اوري افنيري وعهد التميمي وجان دارك

بقلم: شاكر فريد حسن

ليس الشاعر اليهودي اليساري يهوناتان غيفن، الذي وصف عهد التميمي بجان دارك في قصيدته التي أثارت عاصفة سياسية، فقد سبقه في التوصيف الصحفي والكاتب اليساري الحمائمي اوري افنيري، وهو ناشط سلام اسرائيلي، وعضو سابق في الكنيست لثلاث دورات، ومؤسس حركة السلام المستقلة، وقد اشتهر بلقائه ومقابلته مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في العام١٩٨٢أثناء حصار بيروت، وهو من أبرز الناشطين في اطار حركات السلام وقوى اليسار اليهودية الداعمة للحق الفلسطيني، وللسلام بين الشعبين الفلسطيني والاسرائيلي، ومن الداعين لاقامة دولة فلسطينية في حدود الرابع من حزيران العام١٩٦٧.

ويتمتع اوري افنيري برؤى سياسية ومواقف جريئة، وكان نشر قبل حوالي الشهر مقالًا في"هآرتس"صحيفة النخب المثقفة، وصف فيها عهد التميمي، تلك الفتاة واللبؤة الفلسطينية، التي صفعت الضابط الاسرائيلي، وتم اعتقالها وتعذيبها، وتحولت الى رمز نضالي من رموز المقاومة الفلسطينية، ورموز حركة التحرر الوطني، وصفها بجان دارك، القديسة الفرنسية والقائدة العسكرية، والأيقونة الوطنية.

وجان دارك كانت فتاة صغيرة، لا شأن لها بأمور الحرب أو السياسة، ولكن قدر لها أن تصبح أشهر بطلات فرنسا على الاطلاق، بعد أن تمكنت من قيادة الجيش الفرنسي لكي ينتصر على القوات البريطانية خلال الحرب المائة عام، وباعتراف الكنيسة أصبحت قديسة، واطلق عليها"عذراء اورليان"، لكنها وقعت في أيدي البورغنديين، وتم أسرها ومحاكمتها، وتصرفت أثناء محاكمتها بجرأة وشجاعة منقطعة النظير، وحكم عليها بالموت، فاحرقت على خازوق، وبقي قلبها سليمًا لم يحترق، واصبحت قصتها من أكثر القصص الملهمة في التاريخ البشري، وكتب عنها كتب ومسرحيات وقصائد قصصية مغناة، وانجزت افلام عن حياتها وبطولاتها وما تمثله من رمزية للصمود والكفاح والمقاومة والاباء وعزة النفس والتحدي.

وهكذا هي عهد التميمي التي أصبحت لوحات فنية وأغنية وقصيدة وألحان تتردد على الالسنة وأفواه كل المناضلين والأحرار في العالم، وصورها تغزو شوارع وميادين لندن، ومعلقة فوق كل ناحية ومكان، لأنها بطلة ومناضلة حقيقية أمام همجية الاحتلال الرابض على صدر شعبها، ومهما طال الليل ففجر الحرية سيبزغ عاجلًا أو آجلًا.

بقلم:شاكر فريد حسن