوى الذهاب للمحاكم الدولية والانضمام للمظمات الدولية ، بينما على الصعيد الشعبي لم نشهد سوى بعض التحركات والاحتجاجات الفاضبة العفوية وغير المنظمة ، وليس " انتفاضة " نتيجة غياب الحاضنة الرسمية .
لا شك أن الشارع الفلسطيني محبط ولم يعد يثق بقيادته السياسية ولا بالسلطة الوطنية الفلسطينية ، التي تعلن صراحة رفضها " للمواجهة " و" المقاومة " مع الاحتلال ، وتصر على انتهاج الدبلوماسية و" السلمية " في رفضها اجراءات وانتهاكات وجرائم واعتقالات الاحتلال ، وعدم وقف التنسيق الامني رغم ما تقوم به سلطات الاحتلال والمؤسسة الحاكمة ، من قتل وملاحقة للفلسطينيبن ، ومصادرة الارض واقتلاع أشجار الزيتون وبناء المستوطنات وحملات الاعتقال التي لم تتوقف اطلاقًا .
وقد بات الجميع يدرك ان السلطة غير جادة بتحقيق المصالحة الوطنية الكبرى نتيجة الضغط العربي الرجعي والتهديد الامريكي ، وغير معنية بمواجهة مع الاحتلال ، وهي تلجأ للمراوغة من خلال التصريحات الاعلامية ، ولا شيء تملكه سوى ابقاء الوضع الحالي على ما هو عليه ، باعتباره أفضل لها وللحالة الفلسطينية التي تمثلها ، خاصة بأنها لا تجد حليفاً عربيًا أو حاضنة عربية في الوقت الراهن .
بقلم/ شاكر فريد حسن