يغادرنا غسان زيدان رفيق الدرب احد مناضلي وقادة جبهة التحرير الفلسطينية ، ويعجر القلم ان يفي حقه ، فهو ابن فلسطين ، وابن بلدة الطيرة ، ابن الشتات والمنافي ، عرفته مناضلا في كافة قواعد الجبهة ، اعتقل في معتقلات انصار وكان خيرة المناضلين الصامدين المدافعين عن الجبهة والثورة في وجه العدو ، فكان دائما الى جانب الشهيد القائد الامين العام لجبهة التحرير الفلسطينية " ابو العباس" ، ترك ارثا نضاليا في الاخلاق وفي المقاومة والسسلوك النضالي ، هذه الصفات العظيمة التي هي صفات الشجاعة شكلت قدوة وامثولة في الثبات والتحدي لدى الشهيد غسان من اجل تحرير الارض والانسان .
لقد مارس الشهيد القائد غسان حياته رغم ما عاناه ، مجسدا دورا قياديا في العمل الوطني والجبهة حيث تحمل العديد من المسؤوليات رغم قسوة الظروف والمرض .
ان الشهيد غسان تحمل مسؤوليات عدة فهو عضو اللجنة المركزية في جبهة التحرير الفلسطينية أمين سر لجنة التنسيق الفصائلي وعضو المجلس الإداري في نقابة الصحفيين الفلسطينيين ، في محافظة بيت لحم ، وفي كل مرحلة من مراحل النضال يثبت جدارة وكفاءة وشجاعة ووعياً ثورياً جعلته يحتل مكانة رفيعة بين رفاقه في الجبهة، وإخوانه في الفصائل والقوى الفلسطينية، نعم، هذا هو الشهيد غسان زيدان، لمن لا يعرفه، بل يعجز القلم عن وصف خصاله، وتجف الكلمات، حينما تسرد سيرته، وتنحني القامات تقديراً، حينما تتحدث عن نضاله ومواقفه، وليس بالضرورة، أن تكون قد عايشته ، كي تتعرف على خصاله، أو أن تكون منتمياً الـى تنظيمه، شاء القدر، بأن يتوقف قلب هذا الإنسان ، بعد أن قدم روحه، فداءاً لشعبه ووطنه، وقرباناً على مذبح الحرية، وعلى طريق إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس، التي شقّت طريقها أرواح وجماجم شعب فلسطين المناضل.
غسان زيدان الرفيق والصديق والاخ والمناضل والسياسي والمثقف والكاتب ، يرحل بمرارة تصبغ الريق بالدهشة ، في زمن التراجع والتفتت والتخلي عن القضية الفلسطينية من قبل بعض الانظمة العربية ، وفي ظل الهجمة الامريكية الصهيونية الرجعية التي تستهدف القضية الفلسطينية .
غسان رئيس تحرير مجلة الغد الفلسطينية يرحل ويترك عمله وجهده الذي لم يتوقف ، فهو كان حاضرا وسيبقى كل الوقت الصوت الحي ، والمنبر العالي ، والنهج الثوري النبيل الذي بتنا نفتقر اليه جمعيا ، فأنا اعدد مناقبك ، فكل من عرفك او التقاك يعرف من انت .
غسان زيدان ايها الفارس الذي ترجل قبل الآوان ، اؤكد لك ان الجرح كبير ، والحزن رطبا ، والدمع سخيا ، فقسوة الرحيل اسقطت في روعنا مشهد موتك .
اننا نقف امام مناضل في انتمائه ، وعطائه واخلاقه ومسيرته الكفاحية ، كان متنقلا بين لبنان وسوريا والجزائر والعراق وليبيا واليمن حتى وصلت اقدامه لفلسطين لعيش فيها ويحلم بحق العودة الى مسقط راسه الطيرة ، مناضل ادرك مبكرا طبيعة وجوهر الصراع مع العدو الصهيوني ، فكان دائما في ميدان المعركة مقاتلا، كما تحلى بالوعي والثقافة ، من خلال ارادته حيث استطاع بناء وعيه لكل جديد ، وصقل شخيصته وثقافته الوطنية ، فكان ذاك الانسان القائد الذي يضع مبادئ الجبهة السياسية والثقافية في خدمة المشروع الوطني ، ومواجهة كل محاولات تزييف وتدجين الوعي ، وتجهيل الاجيال ، وتزوير التاريخ ، وتعيميم اجواء الياس والاحباط ، وتكريس ثقافة الهزيمة وثقافة التطرف والارهاب التدميرية.
على درب الكفاح والثورة تعلقت روح الشهيد القائد غسان زيدان في سماء الوطن وفي بيت لحم ومخيمها الشامخ الدهيشة ، مع ارواح الشهداء القادة ابو العباس وطلعت يعقوب وابو احمد حلب وسعيد اليوسف وابو العز وابو العمرين وحفظي قاسم ومروان باكير والاستشهادين والمناضلين الذين رووا بدماءهم ارض فلسطين الطاهرة ، لنقول ان غسان اقتحم كل مجالات العمل الثوري ، مقتنعا بأن النضال مذهب وعقيدة ، عاش فقيرا ورحل فقيرا ، ولكنه رب ابنائه على حب فلسطين لانه كان دوما متسلحا بغنى الثوابت .
امام كل ذلك كان النضال بالنسبة لغسان نهجا في الحياة ، انعكس في سلوكه واقواله وممارسته ، فلم يرتبط النضال عنده باللقب او الموقع او المرتبة ، بل ارتبط بالالتحام مع ابناء شعبه في مختلف المواقع داخل فلسطين وخارجها ، والتنقل بين مختلف اشكال النضال ، فكان بين ابناء شعبه في بيت لحم حتى لحظة رحيله .
ختاما : الوفاء للشهيد القائد غسان زيدان وكل المناضلين والقادة الشهداء الذين تمسكوا بمنظمة التحرير الفلسطينية وبرنامجها ودورها الوطني ، ودافعوا عن وحدانية تمثيلها ، يكون بالتقيد بالسير على نهجهم حتى تحرير الارض الانسان .
بقلم/ عباس الجمعة