السورية عبير نديم سعود شاعرة تكتب نصوصها بأناملها العسجدية

بقلم: شاكر فريد حسن

لازلت أناديك …هناك

هناك بين طلول الحنين

خلف حفيف الأشواق

يعزف بيد من ضباب

على وتر الشفق

من دم البحر القرمزي

و رعشة صفصافة ثكلى

يولد مساء عينيك

خذني إليك..

أتلألأ نجمة

في سماء طهرك

أعبئ قوارير روحي

بعطر خلودك

ممزوجا بعقيق القمح

و أغنيات الضوء

فضية الأوتار

كلحن وداع

يتشبث بترابك

قيثارة وفاء

أحيك من نغماتها

شموسا للزهور

خذني إليك..

هناك حيث منزلي أطلال

لكن قلبي خمائل محبة

يلفحها عصف الخريف

ولن يميته حزن الشتاء

ضحكات البراعم مدوية

من أهرق عطرها

والربيع أقبل يعانقها

أجراس الكنائس

تعيد الحمائم

إلى عرائش الياسمين

ومآذن الهديل

ترد أوراق المدائن والأمنيات

خذني إليك ..

حيث نبيذ السواقي

مداد للياسمين

يدون عطره بأكف الربيع

في ممرات النسيان

لن ننسى ..

من أخفض صوت القمر

لنسمع دارسات القبور

مدينتنا مراتع للملائكة

قطاف الزهر بسلال

تقدمه للنور ..

ينبوع من الذكريات

يتصبب حنينا

تركع له الأمنيات

بدهليز العودة

عائدون..

تغيرت ملامحك

عرفتك من رائحة قميصك

يكيدون لك

صولجان جبينك

لجين القمر

وعسجدالشمس

 صاحبة هذا النص الشعري الوجداني هي السورية عبير نديم سعود، شاعرة النعومة والرقة والصفاء والاحساس الراقي، وشاعرة الحب والياسمين، التي تحرك الوتر الحساس في قلوبنا بكلماتها السحرية وحروفها الحريرية التي تكتبها بأناملها العسجدية، وتدخل عميقًا الى القلب والروح لتعانق الوجدان. إنها مبدعة تغني الحب وأناشيد الغرام، وتبوح بعواطفها الملتهبة وأحاسيسها المتدفقة كالمطر، وتجوب عالمنا الروحي بالوجد، فتهيج أشواقنا، وترسم بالحب والورد أحلامها، ويفوح من قصائدها الفاتنة الخلابة الشفافة عبق البنفسج والياسمين وشذا المسك.

عرفت عبير نديم سعود وتقريتها من خلال متابعتي ومواكبتي لكتاباتها الشعرية ونصوصها الابداعية في المواقع الثقافية الالكترونية، ووجدت فيها صوتًا أنثويًا يرسم مكنونات الروح والنفس، ولمست في غزلها رنيناً آخرًا مميزًا، رقيقًا كالحرير، وكرقصة خلخال على فراش وثير، مزيجًا من بحة الصوت ونغم القلب، وأنها تفيض بالهيام والشوق واللهفة، ويخرج وافر الشعر من سويداء فؤادها المتيم عشقًا، بكل ما تملكه من رهافة الحس، وسحر الكلمة، ودفء الحرف، وينسكب حلو الكلام من يراعها كأنه جدول ماء وبستان من الزهر العبق يزين الصحراء القاحلة الموحشة.

عبير نديم سعود تكتب بنفس هادئة، وقلب ظامىء، يهفو للحب والغرام كما تهفو زهرة الصباح الى قطرات الندى البارد مع خطوات النسيم الفواح، ذلك الحب الذي تتلذذ به، ولا ترتوي من منهل قرب الحبيب ورضاه ورشف قبلاته، فتناجيه بأرق الألفاظ وأحلى كلمات ومفردات العشق، وتطلب منه أن يأخذها اليه.

والمتلقي لنصوص عبير لا يجد لونًا واحدًا فحسب، حيث أن عالمها ذو ألوان متعددة، ولكن لون الحب والرومانسية يطغيان على جميع الألوان لديها، وخطابها الشعري يمثل نسيجًا متعدد الخيوط والأصوات والأصباغ، وفي قاموسها الشعري يكون الحب والغزل في الطليعة مع حضور كلمات تتكرر بكثرة وباستمرار كالأنوثة والعشق.

وفي قصيدتها"خذني اليك" تغرق في الرومانسية وتتفجر النفس الهائمة الحالمة بالهوى المشتعل في ضباب المسافات، والرغبة الجامحة في الانفلات في الربيع القادم الساحر بالصفاء والأمل والجمال، ونجد فيها براعة وسلاسة وجمال فني، وشحن عاطفي يطفح بالقدرات الحسية والحيوية، ونلحظ ثراء الصور الفنية وتوسع دائرة معجمها اللفظي، وتراكيبها اللغوية التي تزهو رشيقة أمام حجم التدفق الشعري العفوي والتلقائي.

عبير نديم سعود شاعرة أنيقة مجبولة بالقصيدة، وتمتهن الحرف فرحًا وحبًا، تتنفس شعرًا، وتتكلم نثرًا، ويختلط الاحساس والعاطفة مع الشجن والجوى، وهي حنينية هادئة ممسكة بأدواتها ولغتها السهلة الممتنعة، وتأتينا بنصوص شعرية متماسكة، بالغة الدفء والشفافية والحرارة.

تحيتي الفلسطينية لك شاعرتناعبير، وسلامي الدافىء، ولك مرافىء استجمام على ضفاف الغوطة الدمشقية، شعرًا هفهافًا ورقراقًا، يتناسل جمالًا ومطرًا وفرحًا، في جزره ومده، ومودتي وتقديري غلالًا.

بقلم/ شاكر فريد حسن