من الواضح أن ممارسات الإحتلال، والإدارة الأمريكة، ضد الشعب الفلسطيني تتجه لتعزيز الحكم الذاتي للفلسطيني، وإلغاء امكانية تحقيق دولة مستقلة لهم، متغافلين أن فلسطين أصبحت عضو بالأمم المتحدة، كما باقي دول العالم، وبذلك لا يمكن أن تتمتع بالحكم ذاتي التي يخططون له، أو وصاية كما حص بالإستعمار البريطاني لفلسطين، فميثاق الامم المتحدة بالمواد ( 73 و75 )حدد شروط ومواصفات الحكم الذاتي للأقاليم والوصاية عليها ، أنها تحقق لأقاليم لا تملك إدراة ذاتية لنفسها، فتتفق دول الأمم المتحدة تحت بند دعم السلم والأمن الدولي، أن تدعم هذه الأقاليم بمجالات الحياة السياسية والإجتماعية الإقتصادية والتعليم وغيرها، لتطويرها وتحقيق حقوقها وحرياتها حتى الحكم الذاتي لنفسها ، وبذلك تتمتع الأقاليم بحكمها الذاتي دون سيادة لها كدولة، والمادة ( 78 ) لنفس الميثاق بينت نظام الوصاية والحكم الذاتي لا ينطبق على أقاليم أصبحت عضواً في الأمم المتحدة، فالعلاقات داخل الأمم المتحدة، تقوم على احترام مبدأ المساواة بالسيادة، ولا يجوز التدخل بشؤونها الداخلية، وبذلك أي ممارسات للإحتلال والإدارة الأمريكة، تتجه نحو تعزيز الحكم الذاتي للفلسطينين، واقامة دولة واحدة للإحتلال الإسرائيلي، يعتبر باطل ضمن ميثاق الأمم المتحدة، والتي أصبحت فلسطين عضواً فيه، ولها حق المساواة كما باقي الدول الأخرى، بعدم التدخل في سيادتها وشؤونها الداخلية، وحق تقرير مصيرها بنفسها .
واعتداء الإدراة الأمريكية على المساعدات الإنسانية للفلسطينين، أيضاً تدخل واختراق لميثاق الأمم المتحدة، فالمواد 62 و63 و64 تبين وظايف ودور المجلس الإقتصادي الإجتماعي في الأمم المتحدة، التي أخذت على عاتقها تطوير شعوب الأعضاء، وحق الإتفاق مع وكالات دولية مختلفة، لتقديم خدمات لتحسين ظروف الشعوب، بناء على التقارير والإحصاءات التي ترفع للمجلس، وبذلك يثبت أن الإدراة الأمريكية والإحتلال الإسرئيلي، يمارسان نفس الإعتداء على حق الشعب الفلسطيني المفروض من الميثاق الدولي، دون مراعاة لأي بنود تثبت حق الشعب الفلسطيني، سواء بالسيادة والدولة المستقلة، أو تلقي المساعدات الإنسانية، وتطوير البنية الشاملة للدولة الفلسطينية .
وطلب الإحتلال من الإدراة الأمريكية، بنقل أموال المساعادات الإنسانية للفلسطينين التي حجزتها، كضغط للقبول بالصفقة الأمريكية التي تنهي حقوق الشعب الفلسطيني، وتسعى فقط لحكم ذاتي بأقاليم متوزعة، ونسيان سيادة موحدة لدولة فلسطينية، يعبر عن نية الإحتلال لنفس التوجه للحكم الذاتي، وأنه بذلك تلزم نفسها بدعم الأقاليم إنسانياً وتوفير متطلباته الأساسية، وتخشى من حجم التهديد الأمني الذي سيصيبها على الحدود مع قطاع غزة، وما سيسبب لها من احراج أمام دول العالم، إذا تخلت عن إنسانيتها اتجاه قطاع غزة، ورفض الإدارة الأمريكية لطلبها هذا، ليس لصالح الشعب الفلسطيني، بل كونها صنفته بالعاق الذي رفض اليد التي مدت له للتعاون، وأمواله لا تطعم أفواه عاقون، وهذه العنصرية الأمريكية الجديدة، حول ا لسيطرة والهيمنة على حقوق الشعوب، كما أ، الشعب الفلسطيني غني عن أموال دولة تمول الإرهاب الصهيوني، رغم أنها تسرق بذلك أموال الشعب الفلسطيني المشروعة، بالتعويض من دول العالم، وأمريكا ععما أصابه من معاناة الإحتلال، وما فرض له الميثاق حق تلقي الدعم .
وتوج الفلسطينين للإنفكاك عن الإحتلال بالجوانب الحياتية كافة، يعزز قيام الدولة الفلسطينية وتثبيت أركانها واقناع دول العالم بها، وتحقيق عضويتها الكاملة بالأمم المتحدة، ويغلق الطريق على الإدراة الأمريكية والإحتلال فكرة الحكم الذاتي، وتبدأ تعزيز تقرير المصير والسيادة على الأرض فعلياً، والإنفصال عن أي ضغوط خارجية، وحق القرار ببناء مؤسساتها دولتها كما تريد، ولها الانسحاب من الإتفاقيات مع الإحتلال، كونها لم ينفذ إلا لما فيه مصلحته الأمنية، معاناة الفلسطينين تردت بسببها .
أما دعوة من يُدعى برئيس مجلس المستوطنات الإسرائيلية بشمال الضفة الغربية، بفرض القانون الإسرائيلي على الضفة الغربية، وأن الوقت لم يعد ينتظر ليقتل كل يوم مستوطن حتى يحقق ذلك، والتصريح أنه لا يوجد بين نهر الأردن والبحر سوى دولة واحدة هي إسرائيل عاصمتها القدس الموحدة، دليل أخر على مدى التوجه الإحتلال لتحقيق هذه الدولة على حساب الوجود الفلسطيني، وأن الإستيطان أصبح ممتداً مع الداخل الفلسطيني عام 48، والقانون واحد يطبق على كل إسرائيلي أينما وجد، فالضفة الغربية أصبحت امتداداً للوجود الإسرائيلي منذ عام 48، ليبرز مدى التغول الذي سيشهده الإحتلال على الضفة الغربية ومواطنيها وأراضيها، لتحقيق حدود الدولة الواحدة من النهر للبحر، والعاصمة الموحدة لها بالقدس .
أما تقرير معهد الأمن القومي الإسرائيلي حول التهديد لوجود إسرائيل، والذي دعى لعدم نوم إسرائيل في مجدها، دون وضع سياسة للدفع مستقبل الدولة، لتكون يهودية وديمقراطية وأمنه وأخلاقية، رغم أن التهديد لوجود لإسرائيل حالياً غير موجود، لكنها لا يجب أن تركن أنها تعيش بأفضل أوضاعها الإستراتيحجية منذ تأسيسها قبل 70 عام، وتعتمد على قوتها العسكرية الهائلة، ويجب عليها العمل على بلورة تحالف دولي واسع، للجم نفوذ إيران السلبي بالشرق الأوسط، وتطوير صوارخ، ونشرأسلحة متطورة لأذرعها بالمنطقة، والتنسيق الكامل مع الولايات المتحدة، لتقود نحو ذلك، واستئناف العملية السلمية مع الفلسطينين بدعم دول عربية سنية، ورغم دعم ترامب لمسائل مهمة كثيرة لإسرائيل لكنه لم يظهر موافقة على كل المسائل المهمة للأمن القومي لإسرائيل، والحرص على عدم ذكر التهديد الوجودي لإسرائيل من أمريكا، لأنه ليس هناك أي خطر لوجود اسرائيل، وهي تتمتع باستراتيجية متينة، ويجب التعامل مع كل تهديد بمفرده، وحسب الخطورة فيه، وليس أنه يتعلق بوجود اسرائيل كدولة .
من الواضح مدى الحرص على الأمن القومي لإسرائيل، ومدى الخشية من تهديد وجودها، رغم أن الكلام جاء ليؤكد عدم وجود تهديد لذلك، ولكن هناك مخاطر فردية وتحديات تحيط بها، يجب التعامل معها بصورة فردية وحسب خطورتها، وأن إيران أهم تلك المخاطر، التي يجب لجمها لعدم فتح مجال لها في منطقة الشرق الأوسط، وأنها الأساس التي يتوجب العمل عليه، وكسب الإدارة الأمريكة للتبنيها كافة مسائل الدولة اليهودية ودعمها والدفاع عنها، وإيجاد التحالف الدولي لها ضد إيران، والإستئناف للمسيرة السلمية مع الفلسطينين بدعم عربي سني، وأن قوتها العسكرية الهائلة لا يجب الإعتماد عليها، بل تطويرها بأسلحة جديدة، ونشرها لأذرعها، فالسياسة الإسرائيلية تتوجه نحو بناء القوة العسكرية، والتحالف الدولي والعربي، ووجود الإتفاق الفلسطيني المسنود بدعم عربي، ولجم إيران بالمنطقة، كل ذلك يتوجه نحو تعزيز الأمن القومي لدولة الإحتلال، والذي ستكون يهودية ديمقراطية أخلاقية وأمنه، كما تدعي ساسية إسرائيل، وهذا يحتاج لكل تلك المحاور كي يحققها لها، سواء من العالم الدولي الداعم لها، أو العربي المساند والمحقق للتسوية المطلوبة للفلسطينين، أو الفضاء على وجود إيران بدعم عربي ودولي بالمنطقة، وتعزيز السلاح العسكري بالأسحلة الحديثة، وأهمها الدعم الأمريكي الذي لا حد له لأي طلب إسرائيلي لتحقيق دولة يهودية، وهنا الفلسطينين يكونوا في دائرة القبول بالحكم الذاتي المدعوم عربياً، والمنفصل عن الدولة اليهودية، ولكنه محكوم بكثير من أمورها التي تضمن بقاء وسيادة أمنها ووجودها .
لذا على الفلسطينين المسارعة لتحقيق وحدتهم، وانهاء الإنقسام الفلسطيني، وادراك الخطورة على وجود فلسطيني بالضفة الغربية، أو تحقيق دولة مستقلة له، وتعزيز البنية الكاملة لدعم صمود الشعب الفلسطيني، وتطوير مؤسساته وتعزيز الإنفصال عن الإحتلال والضغوط الخارجية، والتمسك بالمواثيق الدولية والحقوق بالأمم المتحدة، وتنظيم حق المقاومة المشروع دولياً لحماية الحقوق الفلسطينية، وحشد الدعم الدولي ضد فكرة الإحتلال الإسرائيلي والإدراة الأمريكية، وكسب الدعم والتأيد من أي جهة إقليمية للقضية الفلسطينية .
بقلم/ آمال أبو خديجة