طبعا استغل الرئيس الامريكي حالة الوهن غير المسبوقة التي تشهدها المنطقة العربية ،والخلافات العربية - العربية التي وصلت الى مرحلة غير مسبوقة وسببت في تسميم الاجواء العربية وفي تعميم ثقافة العداء، عوضا عن ارساء مفاهيم الوحدة والتقارب والحوار.
فاليوم امام انجازات المقاومة العربية في المنطقة بمواجهة القوى الارهابية التي دعمتها الادارة الامريكية والكيان الصهيوني والقوى الرجعية الحليفة لهما ، يحاول الرئيس الامريكي ان يبلور معالم "صفقة القرن" بعد عدة قرارات له وابرزها الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني ووقف المساعدات عن السلطة الفلسطينية والاونروا ووضع قادة وفصائل المقاومة على لائحة الارهاب ، ولهذا ان اخطر ما قد يواجه الشعب الفلسطيني والمنطقة هي تلك الصفقة .
ان كل المؤشرات والتطورات تنذر باشتعال حرب امريكية على الفلسطينيين والعرب وعلى كل القيم الانسانية والشرعية الدولية، بينما للأسف الشعب الفلسطيني يعيش حالة انقسام كارثي وخاصة ان البعض لم يفهم بعد الرسالة بان كل الاجندات الخارجية لم تعد تفيد دون الوحدة وتطبيق اليات اتفاق المصالحة وحماية البيت المعنوي للشعب الفلسطيني منظمة التحرير الفلسطينية ومشروعها الوطني والاسراع في عقد المجلس الوطني الفلسطيني ، فالشعب الفلسطيني ليس بالموظفين وعددهم بل الشعب الفلسطيني هو الشعب المقاوم الذي بانتفاضته ومقاومته ووحدته يواصل نضاله ويتحدى الجوع والعطش من اجل نيل حريته واستقلاله وعودته.
نحن اليوم نعايش تداعيات صراع تاريخي بدأ منذ نكبة 48 وتواصل مع نكسة 68 / ومن "وعد بلفور" الى "وعد ترامب"، حيث تتعاظم امامنا المسؤولية التاريخية امام الاجيال الجديدة التي ستحملنا اثم ضياع القدس وحق العودة ، لذلك فان كل القيادات الفلسطينية والفصائل والقوى على مختلف توجهاتها ان تستعيد دورها ومعالجة حالة الانقسام وكارثة غزة ، ومواصلة الانتفاضة والمقاومة والتمسك بحقوق الشعب الفلسطيني وبالقدس عاصمة ابدية لدولة فلسطين، لن يرفع الآذان في المسجد الاقصى والمساجد وتقرع كنائس القدس اجراسها الا الى محبيها وابنائها ، والأرض لن تضيع طالما ان هناك ارادة فلسطينية لا تنكسر رغم كل محاولات العدو .
ومن هنا نحن نخشى من تأثير القرار الامريكي على المصالحة الفلسطينية، التي ترعاها القاهرة بين الفصائل الفلسطينية، والتي بدأت تواجه تعثرا لافتا، لذلك يجب على سلطة غزة ان تسلم كافة الامور لحكومة الوفاق، فلا يجوز ان تضع اي جهة عراقيل تحت يافطة الموظفين وغير ذلك، وهناك معاناة كبيرة في قطاع غزة بحاجة الى معالجة، ولا يجوز ان نعرقل المصالحة في ظل التحديات التي تواجهها القضية الفلسطينية و قضية القدس، فالمرحلة بحاجة الى توحيد الصف الفلسطيني لمواجهة المخاطر من خلال دعم التحركات الشعبية في مواجهة القرارات الأميركية الصهيونية .
في ظل هذه الظروف نرى ان القضية الفلسطينية وسط أجواء قاتمة تسود المنطقة من جراء الحروب الإرهابية التكفيرية التي تحركها الأصابع الصهيونية وتؤججها من خلف الستار حيث تهدف هذه الحروب إلى إضعاف الدول والجيوش العربية المساندة والداعمة للقضية الفلسطينية ، بينما بعض الانظمة الرجعية تستمر بتواطئها مع الكيان الصهيوني، تطل صفقة القرن من اجل تصفية القضية المركزية وإعادة تفكيك وتمزيق وتقسيم دول المنطقة وتركيبها بما يخدم إقامة ما يسمى "شرق أوسط جديد".
ختاما : أن التصدي للقرارات الأمريكية يكون بالوحدة الوطنية والانتفاضة والمقاومة التي تشكل منارة مضيئة وأسطورية، حيث بصمود الشعب الفلسطيني وتضحياته لن يكتب لصفقة القرن النجاح وشباب فلسطين بدمائهم على أرض الميدان سيفشلون أحلام ترامب المريضة ومخططات ادارته البائسة .
بقلم/ عباس الجمعة