إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية هو الاساس

بقلم: عباس الجمعة

منذ احتلال العراق من قبل الاحتلال الامريكي الاستعماري، رأينا المواقف الامريكية العدوانية اتجاه   المنطقة العربية ةالقضية الفلسطينية ، وحذرنا من ما دعت اليه الادارة الامريكية من فوضى خلاقة وبعدها من شرق اوسط جديد ، وما صاحب هذه المواقف من تراجع متسارع للنظام العربي، وفي ظل صمت عما تتعرض له من تهويد القدس وتدمير معالمها الدينية الاسلامية والمسيحية وطمس المعالم الحضارية والثقافية لفلسطين ،ومواصلة إبتلاع الأراضي الفلسطينية وتوسيع مساحات الاحتلال ومصادرة الأراضي و تحويل الفلسطينيين من شعب مقيم على أرضه إلى تجمعات سكانية هنا وهناك من قبل العدو الصهيوني، في محاولة من اجل ارغام الفلسطينيين على الاستسلام والقبول بأي حلول تفرضها الادارة الامريكية والعدو الصهيوني.

وفي ظل هذه الاجواء اتى قرار ترامب بشأن القدس ووضع المنطقة في مرحلة جديدة شديدة التعقيد، فالموقف الأمريكي تجاوز مكشوف وغير مسبوق بهذه الصورة على الشرعية الدولية وعلى الرأي العام العالمي، وتبين أن كل تصريحاته هو ورجال حكمه حول العمل من أجل تسوية عادلة أو حتى مقبولة للقضية الفلسطينية كانت أوهام ومحاولات لخداع المنطقة والرأي العام العالمي، وللابقاء على علاقاته التي تسمح له بالمكشوف ابتزاز الحكام العرب ونهب خيرات بلدانهم وتسخير بعضهم في حروبه ضد أطراف متعددة.

ويبدو جلياً أن قرار ترامب حول القدس يأتي في سياق سلسلة الاجراءات التي يتخذها لتخريب الوضع الدولي وتعريض السلم العالمي للخطر وتهديد البيئة الطبيعية، وصولا الى الحديث عن صفقة القرن من اجل تصفية وتبديد حقوق الشعب الفلسطيني.

من نرى ان ما يقوم به ترامب بخصوص هو ليس بجديد بل هو يتحدث باسم كيان الاحتلال لشطب حقوق الشعب الفلسطيني والتخلص من وكالة الاونروا بطرق مختلفة من خلال وقف التمويل المقدم للأنروا ،وتقليص الخدمات التي تقدمها للاجئين من ثم انهاء خدماتها و الغاء الأنروا والحاق اللاجئين الفلسطينيين “بالمفوضية العليا للأمم المتحدة للاجئين” في العالم  UNHCR  ،وبالتالي يصبح شأنهم شأن أي لاجئين في جميع أنحاء العالم، والعمل علىى شطب حق العودة ، وهذا ما يردده ترمب من جديد، وذلك تمهيدا لإخراج الأمم المتحدة والمجتمع الدولي من مسؤوليتهم إزاء القضية الفلسطينية .

ان نوايا إدارة ترامب تجاه "الأونروا" مبيّتة وتسبق موقف السلطة الفلسطينية من مسألة القدس، فالمقاربة "الترامبية" لحل الصراع بين الفلسطينيين وإسرائيل، والتي تم الترويج لها منذ أشهر تقوم على شطب حق العودة للاجئين وتوطينهم نهائيا في دول الشتات. ولتحقيق هذه الغاية لابد من إنهاء وجود"الأونروا" كعنوان أممي لقضية اللاجئين وحقهم في العودة والتعويض.

لا تستطيع إدارة ترامب مهما امتلكت من سطوة شطب "الأنروا"من الوجود، فهي قائمة بموجب قرارات دولية، ويحظى دورها ووجودها بدعم واسع من أغلبية الدول في العالم، لكن الوكالة ستواجه مأزقا صعبا في حال توقفت واشنطن عن تمويلها، وهذا ما تراهن عليه إدارة ترامب؛ دفع الوكالة لمرحلة العجز الكامل عن تقديم خدماتها وصولا إلى إعلان وفاتها، مما يتطلب من الدول العربية أن تواجه هذا المخطط بخطوات استباقية، وذلك عبر بحث هذا الموضوع مع الدول المانحة ورفع نسبة مساهمتها في ميزانية الوكالة، وإصدار تعهد عربي بتمويل العجز المالي من طرف الدول العربية الغنية.

وفي ظل هذه الاوضاع أن الموقف الشعبي الفلسطيني يشكل القاطرة للحراك الشعبي العربي والعالمي، وعليه يتوقف تصاعد أو هبوط حركة التضامن الواسعة مع عدالة قضيته والتنديد بكل ما يحاك من مؤامرات لتصفيتها وطمس جوهرها كقضية تحرر وطني من الاحتلال وكل ما يتفرع منه من سياسات الاستيطان والتهويد والأسرلة والفصل والتمييز العنصريين.

ان المواجهات بين الهبة الشعبية المستمرة والاحتلال لا زالت على أشدها، وهي تتواصل وتتصاعد منددة بالاحتلال  العنصري وبالتحالف الذي يعمق بين الكيان الصهيوني العنصري والدوائر اليمينية المتطرفة والمحافظة في الإدارة الأمريكية والكونغرس، والذي كانت آخر تجلياته الخطرة للغاية الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الاسرائيلي والشروع في نقل السفارة الأمريكية إليها.

لذلك يدرك الشعب الفلسطيني مدى أهمية حركة التضامن العربية والعالمية مع نضاله الوطني، كما يقدرعالياً التظاهرات الحاشدة المنددة بالسياسة الأمريكية وبمواقفها من القضية الفلسطينية

وامام هذه الظروف نرى ضرورة التحرك من اجل نقل ملف القضية الوطنية الفلسطينية إلى الأمم المتحدة لتحميل المجتمع الدولي مسؤولياته ووضع كيان العدو تحت طائلة القانون الدولي الإنساني ومواثيقه، والتزامه بتطبيق قرارات الشرعية الدولية المعطّلة منذ عقود والتي تستجيب لحقوق شعبنا الوطنية بالعودة وتقرير المصير والاستقلال الوطني، مع تفعيل الإنجاز الدبلوماسي بالاعتراف بفلسطين عضواً مراقباً في الأمم المتحدة، والانضمام إلى كل مؤسسات والمعاهدات الدولية وبشكل خاص محكمة الجنايات الدولية للعمل على مقاضاة العدو على جرائمه حربه التي ما زالت مستمرة ضد أبناء شعبنا حتى يومنا هذا، وكذلك التوجه الى مؤسسات شعبنا ومجلس حقوق الانسان وتقديم الملفات والوثائق التي يمكن بموجبها مقاضاة العدو الصهيوني وقادته كمجرمي حرب ، وتفعيل دورنا في نشاط الحركة الشعبية الدولية لمقاطعة الاحتلال في كل المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية والأكاديمية والقانونية وتوسيع دائرة المناصرين لشعبنا ونضاله الوطني، ومحاصرة الكيان الصهيوني على طريق نزع الشرعية لكيانه البغيض العنصري، ومقاطعة كل المحاولات الصهيونية والأمريكية لتعويم وكالة الغوث وشطب طابعها الخاص المرتبط بقضية لاجئ شعبنا، وبحقه في العودة إلى القرى والمدن التي هجر منها في فلسطين التاريخية.

لهذه وفي ظل المخاطر نطالب بوضع حدا لتدهور الوضع المعيشي بمختلف أشكاله في غزة، والمتفاقم منذ سنوات، بفعل الحصار الصهيوني وما أعقبه من إجراءات ظالمة طالت مختلف القطاعات الحياتية، هو مقدمة لتدمير كامل لمقومات الحياة بالقطاع، ، وهذا يستدعي من مؤسسات المجتمع الدولي تحمل المسؤولية عن ما آلت إليه الأمور في قطاع غزة، نتيجة صمتها عن استمرار الحصار الصهيوني والأوضاع المأساوية التي وصل إليها القطاع، والتدخخل الفوري عبر الضغط لفكّ الحصار وفتح المعابر، امام حالة القتل البطيء لأبناء الشعب الفلسطيني أمام مرأى ومسمع العالم دون أن يحرك أحداً ساكناً.

ختاما : لا بد من  التصدي لكل المحاولات الأمريكية الهادفة لتعويم وكالة الغوث وشطب طابعها الخاص المرتبط بلاجئي شعبنا، وبحقه في العودة إلى القرى والمدن التي هجر منها في فلسطين التاريخية، وإعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية على المستوى الوطني والقومي والأممي، والعمل على انهاء الانقسام والاسراع في تنفيذ بنود المصالحة وفق الاتفاقات والتفاهمات التي تمت وتعزيز الوحدة الوطنية وحماية المشروع الوطني وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها ومواصلة المعركة الدبلوماسية الرامية لكسر القرار الأمريكي بخصوص القدس والانحياز للجانب الصهيوني.

بقلم / عباس الجمعة

كاتب سياسي