كنت حزينا عندما رفع البعض سقف طموحاتهم وامانيهم وامالهم معلقينها على قرارات يمكن ان يتخذها المجلس المركزي لمنظمة التحرير ، وهل يمكن للميت ان يتخذ قرارات مصيرية بحق الاحياء ...؟؟! على العموم قد بدى الرئيس عباس اكثر تشددا في خطابه اكثر من بيان المركزية وخاصة في السياق والسرد التاريخي وخروجه عن النص الذي اعجب البعض والذي لاقى من ناحية اخرى الرفض لخروجه عن اللباقة السياسية كرئيس لدولة او سلطة او منظمة.
نسي البعض ان جرف اوسلو من الصعب الخروج منه الا في حالة واحدة هونسف ما سبق ومنذ عام 1984 م وفي هذه الحالة وكما نوه السيد عباس بانه لا يقبل "" احتلال بدون تكلفة " ولكن هل جاء البيان الختامي بما يفيد ترجمة لهذه العلاقة ..؟؟
بيان المركزي العائم الذي لقي تأييد بالاغلبية وتحفظ ل10 اعضاء ورفض من قبل عضو واحد من مجمل اعضاء حضروا عددهم 86 عضو ومن واقع اعضاء المجلس الذي عددهم 105 تغيبوا اما لحالة وفاة او عدم السماح لهم من سلطات الاحتلال ، ومن هنا طريقة الاختيار من قبل رئاسة المجلس الوطني التي قام بها ابو الاديب تمت بناء على توافقيات النهج السياسية ولم تعبر عن تمثيل حيوي للشعب الفلسطيني بكل قواه الوطنية ويذكرنا هذا بالطريقة الكلاسيكية والانفرادية التي تعمل بها مؤسسات المجلس الوطني وعلى غرار ما سمي المؤتمر السابع لحركة فتح ايضا .
لعل ظروف وخطورة المرحلة كانت تستدعي اتخاذ قرارات حاسمة امام الازمة الحادة التي تهدد الشعب الفلسطيني ومساراته الوطنية في حين ان البيان اتى بصيغة وكما تعودنا على البيانات السابقة للنظام السياسي ومؤسساته، امام بارفض او الاستنكار او التوصية "" ومن يوصي من .؟!" علما بان المجلس المركزي اعلى سلطة بعد غياب المجلس الوطني وهو صاحب القرار ان حدثت معوقات لانعقاد المجلس الوطني .
اتي البيان عائما مطاطا لا يحتوي على اي محددات او قرارات ملزمة للتنفيذية ان كانت موجودة كفعل على الارض او ملزمة للسلطة وملبيه كما توقعنا الضغوط الخارجية وهذا ما يضحض اقاويل الرئيس عن استقلالية القرار الفلسطيني وان رمى الرئيس عباس الكرة في ملعب الميت الوهن الضعيف المنقاد لتوجهاته .
لقد كشفت مصادر فلسطينية وقبل انعقاد المجلس وهذا ما نشرته صحيفة الحياة اللندنية ان الدول الاوروبية طلبت من السيد صائب عريقات بان لا يتضمن البيان سحب الاعتراف باسرائيل والغاء اوسلو وان البحث عن راعي اخرؤ للسلام ليس في محله ولان دول اوروبا هي شريك ومكمل للدور الامريكي وهي حليفة للامريكان تلك الدول "فرنسا وبريطانيا والمانيا واسبانيا وايطاليا "
من قام بصياغة البيان الدكتور صائب عريقات وخمس سفراء اخرين من بينهم الهرفي سفير فلسطين في فرنسا ، وقد جاءت الصياغة لملبية لشروط الدول الاوروبية واملاءاتها وهو القريب جدا في الصياغة من التوصيات التي رفعها صائب عريقات للمجلس .
البيان واهم ما جاء فيه:-
- رفض وادانة قرار ترامب وتأكيد على حل الدولتين والقدس عاصمة لفلسطين وعدم الاعتراف بالدولة اليهودية ووقف الاستيطان
- قرر المجلس المركزي، أن الفترة الانتقالية التي نصت عليها الاتفاقيات الموقعة في أوسلو، والقاهرة، وواشنطن، بما انطوت عليه من التزامات لم تعد قائمة.
- تكليف اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بتعليق الاعتراف بإسرائيل إلى حين اعترافها بدولة فلسطين على حدود عام 1967 وإلغاء قرار ضم القدس الشرقية ووقف الاستيطان.
- يجدد المجلس المركزي قراره بوقف التنسيق الأمني بكافة أشكاله، وبالانفكاك من علاقة التبعية الاقتصادية التي كرسها اتفاق باريس الاقتصادي، وذلك لتحقيق استقلال الاقتصاد الوطني، والطلب من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ومؤسسات دولة فلسطين البدء في تنفيذ ذلك.
ملاحظات هامة على البيان :-
اولا: لا نفهم المقدار والمقياس القانوي لاستخدام مصطلح " تعليق الاعتراف " في حين ان المنظمة اعترفت بوطن تاريخي لليهود على نسبة 78% من اراضي فلسطين
ثانيا: لم يشير البيان للقرارات الدولية وخاصة قرار 194و القرار 181 والمعنى السياسي والجغرافي لاهمال هذين القرارين
ثالثا: قضية وقف التنسق الامني هل هو وقف كامل عسكري وامني ومدني وانهاء العلاقة مع الاحتلال وما هو البديل لهذا الوقف ام وقف التنسيق الامني وتبقى وظائف الادارة المدنية
رابعا : وقف التعامل الاقتصادي وجوهرها اتفاقية باريس اي ستتوقف السلطة عن جلب المقاصة واشكال التعاون التجاري واستخدم الموانيء الاسرائيلية
خامسا : من المعروف ان هناك اتفاقية بين الرئيس عباس والملك عبد الله الثاني ملك الاردن وبموجبها نقلت الوصاية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس وفلسطين للوصاية الهاشمية واستمرارية لدورها في عهد الملك الراحل حسين ، اهمل البيان ذكر دور المملكة ونشاطاتها الدولية والمحلية في حماية المقدسات وتغيير معالمها والذي تحاول ان تمارسه سلطات الاحتلال ، وهذا يعني تفريغ القدس من فحواها الرسمي والسياسي والامني المسند الى المملكة الاردنية ويمكن ان يصب بشكل او باخر في خدمة قرار ترامب والتوجهات الاسرائيلية
سادسا : ما هي مصادر القوة للتنفيذية والمركزي من الزام السلطة بتنفيذ التوصيات مع الاخذ بالاعتبار قرارات وتوصيات 2015م
سابعا : هل قرارات المركزي تلزم الرئيس عباس والسلطة بتنفيذ اتفاق القاهرة لعام 2011م وعقد انتخابات رئاسية وتشريعية ومجلس وطني ورفع العقوبات عن غزة
ثامنا :صنف البيان مقاومة الشعب الفلسطيني بالمقاومة الشعبية السلمية اي مسيرات ويافطات واستنكار ويصبح الحجر والاحتكاك بقوات الاحتلال صنف من اصناف العنف والارهاب .
اعتقد ان قبة الميزان في رقبة الرئيس عباس والسلطة وفي ظل تحذيرات الدول الاوروبية كشريك للامريكان وتحفظ روسيا والصين .... وماذا لو اتخذ المجلس المركزي قرار بان دولة فلسطين واقعة تحت الاحتلال مما يوجب الشعب الفلسطيني والعالم والمجتمع الدولي بتجسيد هذه الدولة واستنادا لقرارات الشرعية الدولية هذه الرؤية وهذا القرار الذي لم يأخذ به المجلس المركزي .
بقلم/ سميح خلف