من الجميل أن يشعر الرئيس الامريكي ترامب بوضوح الإهانة لمجرد رفض الرئيس أبو مازن استقبال بنس نائب الرئيس الامريكي ورفضه استمرار واشنطن برعاية عملية السلام، والنظر الامريكي الى الموقف الفلسطيني بأنه عدم احترام لتلك الدولة العظمى، ومن الأجمل أيضاً أن نفتخر بفلسطينيتنا وشجاعة رئيسنا وقيادتنا على هذا الموقف العلني برفض وعد ترامب حفاظا على كرامة وحقوق شعب الجبارين الذي لم يتوقف عن الدفاع الباسل عن الأرض والوطن والمقدسات، هذا الرفض الذي يعبر عن ما يدور بداخل كل فلسطيني وطني ذو انتماء صادق للقضية والثوابت، فهل يعلم ترامب أنه بقراره المشئوم أهان الشعب الفلسطيني وطمس هويته، وعلى ما يبدو أن الرئيس الامريكي يريد العالم الانصياع الى قراراته ولا أحد يقول له لا وكأنه نصب نفسه امبراطور على العالم، فإذا بالرئيس أبو مازن يقف ويقول له لا وألف لا، بل وتأتي الصفعات تلو الأخرى على المستوى الدولي من خلال التحركات الفلسطينية التي تزعج الامريكان للمطالبة بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية في مواجهة قرار ترامب بشأن القدس، فالسيد ترامب يريد من الفلسطينيين أن يقولوا له سمعا وطاعة، وذهب إلى اطلاق جملة من التهديدات الامريكية للفلسطينيين وفرض العقوبات من خلال قطع المساعدات والمعونات التي تقدم للاجئين من أجل الضغط على القيادة للرضوخ والرجوع عن الموقف الفلسطيني الموحد الرافض لبيع القدس والتنازل عنها، ولم يدرك ترامب بأن حياة الشعب الفلسطيني لا تشترى بمال أو ثمن، فالقدس للفلسطيني هي بمثابة كرامة وطن، ليست سلعة للبيع والشراء على طاولة المفاوضات بالطريقة الامريكية الاسرائيلية الوهمية.
فالشعب الفلسطيني مثل كل شعوب العالم يستحق الكرامة، إنها كرامة شعب الجبارين شعب ياسر عرفات الذي لا يعرف الركوع، فإذا كان الرئيس الأمريكي ترامب لم يعرف جيدا من هو شعب الجبارين، فعليه مراجعة نفسه ويقرأ التاريخ جيدا ويسأل من سبقوه من الرؤساء الامريكان، فهذا الشعب يستحق الكرامة ويسعى للحفاظ عليها كما الشعوب الحرة التي تؤمن بتلك القيمة اللصيقة مع الإنسان منذ الفطرة، ولا تنتقل عن أدمية الإنسان، فالفلسطيني منذ النكبة دوما يجاهد من أجل كرامته وعدم المس بها في كل حال من الأحوال أو الانتقاص منها، فالحياة بدون كرامة ليست لها طعم ولا رائحة، كما أن الكرامة ليست حكرا على شعب دون أخر، ومن حق أي شعب أن ينال قسطه من قيمة الكرامة التي تظل لصيقة بآدميته لا تنفك عنه طالما أنه محض آدمي، فإذا لم يكافح ويناضل الشعب في سبيل كرامته فلا مناص من الاستخفاف به وإهانته، فهما طريقان للحياة لا ثالث لهما، وعلى ترامب أن يدرك بأن كرامة الإنسان الفلسطيني فوق كل اعتبار من منطلق أنه مخلوق مكرم من الكريم، فهو يستحق كل مكرمة، وقدر الشعب الفلسطيني أن يناضل ويقاوم من اجل التحرير وفرض سيادته على أرضه رمز كرامته، هذا الشعب شعب الجبارين لا يدافع عن أرضه فقط بل يدافع عن مقدساته المسيحية والإسلامية، يدافع عن ارض العروبة من المحيط إلى الخليج يدافع عن الأحرار والشرفاء في هذا العالم كما قالها الرئيس الراحل ياسر عرفات، والشعوب هي دوما التي تحدد مصيرها بنضالها من أجل حريتها واستقلالها، وستبقي القضية الفلسطينية قضية الحق والعدل اللذان لا يغيبان في وجه الظلم، ولن يستطيع ترامب وغيره طمس أي حق من حقوق شعب الجبارين لا بقرارات أو تهديدات أو خطوات أخرى، فالإنسان الفلسطيني فخر العالم أجمع لأنه يناضل من اجل حريته واستعادة حقوقه وتحقيق امنياته وتطلعاته الوطنية.
بقلم/ د. رمزي النجار