قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير العبرة بالتنفيذ

بقلم: عباس الجمعة

قرارات المجلس المركزي الفلسطيني خطوة الى الامام في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها القضية الفلسطينية ، رغم ان الطموح اكبر من ذلك ، ولكن نقول العبرة في التنفيذ ، وخاصة ان الرئيس محمود عباس في خطابه امام المجلس المركزي أسهب بشكل كبير في السرد التاريخي والمظلومية الفلسطينية، لتثبيت الحق التاريخي لشعبنا الفلسطيني ،وهذا التاريخ والسرد له،اعتقد بأن مكانه ليس في خطاب يوجه الى شعبنا الفلسطيني،وكذلك هذا السرد جرى في أكثر من خطاب وفي أكثر من محفل دولي، ، فالشعب الفلسطيني الذي يعاني من الإحتلال ومسلسل إجراءاته وممارساته القمعية كل يوم،أصبح اطفاله قبل شبابه وشاباته قبل شيوخه خبراء، في الطبيعة الكولنيالية لهذا الإحتلال الصهيوني،والهدف الإستعماري من إقامة هذا الكيان في قلب العالم العربي،والدور والوظيفة المناطة به.

أن أول هذه القرارات الوحدة الوطنية وإعلاء راية الكفاح الوطني ومراجعة تقييمية موضوعية للفترة السابقة بأكملها و الاستمرار في تطبيق اتفاقات المصالحة على طريق الوحدة الوطنية ، ورفض صفقة القرن وأي صفقة تنتقص من حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة ، وكذلك عدم القبول بأي وساطة أمريكية منفردة بأي حال من الأحوال ولم تعد وسيطا في أي مفاوضات، وعلى الجميع أن يعمل على زيادة كلفة الاحتلال والاستيطان والمقاومة والانتفاضة الشعبية جزء من إستراتيجية الشعب الفلسطيني.

إنّ قرارات المجلس المركزي أشبه بربع الطريق المطلوب فلسطينياً، فالربع الثاني هو تطبيق هذه القرارات فعلاً، ووضع خطط تنفيذية وتفصيلية بشأنها، والربع الثالث، تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية وضم الأجيال الجديدة، وتفعيل مؤسساتها داخل وخارج فلسطين، والربع الرابع وضع تصور وخطة جديدة للوصول للأهداف الفلسطينية، فما يطرح من أدوات ووسائل من قبل القيادة الفلسطينية، سيؤدي في أحسن الأحوال لتعزيز الحضور السياسي الفلسطيني دولياً، ويؤدي للرد على الهجمة الامريكية الصهونية، وهذا يتطلب استخدام لغة واضحة وآليات محددة، لجهة الإعلان بوضوح عن سحب الاعتراف بالاحتلال، وليس تعليقه، وإلغاء اتفاق "أوسلو"، بكل ما يترتب عليه من وقف التنسيق الأمني وإنهاء الاتفاقيات السياسية والاقتصادية مع سلطات الاحتلال، وكل ذلك بحاجة لتضحيات ومراجعات عميقة للعمل الفلسطيني ، مما يستدعي عقد مجلس وطني لبلورة الاستراتيجيات الجديدة ووضع خططها وتحقيق توافق بشأنها، من اجل وحدة القضية الفلسطينية، أرضاً، وشعباً، ومجتمعاً، وحقوقاً وطنية، وانهاء الانقسام الحاصل والخروج بقرارات ديمقراطية إصلاحية استجابة لوثيقة الوفاق الوطني ورسم استراتيجية وطنية تستند لكافة اشكال النضال بما يؤمّن الولوج في مرحلة فلسطينية جديدة وطرح خيارات بديلة، مرتكزة إلى حقوق وأهداف شعبنا في الحرية والعودة والاستقلال.

امام قرارات المجلس المركزي، انها تشكل الحد الادنى في مواجهة الهجمة الامريكية والصهيونية والرجعية ، وكل السياسيات الأخرى التي تحاول النيل من حقوق الشعب الفلسطيني ، وكذلك التحديات القادمة على مجمل الحالة الفلسطينية، في الصراع مع العدو الإسرائيلي، أو في إطار التفاعلات الفلسطينية الداخلية الناشئة عن التعددية السياسية والفكرية والبرنامجية القائمة.

لذلك فقد لمسنا من خلال الكلمات والمواقف ان قرارات المجلس المركزي لم تقتصر على الجانب التنظيمي القاضي ، بل تفتح الباب لوحدة وطنية في شكل أرقى مما هي عليه الآن بخطوات كبرى إلى الأمام، فالموضوع السياسي، ركز على استراتيجية سياسية واضحة لتشكل إجماع القوى الفلسطينية كافة باستثناء بعض التحفظات ، فالمجلس اكد على حق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس مع ضمان حق للاجئين بالعودة إلى ديارهم التي شردوا منها، متمسكاً في هذا السياق بالقرار 194 الذي كفل لهم هذا الحق، كما جدد الدعوة لعقد مؤتمر دولي لإطلاق عملية سياسية تكفل للشعب الفلسطيني حقوقه الوطنية والشرعية غير القابلة للتصرف، بموجب قرارات الأمم المتحدة، واكد المجلس رفضه للحلول الجزئية، وللدولة ذات الحدود المؤقتة، ولمشاريع التوطين وإعادة التهجير، ولكل الحلول والسيناريوهات البديلة للحل الوطني للقضية الفلسطينية، لذلك نقول ان المجلس المركزي، منسجماً مع قراراته.

ويمكن، بإيجاز، اعتبار مجمل هذه القرارات، تعبيراً عن مراجعة سياسية واضحة، لمواجهة قرار ترامب وقرارات حكومة الاحتلال والانتهاء من اتفاق اوسلو والتنسيق الامني واتفاقية باريس الاقتصادية ، وإعادة وضع العربة السياسية الفلسطينية على الطريق الصحيح لجهة التأكيد على حق الشعب الفلسطيني في الكفاح والمقاومة لتحقيق أهدافه الوطنية وضمان حقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف.

ختاما : في ظل هذه الاوضاع نرى ان قرارات المجلس المركزي هي محطة يجب على اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ان تتحمل مسؤوليتها في وضع الآليات الضرورية لنقل قرارات المجلس المركزي من على الورق وتنفيذها لمواجهة التحديات والاستحقاقات التاريخية التي تنتصب أمام المسيرة الكفاحية للشعب الفلسطيني.

بقلم/ عباس الجمعة