(هل نحن قادرون أن نسامح بعد الاعتداء والحاق الاذى بنا دون ذنب؟؟؟...جوابي نعم قادرون )
*******
أيها الشارد...
في ضجيج الرصاص الساخن
أيها الشارد...الموجوع الشاجن
حاصر جراحك ونواحك..
لا تساوم..
لا تساكن.. لا تهادن
حاصر جراحك..
حاصر نواحك
اطلق جناحك..وصوب رماحك
لكن... لا تقتل سماحك
هو صبرك كل سلاحك،
اذا حاصر رياحك وكساحك
آت صباحك لا محال..
آت فلاحك
***
أيها الشارد...
في صدى ازيز الرصاص
حاصر خوفك،
زجه في الأقفاص
حاصر شبح الموت..
وشبح المجرم القناص
وأصبر على قدر علقم أتاك.،
يأتيك الخلاص..
انت حي...
أنت حي. تتعافي
فلا مناص من الحياة..
هي تناديك اليها..
لا مناص
***
أيها الشارد في زوايا الوجع والهلع
إياك إياك من خوف او هزع
حاصر جنونك..والجزع
فما بعد ليل إلا ونور سطع
وما بعد خريف ألا ربيع وقع
وما بعد دعاء، إلا الشافع شفع
فسامح بقدر قلبك الكبير وما وسع
والفائز أنت والناس والخير يتسع
هذه القصيدة للدكتور الشاعر زياد محاميد بعد حادثة العنف، التي تعرض لها وهددت حياته، وبعد أن بقي على سرير المستشفى للمعالجة فترة طويلة جدًا. وهي تحمل الطابع الانساني، وتعبر بكل صدق عن الألم والعذاب الداخلي، وتتجلى فيها روح الدكتور زياد وحسه المرهف وقلبه الكبير الدافىء، ودعوته للتسامح والتصافي، رغم كل ما حدث، ورغم المعاناة الذاتية المتواصلة، والرصاص الذي تعرض له.
ويبرز كذلك عدم تخليه عن انسانيته وعدم فقدان وميض الأمل حتى في أشد اللحظات والأوقات الحرجة، وسعيه الدائب الدائم لمجد الانسان والحرية والحب والسعادة الانسانية، والسلم الاهلي المجتمعي، والتآخي البشري بغض النظر عن الانتماءات السياسية والمذاهب الدينية والثقافات المختلفة.
وهي قصيدة شديدة التأثير، بالغة الشفافية والنعومة،حروفها مرصعة بالمشاعر والاحاسيس والروح المرهفة، وتشدنا بأجوائها الانسانية ولغتها البسيطة المباشرة الواضحة.
أعرف الصديق والرفيق البهي د.زياد محاميد منذ ما يربو على اربعة عقود من الزمن، وامتلأت نفسي به غبطة وسعادة واعجابًا ومحبة، وتجانس فكري وطبقي، وكنت أحاول اختصار هذا الانسان الشهم الأصيل المتواضع الماثل أمامي فلا أجد أوضح من صورة المبدئية الانسانية، وهي تتبدى في بساطة وقوة وخصوبة ورفاقية مميزة وحزبية منظمة، فهو نعم الشاعر الوطني الملتزم، والمثقف الطبقي، والمحارب الشيوعي، والماركسي المستقيم المنحاز لجموع الطبقات الشعبية الفقيرة الكادحة المسحوقة، وفقراء وجياع الشعب، المؤمن حتى النخاع بالثورة الطبقية التي ستغير وجه التاريخ وخريطة العالم.
د.زياد محاميد هو طبيب وناشط سياسي في اطار الحزب الشيوعي والجبهة الديمقراطية، وشاعر ملتصق بالقضايا والهموم الشعبية والجماهيرية الفلسطينية والانسانية العامة، وهو من مواليد أم الفحم العام ١٩٥٧. يكتب الشعر منذ نعومة اظفاره، ونشر تجاربه وبواكيره الشعرية في مجلة"الغد"الشبابية الغائبة عن المشهد الاعلامي والثقافي السياسي التي كان يصدرها اتحاد الشبيبة الشيوعية في البلاد، ثم في صحيفة"الاتحاد"العريقة، وبعدها نشر كتاباته في الصحف والمجلات والدوريات الثقافية والأدبية، منها"المسار"المحلية وفي مواقع الشبكة الالكترونية المختلفة.
وصدر له حتى الآن ستة دواوين شعرية، وهي:"الصلاة في زمن الانتقاضة، عيناك شرفتا وطن، شيفرة الألم والأمل، ٣٥١وجع، انات فوق اللهب، وجلجل الخبز الجائع:وبئس المهاد".
د.زباد محاميد هو شاعر ملتزم وطنيًا وطبقيًا، وقصائده تحاكي الهم الفلسطيني العام وجراح الوطن والأرض والعودة والصمود والشهداء الأبرار، وتعكس المعاناة والصبر والأمل بانتصار قضايا الفقراء، وهي لا تخلو من الغزل الناعم العفيف والوجدان الانساني، وتحمل في ثناياها رسائل اجتماعية ومواقف سياسية ووطنية وفكرية، ومعادلات تمزج بين الألم والوجع الانساني مع الجرح الفلسطيني، والأمل والتفاؤل بالغد الأفضل، ورثائيات لرموز واعلام العمل الوطني والسياسي والأدبي، ولشهداء الوطن والثورة والانسان، وحنين نوستالجي للقرى المهجرة في الجليل والمثلث والكومل والساحل والنقب.
وما يميز د.زياد محاميد أنه شاعر انساني بالدرجة الأولى، يكتب ويتناول الهموم الانسانية الوجودية والروحية والوجدانية، باسلوب تعبيري وتصويري شفاف متميز بصور شعرية أنيقة، واضحة المعالم، وسهولة الكلمات والمفردات والتعابير التي يستخدمها، عدا انسيابها الحسي الروحاني الوجداني.
هذا بالاضافة الى أن معظم قصائده وأشعاره سهلة التعبير، أوصافها دقيقة، وفيها حزن وشجن، وغنائية وايقاع الجمال، ونغمات موسيقية شجية، وكلها جماليات وايحاءات.
وفي النهاية تحية من القلب للصديق الشاعر د.زياد محاميد، عاشق الحياة والفقراء والشمس، المسامح والمتسامح، والمتصالح مع ذاته ومع الناس، وتمنياتي له بالصحة والعافية والتماثل للشفاء التام، ومزيدًا من العطاء والابداع والتألق الأدبي.
بقلم/ شاكر فريد حسن