لو نظرنا إلى حركة حماس بعمق وتفحص ودراسة لوجدنا أنها لا تقف على أرض صلبة ولا تمتلك القرار . وأوراقها مبعثرة هنا وهناك وهي لا تمتلك أيديولوجية واضحة للتعبير عن أهدافها . فهناك كثير من المواقف والتصريحات التي تطلقها حركة حماس تتناقض مع أهدافها الباطنية . ولو نظرنا وتابعنا حماس من البداية وحتى يومنا هذا لوجدنا أنها سرعان ما تغير من قرارها أو موقفها حسب ما تتطلبه المصلحة لها . وأول هذه التغيرات هي دخول حماس في إنتخابات المجلس التشريعي عام 2006م رغم أنها حرمت الإنتخابات عام 1996 بحجة أنها على قاعدة أوسلوا . وبعدها مرة حماس بمراحل كثيرة قد راهنت عليها وعندما تفشل منها تراهن على مرحلة أخرى . وصولا إلى الوثيقة الأخيرة التي صدرت من الحركة على لسان "خالد مشعل" وهذه الوثيقة ما عبرت إلا عن التناقض والتشتت في الأفكار والمراهنة على الوقت . وفي هذه الوثيقة سمعنا كثيرا من الشعارات التي كنا نسمعها سابقا فلا جديد . ومن أهم ما لفت نظري في هذه الوثيقة بندين مهمين وهما . إعلان حماس بقبول دولة على حدود 67 دون الإعتراف بإسرائيل . والبند الثاني وهو التخلي عن الإخوان تنظيميا وحصر العلاقة بين حماس والإخوان فكريا ؟؟ . وهذه البنود كانت ضربة قاتلة لمصداقية حماس . لأن التخلي عن الإخوان وهما في مأزق حقيقي مع نظام السيسي هذا يعني أن حماس تتخلى عن حلفائها بأسرع وقت . أما الإعتراف بحدود 67 دون الإعتراف بإسرائيل . فهذا البند هو عبارة عن إستخفاف بعقلية الشعوب . لأنه في حال واقفت إسرائيل على حل دولة على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية ستجلس مع الطرف المفاوض في إتفاقية رسمية تحت إشراف دولي . وستلزم هذه المفاوضات للطرفين بالإعتراف المتبادل . وأيضا ستتبعها إتفاقيات إقصادية وأمنية من شأنها أن يحافظ الطرفين على ما تم التوقيع عليه . وأن يحافظ كل طرف على توفير الأمن للطرف الآخر . وهذا طبعا يتطلب التنسيق الأمني المباشر بين الطرفين على إعتبار أن الطرف المفاوض مع إسرائيل هو حماس . فليس من المعقول أن إسرائيل توافق على حدود 67 وتوثق هذا بإتفاقية دولية دون أن تلزم الطرف المفاوض بالإلتزام الكامل بما تنص عليه الإتفاقية . فحركة حماس تتخيل أن إسرائيل سوف تعطيها 67 وتقول لها لا تعترفي بي وسأعطيكي باقي فلسطين التاريخية . هناك إستخفاف واضح من حركة حماس لعقول الشعوب . وهناك تلاعب في الألفاظ والمصطلحات .
أما بالنسبة للمراهنات التي تراهن عليها حركة حماس . فجميعنا يعلم أن حماس تراهن على محور ثلاثي . وهما قطر وإيران وتركيا . وأوراقها مبعثرة بين هذه الدول الثلاث . ولكن من المؤسف جدا أن حماس وقعت فريسة ذكاء هذه الدول الثلاث . لأن حماس بسبب هذه الدول خسرة الحلفاء الحقيقيين وشركاء القضية والدم . وفي حقيقة الأمر أن هذه الدول لم ولن تقدم شيئ لحركة حماس إلا الشعارات عبر وسائل الإعلام . وهذه الدول هي محسوبة في نظر المجتمع الدولي على دعم حماس رغم أنه ليس هناك دعم . والدليل على قولي هو أن حماس لا تستطيع توفير رواتب لموظفيها . ولا تستطيع تقديم علبة حليب لطفل جائع في قطاع غزة . فأين قطر وتركيا وإيران التي تراهن عليهما حماس ؟
أوراق حركة حماس مبعثرة . ليس فقط في الموقف السياسي ولكنها مبعثرة في التعبير عن المقاومة والتي لا تتجاوز قطاع غزة . فهي تعتمد على الشعارات عبر وسائل الإعلام . غير أنها حولت المقاومة إلى ردات فعل فقط . وفي الواقع لا يوجد ردات فعل أصلا . فجميعنا يعلم ما يجري في قطاع غزة وخاصة على الحدود الشرقية .
وأوراق حماس المبعثرة أيضا في التعامل مع منظمة التحرير وحركة فتح وباقي الفصائل . فهي تحاول أن تجيش بعض الفصائل لصفها ضد مواقف منظمة التحرير . وفي حقيقة الأمر أن حركة حماس لا تعترف بمنظمة التحرير ولا في حركة فتح . إذا لماذا يخرجون في وسائل الإعلام أمام الرأي العام ليقولون أن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني وعلينا أن نسعى لتجديد وترتيب البيت الفلسطيني . وفي نفس الوقت ترفض حماس وأتباعها المشاركة في المجلس المركزي بحجة أنه لا ينفذ قراراته على أرض الواقع . والسؤال هنا ؟ أين قرارات حماس وتنفيذها على أرض الواقع ؟
من الواضح جدا أن حركة حماس تسوق نفسها كبديل عن حركة فتح ومنظمة التحرير . ومواقفها السياسية تعمل وفق أجندة واضحة كما ذكرناها .
ستبقى حركة حماس أوراقها مبعثرة لأنها لا تقف على أرض صلبة . ولهذه اللحظة لا تجد شريكا حقيقيا يلبي طموحاتها ويدعمها بشكل فعلي لتحل محل منظمة التحرير . لأن الشريك الوهمي المتمثل في قطر وتركيا وإيران ليس شريكا حقيقيا . لأنه يستخدم حماس كورقة من أوراقه التي يلعب بها في الشرق الأوسط .
بقلم/ أشرف صالح