من رحم البطولة ولدوا.. ومن جذوة الحق شربوا ماء الطهر والنقاء، ومن عبق التراب المقدس، وعبير الياسمين تنفسوا المجد، وإستنشقوا هواء العزة والكرامة، من بيادر الحقل تعلموا عشق الأرض، وأبجدية الوفاء للوطن ومن سنابل القمح رضعوا الأحرف الأولى لمعنى الشموخ والكبرياء.. إنهم الابطال الذين خطوا بدمائهم ملاحم الشرف والنصر.. و إعتلوا كينونة المجد وتبوؤا سيرورة الفخار واعتلوا سدة الخلود.. علمونا كيف نغتسل بنور الحب ونتوضأ بماء الشهادة ونكبر في محراب الوطن.. علمونا كيف نصنع المعجزات ونحقق المستحيل.. وكيف نرسم على جدران التاريخ إسم القدس، وغزة ، وجنين، ونابلس، وطولكرم، والخليل ، ورام الله، والجليل ، وعكا، وحيفا، والكرمل وكل فلسطين من أول حبة تراب حتى اخر حبة.. فطوبى لكم أيها الشهداء الاكرم منا جميعا .. طوبى لكم يامن فتحتم سفر التاريخ بدمائكم الطاهرة الزكية، وعانقتم الشمس من أجل أن يعيش الوطن حراً عزيزاً كريماً فهنيئاً لكم وأمامكم ننحني لأنكم هدية الله للوطن الجميل، والضياء في حلكة الظلام، والغيث الكريم في واحات التصحر والجفاف. في أفضل الحالات فإن الأموات يبنون القبور ويعمرونها بأجداثٍ تصير تراباً.. لكن الشهداء يبنون صروحاً من المجد والعز والكبرياء، تظل شاهدة لهم على ما فعلوه لخير الناس ورفعة الوطن.في اللحظة التي غادر فيها الشهداء هذه الحياة كتبت لهم حياة أخرى.. في دار الخالدين.. وحفروا أسماءهم في شغاف القلوب الوفية وفي سجل الماجدين.كل الناس يموتون حين يرحلون إلا الشهداء فإنهم يحييون حياة النعيم حين يرحلون.. ويخلد ذكرهم أبد الآبدين، وكل الناس يتحسرون على موتاهم إلا ذوي الشهداء فهم يفتخرون بين الناس ويتباهون.ستظل قلوبنا مفعمة بحب الشهداء الذين قضوا دفاعاً عن الأرض والكرامة والعرض.
ختاما: مهما تعقدت الأمور، وتزاحمت الخطوب، وتشابكت الأحداث، فستبقى جنين بخير، لا يضرها ظلم الظالمين، ولا يضيمها غدر الغادرين، ولا حقد المحتلين، ففي جنين مدّخرات قيّمة من القدرات والطاقات الخلاقة، وفيها مخزون من الشهداء يكفي لضخّ شلالات من الضياء تنير الدرب للأجيال القادمة، وتنثر الأمل في ربوع الوطن الجميل.
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار، والشفاء العاجل لجرحانا الابطال، والحريّة لأسرانا البواسل، والنصر لشعبنا العظيم، وعاشت فلسطين حرة عربية وعاصمتها الأبدية القدس.
بقلم/ فراس الطيراوي