نميمة البلد: الجنون الأمريكي والسُعار الإسرائيلي .... والعقلنة الفلسطينية

بقلم: جهاد حرب

حالة الجنون للإدارة الأمريكية المتمثلة في فرض عقوبات مالية على الفلسطينيين ناجم بالأساس عن عدم القبول الفلسطيني بخرق الإدارة الأمريكية للقانون الدولي ولقرارات مجلس الامن الدولي، ولالتزامات الإدارة الامريكية كونها وسيطا وراعية لعملية "سلام"، أو للعرف أو السياسات المعلنة للإدارات الامريكية المتعاقبة على مدار السبعين عاما الماضية.

تتماهى حالة الجنون هذه لدى الإدارة الأمريكية مع حالة سُعار لدى الحكومة الاسرائيلية لا يخفيان ليس فقط على الأطراف الدولية بل أيضا على قطاعات مختلفة داخل إسرائيل الاستعمارية وأجهزتها حتى القمعية. لكن هذا التوصيف سواء بكلماته العصبية أو تنميق الكلمات بكل تأكيد ليس هدف هذا المقال.

فالسؤال الذي يطرحه هذا الجنون من الإمبريالية الامريكية والاستعمار الإسرائيلي هل ينبغي أن يقابله عقلة فلسطينية أم جنون فلسطيني؟ في ظني أنه لا يوجد جواب فلسطيني حتى الان، أو على الأقل أن الأجوبة ما زالت فردية، وإن وجدت فهي غير مُمأسسة بمعنى استخدامية لذر الرمال في العيون الفلسطينية. وهذا ما حذرنا منه في مقالات سابقة.  

طغيان الابتزاز المالي للإدارة الأمريكية للفلسطينيين وكأن الأموال الأمريكية منحة أو مساعدة من الجمعية الامريكية الامبريالية بقدر ما هي التزامات عليها بهدف الاستقرار في المنطقة المستفيد الأول منه المستعمرون الإسرائيليون قبل الفلسطينيين. وفقا لنظرية الامن الإسرائيلي كلما زاد الرخاء انخفض التوتر "الإرهاب". وفي ظني على الفلسطينيين النظر الى الأموال الأمريكية ليس فقط في ميزان حجم هذه الأموال أو في مدى الاستفادة الفلسطينية المباشرة وغير المباشرة منها، بل أيضا في ميزان حفظ الاستقرار المطلوب إسرائيليا أو ما يتحقق للمستعمرين.

ويمكن هنا تقسيم المساعدات الامريكية المقدمة للفلسطينيين مباشرة الى نوعين الأول المتعلق بالبنى التحتية أو المؤسسات المدنية وهي مشغل هام لكن هذه الاموال تم حجبها في العام 2006 لأسباب سياسية أيضا، فيما النوع الثاني فيتعلق بدعم موازنة الامن وهو لم يتوقف في أسوء الحالات التي مرت بها العلاقة الفلسطينية الامريكية أو الإسرائيلية. ضمن معادلة الاستقرار مقابل الدعم المالي الأمني. وهي معادلة يمكن استغلالها في مواجهة الابتزاز الأمريكي فلا تعاون أمني في ظل ابتزاز سياسي؛ وهنا ليس بالضرورة أن يكون القرار سياسيا لكنه مهنيا بطعم سياسي. والمبادرة هنا من المهنيين المعنيين في التعاون تقليصا وحجبا أو امتناعا؛ بحيث يبقى تقدير حجمه وفي أي المجالات رهنا بالحالة ومدى الاستفادة الفلسطينية. فالحل الأمثل هنا عقلة الجنون الفلسطيني في مواجهة انفلات الجنون الأمريكي والسُعار الإسرائيلي.

بقلم/ جهاد حرب