لا شك أن منطقتنا تتعرض لهجوم امبريالي شامل، ولخطر شديد، حيث بدأت الولايات المتحدة الأمريكية بمحاولة العودة الى رسم خارطة المنطقة عبر صفقة القرن بهدف السيطرة الكاملة عليها، وهذا يدخل ضمن إطار استراتيجيتها ، وخاصة على منطقتنا لأسباب معروفة تتعلق بموقعها الاستراتيجي، وغناها بالنفط، ولحماية الكيان الصهيوني الذي يقوم بتنفيذ مخططات الامبريالية الأمريكية في المنطقة.
امام هذا التصور نجد أن منطقتنا تتعرض لهجوم إمبريالي شامل وخاصة بعد الوصول الى الانتهاء من عصاباتها الارهابية التي ارسلتها الى سوريا والعراق بهدف نشر الفوضى الخلاقة تحت اسم ما يسمى الربيع العربي بدعم من الرجعية العربية والكيان الصهيوني ، وضمن إطار استراتيجيتها بدأت تطرح سيناريوهات وأطروحات تستهدف تفتيت وتجزئة المنطقة ومحاولة استغلال التناقضات الموجودة في داخلها لذلك فنحن نواجه مخططاً تقسيمياً تفتيتياً يتجاوز سايكس بيكو ووعد بلفور فالمطلوب المزيد من التفتيت، التقسيم عبر استثمار مشاكلنا الداخلية وتحديداً النزاعات الطائفية والمذهبية، وتأتي تصفية القضية الفلسطينية، كقضية جوهرية بالنسبة للعرب، في هذا الإطار، في محاولة لجعل كيان الاحتلال الدولة الإقليمية الأولى المسيطرة اقتصادياً وعسكرياً وأمنياً، خصوصاً وأنها تمتلك طموحات للعب دور الشريك للإمبريالية الأمريكية في المنطقة وليس التابع، لذلك نحن أمام خطر جسيم يتهدد الأمن القومي للمنطقة برمتها، وتحديداً بعد ما يسمى الربيع العربي والذي خطط له الأمريكيون لجعله نقطة مرتكز للسيطرة المباشرة على المنطقة، إذ كان لديهم تصور أنه بعد احتلال العراق وحرب 2006 وصمود وانتصار المقاومة ، الانتقال الى ما اطلقوا عليه الربيع العربي والتي جلبوا له من اصقاع الارض كافة القوى الارهابية المغطاة بالاسلام لضرب سوريا وتصفية القضية الفلسطينية والقضاء على المقاومة ، وتمهيد الطريق لفرض ما يسمى بالشرق الأوسط الكبير، هذا المخطط الشامل يجعل المنطقة تحت السيطرة الأمريكية بشكل تام، الا ان ارادة الصمود والمقاومة العربية والتنسيق بين القوى العربية وروسيا اوقف هذا المخطط ، الذي عاد بعد وصول ترامب لسدة الرئاسة الامريكية ليبدأ مخططاته باخذ اموال الجماهير العربية وفتح باب التطبيع بين بعض الدول العربية مع الكيان الصهيوني واصدار قانون الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني ومن ثم البدء في قوانيين اخرى مترافقة مع قوانين صهيونية، لذلك نحن فعلاً أمام خطر شديد وداهم يتطلب رسم استراتيجية مجابهة شاملة لهذا المخطط الامبريالي الصهيوني الرجعي .
القضية الفلسطينية لا يمكن عزلها عن عمقها المحيط، او عزلها عن حركة الجماهير العربية، وهذا يتطلب من القوى المناهضة للمشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة ان تعمل على رسم مشروع رؤية لإحداث حالة تقدم في مواجهة صفقة القرن ودعم صمود الشعب الفلسطيني وانتفاضته ومقاومته ، واستنهاض طاقات الجماهير وابقاء بوصلة صراعها باتجاه العدو الصهيوني والتصدي.
لبعض الأقاويل لتغيير وجهة الصراع في المنطقة بالحديث عن الخطر الإيراني والسلاح النووي، لأن الهدف الأساسي هو حرف الصراع عن اتجاهه السليم الصراع الأساسي وهو الصراع مع الامبريالية ومع المشروع الصهيوني و المشاريع الأمريكية في المنطقة.
من هنا نقول للجميع شعبنا دفع ثمناً باهظاً من دماء أبنائه الصامدين، وهو يقول للعالم اليوم لا يمكن ان يتنازل لا عن القدس ولا عن حق العودة ولا عن اي جزء من الضفة او غزة إما النصر والحرية والاستقلال ، شعبنا لم يعد يقبل الولايات المتحدة كوسيط فيما يسمى بعملية السلام الزائفة والمخادعة هذه العملية انتهت ، الشعب الفلسطيني وصل إلى قناعة أن لا سبيل لاستعادة الحقوق إلا المقاومة بكافة اشكالها وعقد مؤتمر دولي لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، فهذا الشعب الفلسطيني العظيم سيواصل مسيرته مهما غلت التضحيات.
في ظل هذه الاوضاع نرفض اي صفقة او حل سياسي لن يحقق الحد الأدنى من الأهداف الوطنية للشعب الفلسطيني ، وهذا يوجب علينا أن نعيد الاعتبار للمشروع الوطني الفلسطيني، ونحن نطالب الجميع من موقع المسؤولية بمعالجة أوضاع الساحة الفلسطينية وحماية منظمة التحرير الفلسطينية، فهي الإطار الجامع الموحد للشعب الفلسطيني سواءً في المناطق المحتلة عام 48 أو في الضفة والقطاع، أو في مواقع اللجوء والشتات.
ختاما: نحن على قناعة أن كافة أشكال النضال مهمة ولا نقلل من قيمة أي شكل من أشكال المقاومة من أجل استعادة الحقوق وتحرير الأرض لأننا أمام كيان مجرم يريد السيطرة على كل شيء ولن ينسحب من أرضنا أو بلادنا مالم يصل إلى قناعة أن استمرار احتلاله سيكون مكلف بشرياً واقتصادياً ودون وصولهم إلى هذه النتيجة لن ينسحبوا من هذه الأرض، وهذا ما أثبتته الأحداث وانتفاضة شعبنا المتواصلة، فهذه اللوحة هي لوحة الصمود الرائع التي يعتز بها شعبنا الفلسطيني وشعوبنا العربية وأحرار العالم.
بقلم/ عباس الجمعة