يدور في الكواليس العودة الى مسار المفاوضات ، فإن صدقت التوقعات ، نكون امام مرحلة خطيرة تعصف بالقضية الفلسطينية لإفراغها من مضامينها واهدافها النضالية ، في ظل التحالف الامريكي الصهيوني الرجعي ، الى جانب بعض النظام العربي الرسمي ودعوته الصريحة للاعتراف والتطبيع مع دولة العدو الصهيوني .
ففي مثل هذه الحالة من الانحطاط والخضوع العربي الرسمي للمخططات الامبريالية الصهيونية، يبدو ان عنوان المرحلة الراهنة هو ، الانتقال من التسوية الى التصفية للقضية الفلسطينية تحت ذريعة ما يسمى بالتسوية او ما يسمى بالعملية السلمية او بذريعة الاعتدال ، وكلها ذرائع لا تخرج ولا تتناقض مع شروط العدو الصهيوني الامريكى والقوى الرجعية التي تتوزع الادوار المشبوهة فيما بينها .
ان هذا الوضع الكارثي الذي يحيق بقضيتنا الوطنية وبمجمل الاهداف التي ضحى مئات الالاف من ابناء شعبنا من اجلها ، يفرض إعادة نظر جذرية بالنسبة لطبيعة القوى،وخاصة الفلسطينية ، مما يشير إلى وهم الحصول على دولة في الضفة الغربية وقطاع غزة، بينما الدولة الصهيونية تسرق الزمن من أجل فرض شروطها في ظل المأزق الفلسطيني الراهن، دون الغاء وتجاوز الحديث او التخطيط لاقامة دويلة ممسوخة في قطاع غزة واربعون بالمئة من الضفة مع شطب القدس وحق العودة او الحديث عن بديل للضفة تكون جزء من اراضي سيناء بدلا منها ، لذلك لا بد من المجابهة لانهاء وتجاوز الانقسام الكارثي لكي نستعيد الوحدة الوطنية على قاعدة الالتزام العميق بالثوابت والاهداف الوطنية ومواصلة النضال بكل اشكاله من اجل الحرية والاستقلال والعودة .
ويأتي كل ذلك في ظل المواقف الصهيونية ومعهم بعض النظام الرسمي العربي، من دعوة الفلسطينيين إلى الاعتراف بالوقائع السياسية والميدانية، بعد استقدام مئات آلاف المستوطنين، وزرعهم في المستوطنات التي جرى بناؤها.
هل يجهل بعض العرب أن للقدس لغة خاصة ينبغي التحدث بها جهراً، بصوت مرتفع ونبرة حادة عندما يتم التعرض لها، لأنه لا يمكن لأحدَ ان يجهل لغة القدس، مكانتها وما تحتضن، أهميتها، وقدسيتها، وتاريخها وموقعها.
وامام كل هذه الظروف نرى أن قرار ترامب لم يكن مؤلماً لمن تعنيهم القدس، فهم بشراكتهم مع ترامب وادارته واستقبالهم نائبه بنس يكتبون فصول المؤامرة المتلاحقة التي لا تستهدف المنطقة وحدها بل تستهدف فلسطين وشعبها، وتصفيتها كقضية،وإسقاط حق عودة الفلسطينيين الى ديارهم.
إن حل الدولة الفلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس وضمان حق عودة اللاجئين الى ديارهم وفق القرار الاممي 194 ، يجب أن يبقى مطروحًا ، لأنه يستند إلى الشرعية العربية والدولية،
وبهذا المعنى يُمكن لما صدر عن المجلس المركزي أن يشكّل الحد الأدنى للتوافق السياسي بين أطراف وأطياف العمل السياسي الفلسطيني بدون أن يمنع ذلك أحد من مواصلة النضال لرفع مستوى سقف السياسة والمواقف الفلسطينية العامة.
وبصراحة فإنّ ما صدر عن المجلس المركزي يتطلب ترتيب البيت الفلسطيني وتفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها على ارضية شراكة وطنية وانهاء الانقسام وتطبيق اليات اتفاقات المصالحة دون تباطؤ اوتردد او تأجيل ، والاستمرار في الانتفاضة والمقاومة بمواجهة المخططات الصهيونية الأمريكية الرجعية .
ومن هنا نرى ضرورة ان تستنهض كافة الفصائل و القوى الوطنية الفلسطينية والعربية بمختلف الوانها واطيافها دورها وطاقاتها في ظل الظروف الدولية والعربية والاقليمية التي أفقدت الفلسطينيين بوصلتهم وقدرتهم على فرض رؤيتهم وقرارهم الوطني من اجل الحرية والاستقلال والعودة.
ختاما : نقول لا لن تنتهي حكاية المؤامرة هنا ، فاليوم فلسطين والقدس ، التي ستقبر اصحاب المؤامرة ، فهي تستهدف الجميع ، لذلك نقول أن لغة فلسطين القدس تتحدث عنها الجماهير العربية وقواها التقدمية والقومية كذلك احرار العالم ، فالقدس زهرة المدائن، ويجيد نطقها وترجمتها فعلاً وقولاً كل قوى المقاومة والشعب الفلسطيني شعب عظيم قادر على الصمود والمقاومة مهما اشتدت عليه المؤامرات ، فطريقه طريق الثورة والنضال والكفاح والتضحيات حتى تحقيق اهدافه الوطنية المشروعة في الحرية والاستقلال والعودة .
بقلم/ عباس الجمعة