بفعل الحدث السوري تعسكرت العلاقات الدولية

بقلم: محمد احمد الروسان

الولايات المتحدة الأمريكية بكارتلاتها العسكرية والمخابراتية والأعلامية والأقتصادية المختلفة والمتنوعة، قلعة هائلة من الفولاذ، ويزداد سطحها شروخاً وشروخاً مع مرور الوقت، والحد الأدنى المطلوب منّا كعرب أن لا نزيدها شروخاً تلو الشروخ، لكن على الأقل ألاّ نعمل على رتقها لتلك الشروخ، وعرب روتانا(مش حتئدر تغمض عينيك)ومن دار في فلكهم من باقي البعض العربي، يحاولون الرتق سياسيّاً واقتصاديّاً وماليّاً، وبدل من مكافأة هذا البعض العربي الأنبطاحي المتصهين على فعلهم هذا من قبل اليانكي الأمريكي، أخرجوا لهم قانون جاستا لاستحلابهم حتّى أخر ريال وآخر دولار. إنّ شروخ هذه القلعة صارت أكبر من محاولات الترميم لا الرتق، لذلك واشنطن تدفع باتباعها للمشاكسات التصعيدية سياسياً وقانونياً وميدانياً لتحصل على مكتسبات قابلة للصرف على طاولة المفاوضات، ولكنها في لحظة الأقتراب من المواجهة العسكرية المباشرة تعود لأستخدام استراتيجيات المكابح لديها، تمهيداً لجولة تصعيد جديدة وتوظيف الجميع ضد الجميع. اليانكي الأمريكي يسعى الى تحويل مسرحية البدء بسحب قوّاته من العراق المحتل كتكتيك، لغايات دعم حيدر العبادي في الانتخابات القادمة، وإلى تحويل وتموضع هذه الحالة، بحالة حصان طروادة لينفذوا من خلالها الى المشاركة الفاعلة في رسم وترسيم مستقبل العراق المحتل، بعد أن صار العراق المحتل أولوية أمن قومي أمريكي متفاقم لغايات العبث بايران واستقرارها. الرسم والترسيم الأمريكي سيكون عبر الجغرافيا العراقية التي تغلغلت فيها داعش في السابق، وهذه الجغرافيا بديمغرافيتها ذات طابع سنّي حيث لداعش وجلّ الأرهاب حواضن فيها. بعبارة أخرى، أمريكا تسعى وبثبات إلى خلق وتخليق قوّة سنيّة ضخمة تكون قادرة على فرض الأقليم السنّي، الذي طالما بحثت عنه أمريكا وأدواتها الأقليمية والبعض عراقية عنه عبر مجاميع الأرهاب الداعشيّ. وبخصوص الدخول التركي والقصف عبر الطيران على طول الحدود السورية الشمالية مع تركيا وجلّ عملية عفرين، وإعلان أنقرة إقامة منطقة آمنة بمساحات، والقضاء على أي كانتون كردي تروتسكي متصهين خوزمتجي، يسعى إلى نافذة بحرية على البحر المتوسط، حيث كان اسقاط الطائرة الحربية الأسرائيلية الصهيونية(اف16)وقتل طيارها، وطائرة عامودية أخرى، بجانب اسقاط خمسة صواريخ صهيونية بشكل متعدد، وأعتقد عبر صورايخ سام 200 المتطورة، عبر مركز جمرايا السوري للبحوث وليس سام 5، ومن هنا نلحظ أنّ الإسرائيلي يركز على مركز البحوث في جمرايا الذي أذلّ الإسرائيلي في حرب تموز2006 م، حيث كان لتلك الصواريخ التي تم تطويرها وتجربتها في هذا المركز، الأثر الكبير في تدمير الدبّابة الإسرائيلية ميركافا،  رسالة عسكرية وسياسية سورية لكل من التركي والإسرائيلي والأمريكي، خاصةً وأنّنا نلحظ أنّ الرئيس أردوغان يصبح ويمسي على شاشات التلفزة أكثر من شريط الأخبار ذاته، ويبشّر بقرب اقامة منطقة آمنة في الشمال السوري وبمساحات، مع فرض حظر طيران جوي تحت الأمر الواقع، وهنا ومؤخراً، نلحظ أنّ التلفزيون العربي السوري المقاوم، يبث بين فينة وأخرى، صورة لطيّار حربي سوري مقاتل وخلفه طائرة ميغ 29 تحمل الصاروخ R – 77 المخصص للأشتباك الجوي، والذي يماثل في حالته أحدث الصواريخ الأمريكية، وهذه الصورة كانت قراءتها بالنسبة لي كالتالي: الدولة الوطنية السورية بجيشها العربي العقائدي ونظامها ونسقها السياسي لوحدها ولوحدها، قادرة على اسقاط مشروع حظر الطيران وجاهزة تماماً لأي اشتباك جوي سواءً مع الإسرائيلي أو غيره، وأنّ لبنان وسورية جبهة واحدة، وأنّ دمشق أعادت بناء منظومات الدفاع الجوي التي دمرها الإرهابيون، بناء على مشغليهم من إسرائيلي وأمريكي وبعض عربي خوزمتجي، منذ بدايات الحدث السوري والمؤامرة على دمشق. الجبهات الحربية في المنطقة مترابطة رأسيّا وأفقياً بعمق، من جبهة ريف حلب، وريف ادلب، وحرب الشمال السوري والشمال الشرقي لجل سورية، وريف دير الزور الشرقي والرقّة، إلى معارك الجيش العراقي والحشد الشعبي مع بعض بؤر الإرهاب، فاليمن العربي الذي تركوه اخوته في الجبّ وحيداً، الى جبهة الجنوب السوري والتي تزداد سخونة على سخونة، بعد أن كانت ساكنة بفعل الاتفاق الروسي الأمريكي الأردني، والذي تحفّظ عليه الصهيوني الإسرائيلي في السابق. المتضرر من رتم انجازات الجيش العربي السوري وحلفائه، يلجأ إلى الميدان ولغته، وها هو الأمريكي الوقح، يزود السفلة الأرهابيين بأسلحة كاسرة للتوازن مضادة للطيران، وهنا جاء اسقاط الطائرة الصهيونية عبر الجيش العربي السوري وقتل الطيّار الصهيوني بجانب اسقاط طائرة عامودية أخرى، كرد روسي غير مباشر على اسقاط الطائرة الروسية فوق سراقب بحلب واستشهاد قائدها، وكرد على قصف ما يسمى بالتحالف الأمريكي لقوات حليفة للجيش السوري، واستشهاد عدد من المقاتلين من بينهم نجليّ الشيخ نوّاف البشير، كانت تتعامل مع خلية داعشيّة محمية أمريكياً شرق دير الزور، سيلجأ الروسي إلى أفغانستان ويزود حركة طالبان بأسلحة نوعية مضادة للطيران، عبر توظيفها من جديد ضد طائرات الأمريكي وطائرات الناتو، كما سيلجأ إلى اليمن ويزود الجيش اليمني وأنصار الله بأسلحة فتّاكة، وها هو الأمريكي يقوم بمحاولات وقف العدوان السعودي الأمريكي البعض العربي على اليمن العروبي العربي، كل ذلك حتّى لا يصير الرد الروسي فاعلاً متفاعلاً ومجديّاً على الرد على الرؤية الأمريكية ومضمونها: على المتضرر من رتم زمجرة الجيش العربي السوري العقائدي وحلفائه، اللجوء إلى لغة الميدان السوري، شيفرة سهل فكّها من قبل السذّج فكيف بالمتابع والنخب؟!. نواة العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي صدى المجمّع الصناعي الحربي الأمريكي ذراع جنين الحكومة الدولية، تجترّها اجتراراً للأستراتيجيات الولاياتية الأمريكية السابقة التي طبقت بالماضي البعيد والقريب على حد سواء، مع تعديلات وتحسينات واضافات هنا وهناك، وتجديد للأدوات من دول وظيفية وحركات وأحزاب وتيّارات تنفذ الخطط والعمليات القذرة، مع تحسينات للمبرّرات واستخدامات للمصطلحات بكثافة على شاكلة المعزوفات التالية: الحرية والتحرر، وحقوق الأنسان والأنعتاق من نير الظلم، والديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية، والحاكمية الرشيدة وتطوير الموارد البشرية، والشفافية والنزاهة، ومحاربة الفساد، وما الى ذلك من مصطلحات وكلمات تستلذ لسماعها الأذن البشرية وتطرب، وتسترخي الأجساد الذكورية والأنثوية لها على حد سواء. الثوابت الطبيعية الجغرافية، هي التي تفرض استراتيجيات الدول المختلفة الفاعلة والمقرّرة ازاء أي منطقة، وتعمل الدواعي التاريخية على تحريكها لتلك الأستراتيجيات الخاصة، بالفاعلين من الدول أو حتّى الحركات والجماعات ذات الأذرع العسكرية، والتي تكون أقل من دولة وأكبر من حزب أو حركة أو جماعة. والجغرافيا أي جغرافيا، نعم قد تكون صمّاء لكنّ التاريخ هو لسانها، وصحيح أنّ التاريخ هو ظلّ الأنسان على الأرض، فانّ الجغرافيا الصمّاء هي ظل الأرض على الزمان، ولفهم جلّ المشهد الدولي وانعكاساته على المشاهد الأقليمية في أكثر من منطقة وأزيد من مكان وساحة وتفاعلات ذلك وتداعياته، لا بدّ من استدعاء الجغرافيا والتاريخ كلسان لها، هكذا تعمل مراكز التفكير الفاعلة في جلّ ساحات المعمورة. جزء من هذه الأستراتيجيات الأمريكية حول العالم بعناوين فرعية لكنّها هامة، تتمفصل في تشجيع واسناد جلّ الحركات الجهادية المسلّحة في أماكن النفوذ الأمريكي وما يعتبر مجال حيوي وجزء من أمنه القومي، على المطالبات بالأنفصال وتشكيل الكيانات او الدويلات وعلى طول الحدود ما بين تواجدها ومراكز الدول التي تطالب بالأنفصال عنها. الولايات المتحدة وحلفائها من الغرب وبعض من عرب مرتهن، تعمل على توظيفات وتوليفات لسوق الجهاد الأممي كفردوس جهادي في تعزيز الفكر الأنفصالي الذي تنادي به الحركات المسلحة، في الرغبة بالأنفصال والأبتعاد عن مراكز الدول التي تفعّل عملها العسكري فيها، وتحت معزوفات الأستراتيجيات الأمريكية السابق ذكرها خدمة لمصالحها ومصالح حلفائها، بعبارة أخرى البعض يوهبن الحركات وبالتالي الثورات، والبعض الآخر يعمل على أخونة بعضها، أمّا الأمريكي فيوظّف ويولّف فيستثمر ويحصد، والولايات المتحدة الأمريكية مستعدة لتأمين الاعتراف الذي يتيح للحركات الإسلامية السنية الانفصالية أيّاً كانت الغطاء القانوني الدولي، وعلى وجه الخصوص عدم اتهامها بواسطة أمريكا والاتحاد الأوروبي وحلفائهم بالإرهاب، طالما انّ ذلك يخدم المصالح ويحقق لها نقاط ربح في ساحات الخصوم. واشنطن وحلفائها من غرب وبعض عرب(كرّرنا ذلك مراراً وتكراراً وفي أكثر من قراءة وتحليل، لجلّ احداثيات المشهد الأقليمي والدولي)، يريدون دولة عربية قطرية جديدة مبنية على فرز ديمغرافي وجغرافي، بأساس التجانس المذهبي وليس التجانس السياسي وخير مثال على ذلك: العراق وسورية، وباقي الدول التي يغلب عليها عدم التجانس الطائفي بدواخلها الأجتماعية ستؤول نحو التفكك والفرز الديمغرافي والجغرافي، في حين أنّ الدول التي يغلب عليها التجانس المذهبي كمصر وليبيا سيصيبها ضعف في المركز وعدم قدرة هذا الأخير(المركز)على السيطرة على الأطراف. وسلّة التحالفات الأمريكية ومن ارتبط بها، تعمل من جهة على محاصرة الأرهاب الآن ومحاربته في العراق وسورية، ومن جهة أخرى تحاول ايجاد حلول سياسية للحدث السوري فتتفاعل مع موسكو وايران، في فوضى لقاءات ماراثونية وحمّى تصريحات متناقضة، حيث يمكن اعتبار الهدفان للعاصمة الأمريكية بمثابة حصان طروادة لأكمال مسيرة التفتيت والتقسيم للمنطقة، ولكن هذه المرّة في اطار البناء الجديد المتساوق مع مصالحها وليس الهدم، حيث الأخير كان المرحلة الأولى من مشروع استراتيجية التوحش، والآن بدأت المرحلة الثانية: البناء في اطار تقسيم المقسّم وتجزئة المجزّأ وتفتيت المفتت، فهي تعمل على انشاء قوّات فصل أو ان شئت دولة القاطع المؤقته لمحور المقاومة في الرقّة السورية، ليقطع التواصل الجغرافي بين ايران والعراق من جهة وسورية وحزب الله من جهة أخرى وعبر فردوس الجهاد الدولي. أروقة صنع القرار في العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي، تسعى الى كسب حروب الولايات المتحدة الأمريكية سواءً في سورية أو أوكرانيا، وفي صراعاتها مع الصين وروسيّا، وفي فنزويلا وجلّ أسيا وفي كوبا عبر عودة العلاقات، عبر مخططات هندسة توريط حلفائها وأدواتها، من خلال اجتراح هندسة أنواع جديدة من حروب وغزوات يخوضها الآخرون(الأدوات)، بالنيابة عنها وعن المجمّع الصناعي الحربي وبلدربيرغه في الداخل الأمريكي، فيما تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بالجلوس حول موقد نار حروبها، تلتقط الكستناء وبيض الحجل الطازج من بين ما أشعلته آيادي حلفائها وأدواتها وعملائها، بتوجيه وايعاز من نواة ادارتها(جنين الحكومة الأممية)، وعندّ الأزورار بالكستناء والبيض المشوي تحتسي النبيذ المعتّق حتّى لا تموت بازورارها. تتصف عمليات مكافحة الإرهاب في الجمهورية العربية السورية ذات النطاق الزماني والمكاني بأهداف وغايات ذات طبيعة خاصة، عبر هندسة متتاليات التعاون السوري الروسي الأيراني، وتقاطعاً بالفعل والعمل مع حزب الله والمقاومات الشعبية، وجلّ السابق مدعوم باسناد صيني حقيقي كخط خلفي لم يظهر بعد للعامه بوضوح(بكين معنيه بالأيغور في الداخل السوري، وبمجاميع الحزب الاسلامي التركمستاني كصوفيي للسي أي ايه والأم أي سكس وللمخابرات التركية، كما هي روسيّا معنيه بالشيشان وبعض الشركس كبرابرة جدد وكصوفيي لتلك المجتمعات المخابراتية السالف ذكرها)، فهي ليست بحرب كلاسيكية ولكن ذو محتوى ومضمون  مختلف وفريد من نوعه، ولم يظهر حتّى لا في الحرب العالميه الأولى ولا الثانية، ولا بالحرب على أفغانستان والعراق ولا في ليبيا أيضاً. فالقوّات الحكومية السورية وحلفائها على الأرض، مسنودة من الروسي تعمل على دحر الإرهاب وتدمير وتخريب تشكيلات المتطرفين من مراكز وقواعد تدريب وعزل المناطق القتالية، ووقف تدفق المسلحين والأسلحة من الخارج(عمليات عسكرية سورية روسية قادمة ناجعة في اعزاز على الحدود مع تركيا)، وفق عمليات تتصف بالدقة والنوعية لجهة الفعل والنتيجة، إلاّ أنّ حركة القوّات الأمنية وعلى الأغلب الأعم والأدق، مقيدة بظروف صعبة وموضوعية، فهي تتصرف كما لوكانت مكتوفة الأيدي، حيث البرابرة الجدد صوفيو المخابرات الغربية والأقليمية وصوفيو مخابرات الساحات الضعيفة والقويّة، يدخلون في صراع مع الجيش العربي السوري ضمن الأبنية السكنية المأهولة، ويستخدمون المدنيين كدروع بشرية، والعمل  ذلك. فحماية المدنيين والبنى التحتية يمنعها(أي الدولة السورية)من استخدام الأسلحة الأكثر قوّة وفعالية في بعض المناطق، كمسار اجباري للدولة على تحويل جهد كبير في حماية الموارد المائية والسكنيه والأقتصادية والطرق من هجمات العناصر الأرهابية، ومناطق أخرى مفتوحه ويتواجد فيها البرابره الجدد صوفيو مجتمع المخابرات الأمريكي والمخابرات الغربية ومن تحالف معهم، يكون القصف فيها سجّاديّاً(قريباً سيكون الشمال السوري وادلب وعلى طول الحدود مع تركيا، القصف فيه سجّاديّاً من الجو مسنوداً من الروسي والسوري والطيران الأيراني أيضاً)مع بدء عملية بريّة يقوم بها الجيش السوري وحلفائه لحسم وانهاء التنظيمات الأرهابية المسلّحة، والتي تم تليينها وتذويب نواتها عبر القصف الروسي منذ بدء فعله المؤثّر. الحكومة السورية تحارب مجموعات مسلحة ذات تشكيلات وتنظيمات متعددة وأخطرها المنظمات الإرهابية التي تشكلت في دول الخليج  ذوات اللحى،  والتي يتمتع أعضاؤها بمهارات قتالية وتكتيكية اكتسبوها  خلال تدريبهم في معسكرات خاصة، كما أنهم يتميزون بالانضباط وقدرتهم على التأثير في القضايا ذات الطابع الديني والعرقي، وكسب ثقة السكّان المحليين لتوريد الأسلحة والمقاتلين والمؤن، وفئة أخرى أقل تنظيماً ومعنوية قتالية، يعتمدون التعصب الطائفي والقتل والنهب والسرقة والارهاب الوحشي، عبر حبوب الكبتاغون كوقود للبرابرة والخوارج الجدد على حد وصف الملك عبدالله الثاني لهم. فصوفيو وكالة المخابرات المركزية الأمريكية(البرابرة الجدد)يهدّدون روسيّا والصين وايران، وضرب هياكل الأمن القومي في هذه الدول وجلّ أسيا ضمن استراتيجية الأستدارة بعد الأفراغ من السيناريو السوري، والأخير يهدد الأمن القومي الروسي من قبل  البرابرة الجدد صوفيو المخابرات الدولية وعلى رأسها الأمريكية، فمن الواضح أن سورية هي حقل التجارب الجديد  لتدمير مفهوم الدولة، وقد ظهرت نتائج هذه التكنولوجيا في(ليبا والعراق ويوغوسلافيا)، وأنّ مصير كل من روسيّا وإيران والصين واليمن وحتى الاتحاد الأوروبي، يتوقف على نجاح أو فشل هذه التجارب، فسورية أصبحت الخط الأمامي المتقدم الذي يسعى الكل للحفاظ عليه ولكن كل حسب مصالحه، روسيّا تحاول الحفاظ على سوريا كدولة، لأن الوجود الروسي العسكري في سورية وبالقاعدة العسكرية في طرطوس وحياة الآلاف الروس الذين يعيشون في سورية، والمصالح الاقتصادية والعسكرية على المحك، إن لم نقل مستقبل روسيّا نفسها على المحك وأمنها القومي. لذا الروس دخلوا بقوّاتهم سورية بطلب من الدولة الوطنية السورية وتحت راية العلم الروسي، حتّى لا تقول أمريكا والناتو وثكنة المرتزقة اسرائيل أنّ هذا كاسر للتوازن العسكري في المنطقة، وهناك مبدأ هام في العلوم العسكرية تدركه موسكو والصين وايران يقول: اذا لم تتمكن من منع الحرب فعليك المبادرة الى شنّها، فعدم مبادرة روسيّا وايران والصين الى شن الحرب على صوفيي وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ومن تحالف معها، سوف يتيح للناتو استلام الزمام ونقل الحرب الى حدود روسيّا والصين وايران وجلّ أسيا وضرب هياكل الأمن القومي فيها. في حين نرى واشنطن والعواصم الغربية، يدافعون عن مصالحهم عن طريق محاولة شطب سورية أو على الأقل كسر سورية لتكون دولة فاشلة للحفاظ على ثكنة المرتزقة اسرائيل وأمنها، من خلال التزييف الإعلامي والحرب الدبلوماسية والعقوبات الاقتصادية، وإضعاف الموارد البشرية والمادية، ناهيك عن الدعم  العسكري المعلن لبرابرتها الجدد دواعش الماما الأمريكية، صوفيو المخابرات الدولية الذين يحاولون كسر الدولة السورية من خلال القتل والتفجيرات. فحسب إستراتيجية البلدربيرغ الأمريكي جنين الحكومة الأممية ورمزه الجمجمة والعظمتين، أنّه بعد سقوط سورية وإيران فإن احتمال الحرب في القوقاز وآسيا الوسطى كبير جداً، فالناس  الذين يحملون النسخة المحرّفة من الإسلام سيكونون موجهين ضد روسيّا والصين وأوروبا أيضاً، لشطبها واعادة صياغتها، والتفجيرات التي حدثت وتحدث وستحدث، في جلّ الجغرافيا الأوروبية خطوة أولى على طريق ارهابي طويل سيضرب هياكل الأمن القومي الأوروبي، وفي أيدي هؤلاء الناس مخزونات ضخمة من الأهداف، فروسيّا والصين قد تكونان الحلقة الأضعف هنا ضمن استراتيجية البلدربيرغ الأمريكي، خاصةً وأنّ روسيّا  الاتحادية تعاني من المشاكل ونقاط الضعف، والحل الوحيد  لتفادي روسيّا  من الوقوع في الهاوية هو إنقاذ سورية من صوفيي وكالة المخابرات المركزية الأمريكية. هذا واستمرت أنقرة في لعب دور هام في التعاون الأوروبي الأطلسي، ومنذ لحظة انضمامها إلى حلف الناتو في شباط من عام 1952، وخلال الحرب الباردة لعبت الجغرافيا التركية دور الجناح الجنوبي في سياسة الناتو في مواجهة الاتحاد السوفيتي، ونلاحظ أنّه منذ تفكك الاتحاد السوفيتي وانضمام بلدان سوفيتية سابقة إلى الحلف الأطلسي، أصبحت الجغرافيا التركية موضع تساؤل من الناحية الإستراتيجية. ولكن بعد هجمات 11 أيلول لعام 2001 م وتبني الناتو لسياسة جديدة، أدت إلى تدخل الناتو في أماكن بعيدة جغرافيا عن أوروبا والأطلسي، استعادت تركيا بعض من تلك الأهمية نتيجة تدخل الناتو في تلك المناطق، حيث ساعدت الأوروبيين وسهلت غزو أفغانستان، و قامت أيضا بإرسال قوات تركية وإدارة معسكر قوات التحالف في كابول عامي 2002 و2005. وهنا لا بدّ من التأشير إلى أنّه، بلغ عدد الجنود الأتراك الذين شاركوا في عمليات الناتو المختلفة أكثر من أربعة آلاف جندي، منهم ألفي جندي عاملون مع قوات التحالف في أفغانستان، كما أرسلت أكثر من ألف عنصر كجزء من التحالف الذي أنجز عمليات الناتو في ليبيا، والمتبقي متواجد في آماكن وبؤر نزاع دولي وإقليمي أخرى، مع مجموعات استخبارية ومخابراتية مترافقة، مع جلّ الكتلة البشرية العسكرية التركية المتشاركة مع الناتو إزاء بؤر النزاع المختلفة. وتشير المعلومات، ومع عملية إعادة هيكلة الناتو ولا نقول هندرة الناتو، حيث الأخيرة غير الأولى، سيتم تخفيض عدد مقرات قيادة قوات الناتو العاملة في الخارج، من ثلاثة عشر قاعدة إلى ثمانية أو سبعة من القواعد العسكرية، وليس "القواعد" بمعنى النساء اللواتي لا يرجنّ نكاحاً، ونتيجة لذلك سيتم استبدال قاعدة القيادة الجوية الواقع في أزمير، لتصبح قاعدة قيادة جديدة للقوات البرية النيتويّة، وبذلك ستستضيف تركيا إحدى أكبر مقرات القيادة للناتو على أراضيها في القريب العاجل، مع تصعيدات لعمليات العصابات المسلحة في الداخل السوري وعلى أطراف حدوده، إن لجهة تركيا، والى حد ما لجهة لبنان، مع وجود استراتيجيات للعصابات العاملة المسلحة في الداخل السوري، بإيعاز سعودي أمريكي مشترك، لتسخين الحدود المشتركة مع الأردن، لتوريطات مدروسة بالموضوع السوري من جديد وللأنقلاب على النصف استدارة أردنية برعاية الروسي نحو دمشق، فسخونة العلاقات الروسية الأردنية قادت في السابق، وتقود هذا الأوان الساخن بعد اسقاط الطائرة الصهيونية عبر صواريخ سام 200 السورية المتطورة، علي المملوك وجميل حسن وغيرهما إلى عمان بزيارات سريّة، ولن تكون الزيارة الأخيرة لهما ولغيرهم من المسؤولين السوريين، رغم رفضه المطلق(أي الأردن)وعمله على أرض الواقع على هذا الرفض، للتدخل بالشأن السوري رغم تفاقم الضغوط عليه. والتساؤل هنا يلح علينا مع استضافة أنقرة لقوات بريّة من الناتو في قاعدة أزمير التركية، هل لذلك علاقة بعملية عفرين مثلاً؟ كذلك عبر تسريبات جديدة تقول ثمة طلب تركي حديث وعاجل في نشر بطاريات صواريخ باترويت، وما يؤشّر ذلك إلى عسكرة واضحة للحدود التركية – السورية، وبغض النظر أنّ تلك الصواريخ هي دفاعية أم هجومية، فالشيطان يعيش في التفاصيل وملحقاتها وتداعياتها!. رئيس الوزراء التركي يرى، إن إستراتيجية الناتو قد تطورت في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، وتطورت معها النظرة الإستراتيجية التركية، وتركيا تطمح إلى لعب دور إقليمي أكبر، في مشاكل القوقاز والبلقان والشرق الأوسط، إن لجهة إيران، وان لجهة سوريا ولبنان، وان لجهة ملف الصراع العربي – الإسرائيلي وارتباطاته، لكن من ناحية أخرى يهيمن التوتر على علاقة حزب العدالة والتنمية الحاكم مع بلدان كأرمينيا وقبرص، قطعاً بجانب العراق وسورية، كما تشير معلومات إلى وجود قيادات وكوادر من الصفوف الثانية والثالثة، وخاصةً في جهاز الاستخبارات العسكرية التركية رافضة وبقوة، وغير راضية عن موقف الحزب الحاكم إزاء الحدث الاحتجاجي السوري، وتضم تشكيلة متنوعة من العلماني إلى القومي التركي المتطرف إلى الإسلامي إلى المستقل، في عناصر المورد البشري الأستخباري التركي، ولجهة جهاز المخابرات المدني الداخلي، وتؤكد المعلومات أنّ هناك فجوة صارت تبدو عميقة بين الاستخبارات العسكرية التركية، وجهاز المخابرات التركي بسبب الموقف من سورية وما يجري فيها، لكن بوجود خلوصي أكار كرئيس لهيئة الأركان التركية، صار ثمة تقليص لتلك الفجوة بين الأستخبارات التركية والمخابرات التركية. مع أنّ ساحات الدولة التركية الداخلية المختلفة، وبسبب ظروفها وتأثرها بتداعيات الحدث الاحتجاجي السوري، مهيأة لمستويات عالية من العنف والعنف المضاد، أكثر من لبنان نفسه. يشير مجموعة من الخبراء الدوليين، أن شعبية الغرب والناتو عند الرأي العام التركي تناقصت، وبالرغم من ذلك بالإضافة إلى اختلاف وجهات النظر مع الناتو في العديد من الحالات، استمرت السياسة التركية بالتماهي مع سياسات الحلف الأطلسي، وقد بدا ذلك واضحا في مسألتي التدخل في ليبيا والدرع الصاروخي وحسب الشرح التالي: منذ انطلاق ما يسمى بالربيع العربي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، عارضت تركيا مرارا وتكرارا أي تدخل في ليبيا، وذلك على لسان رئيس الوزراء في حينه رجب طيب إردوغان على شاكلة تساؤله:- "ما شأن الناتو وليبيا؟ تدخل الناتو في ليبيا أمر مستحيل ونحن نعارض هذا التدخل"، لكنه سرعان ما تراجع بعد قرار مجلس الأمن وبدعم من الجامعة العربية، حيث الأخيرة شرّعت احتلال ليبيا حينما كان مرشح الرئاسة المصرية الخاسر عمرو موسى أميناً عاماً لها، فقرر أرودوغان المساهمة في ذلك التدخل وشاركت تركيا بغواصات وسفن حربية وجنود كثر وخبراء استخبارات ومخابرات. لذلك تصاعد الدور الإقليمي التركي، يجعل من أنقرة حليفا استراتيجيا في حلف الشمال الأطلسي ولها مكانة "الطفل المدلل" داخل الأسرة النيتويّة، والتي تعيش هذه العائلة الحربية الأممية حالة فريدة من ممارسة الجنس الجماعي بالمعنى السياسي، وخاصة بعد التحولات الدراماتيكية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وبالرغم من موقع تركيا الهام لكن العلاقات مع الناتو ستشهد نوعا من التأقلم المتبادل، ومواجهة تحديات أمنية جديدة وتحول في الحقائق الجيوسياسية، ومسألة متانة العلاقات التركية مع الناتو  وجهوزيتهما في مواجهة التحديات، فالإجابة على هذا السؤال ستبقى للمستقبل. كما يرى خبراء دوليين من جهة ما، أن الدور التركي في المنطقة، أمر حيوي للإستراتيجية الجديدة والشراكة المستقبلية للناتو وخاصةً الهيكلة الجارية، ليس فقط نتيجة حجم تركيا وموقعها، بل أيضا نتيجة الثقافة التركية وخبرتها التاريخية مع دول الجوار(نقصد بذلك قترة الحكم العثماني)، ومن جهة ثانية يرى وزير الدفاع التركي أن مميزات تركيا تسمح لها بتقديم النموذج للعديد من البلدان في المنطقة، وقال: "من خلال التعاون يمكننا إحلال السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط".... مهمة تحققت في ليبيا! ولحلف شمال الأطلسي مصالح فوق إستراتيجية نستولوجيّة، لجهة ما وراء المستقبل الفضائي للناتو في العالم، ما بعد بعد ما يسمّى بالربيع العربي، والربيع موسم يذهب وسرعان ما يعود، وذلك عبر توظيفات للدور التركي في حلف الناتو، هو دور هام للمصالح الإستراتيجية للحلف الساعية إلى تطوير الدرع الصاروخي وحماية الأراضي الأوروبية من تهديد الصواريخ البالستية. هذا وقد اتفق أعضاء الحلف في قمة لشبونة عام 2010 على تبني الدرع الصاروخي، وهي مبادرة أمريكية للدفاع المشترك مع أوروبا، موجهة ضد الصواريخ البالستية الإيرانية وغيرها، وقد وافقت تركيا على إنشاء محطة على أراضيها، وقد تم فعلا بناء رادار إنذار مبكر في مدينة مالاتيا جنوب شرقي أنقرة وهي الخطوة الأولى لبناء الدرع الصاروخي، ويجيء الطلب التركي الحديث ان صدقت التسريبات في نشر بطاريات صواريخ باترويت تعزيزاً لمحطة الرادار في مالاتيا. انّ نواة(البلدربيرغ)في الولايات المتحدة الأمريكية، لن تسمح لمجتمعات الدواعش التي أنتجتها من رحم القاعدة وأخواتها باستقطاب السنّة، ولن تترك بشّار الأسد في السلطة رغم تغير مزاجها السياسي(ايحاءات تكتيكية مخادعة)، وتعمل على طرد حزب الله من سورية، وتسعى للتغلغل داخل مفاصل الدولة الأيرانية من خلال استراتيجية التطبيع الناعم لتفجير ايران من الداخل، وتسعى لتفكيك المحور المقاوم لبنة لبنة وحلقة حلقة، وتستثمر بخبث في المعتدل من الأرهاب(وكأنّه هناك ارهاب معتدل وارهاب غير معتدل)عبر بناء معارضة سورية معتدلة قويّة من بقايا ما يسمّى بالجيش الحر وجبهة النصرة وأخواتها وحركة أحرار الشام، تضم الأكراد وأبناء الطائفة العلوية وغيرها من الطوائف الفضائيّة من خلال ساحات دول الجوار السوري، صنعوا الأمريكان داعش كعصابة فيروسية مغرقة في التطرف(نيولوك ارهاب)، بعد استثماراتهم في فكر ابن تيمية وبالتعاون مع المنظومات الوهابية، لتقديم جبهة النصرة(بنيولوك مستحدث على أنّها معتدلة)وهذه صفاقة سياسية أمريكية بل وقاحة أمريكية بامتياز. تتحوصل وتتموضع جلّ الحركات الأنفصالية الأنشقاقية في العالم، حول فكرة وبرنامج فصل جزء من أرض دولة ما عن أراضي الدولة الأم، وانشاء دولة و أو دويلة أخرى مشوّهة على هذه الأرض المختارة، طلباً للأستقلال والحكم الذاتي بدعاوي مختلفة، فتارة عرقية وتارة دينية، حيث القواسم المشتركة لجميع هذه الحركات الأنفصالية الأنشقاقية تتمفصل في مقاومة الدولة الأم وحكومتها المركزية لها. والمجتمعات الحيّة غير المتأمركة وغير المتصهينة، ان لجهة المحلي منها وان لجهة الأقليمي وان لجهة الدولي، تقاوم الحركات الأنفصالية الأنشقاقية وتصفها كمنظمات ارهابية، وبالرغم من تلقيها دعماً استثنائياً في بعض الحالات من جهات معينة لها مصالح خاصة في الأبقاء على هذه البؤر الساخنة. وقد يكون الانفصال مفهوماً إن كان بهدف الأختلاف العرقي(الأثني)أو الأختلاف الديني، لكنه لا يكون مفهوماً ولا مبرّراً عندما لا تكون هناك فوارق من أي نوع كان، وتصبح في هذه الحالة مجرد مصالح خاصة للقائمين على هذه الحركات والتي من شأنها تهديد الأمن والسلم الدوليين، عبر اختراقها لقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وعدم الحفاظ على وحدة وسيادة الدول. والارهاب الأممي والصعود الى التطرف والانفصال، موجود في عدة بقاع في العالم وخاصة الساحة الاكثر اشتعالا في سورية والعراق كذلك، حيث بدأ تنظيم القاعدة المتطرف ومشتقاته، مساعيه لفرض ما يسمى دولة الخلافة وامارة العراق وما الى ذلك من امارات ودويلات قادمة، وقد انتشرت الشعارات واللافتات في عدة مناطق سنيّة(تبشر)بهذه الخطوة، كذلك يوجد نوايا للانفصال في منطقة القوقاز الشمالي والشيشان، وهي ليست وليدة اليوم بل موجودة منذ سنوات وتسعى للاستقلال عن روسيا الفدرالية، بدعم من الولايات المتحدة التي تسعى لأستجرار النفط من بحر قزوين، وأصبحت هذه الخطوة جدية بعد سيطرتها على أفغانستان، مع أمركة واشنطن للأقتصاد الدولي عبر المؤسسات الأقتصادية الثلاث: البنك الدولي، صندوق النقد الدولي، ومنظمة التجارة العالمية، في القيام بادماج الأقتصادات العالمية ضمن اطار النفوذ الأقتصادي الأمريكي، على النحو الذي يتيح للأقتصاد الأمريكي وضعاً استثنائياً ومزايا اقتصادية دولية استثنائية خلاّقة، من شأنها أن تعزّز القدرة على نقل التضخم والبطالة وانحفاض معدلات النمو وغيرها من المؤشرات الأقتصادية الكليّة السلبية الى الأقتصادات الأخرى، يعني بالعربي هو أن يدفع الآخرون خسائر الأقتصاد الأمريكي، فعلاً شيء محزن ومضحك لدرجة الجنون. فالى جانب العديد من الحركات والتنظيمات التي تهدد الاستقرار والامن العالميين، حيث أن صعود الراديكاليين والمتشددين يدفع الى عدم الاستقرار في المنطقة، الذي يضاف الى مطبات اقتصادية خطيرة، ستشهدها هذه المناطق زيادة على توسيع شرخ الطائفية كما يجري في سورية، والسعي الحثيث الى تقسيمها لأفراغ قوّة ديكتاتوريتها الجغرافية. وكذلك العراق والعلاقات المتوترة بين السنة والشيعة والعرب والاكراد، حيث أن التطرف الديني يهدد هذا البلد تهديداً حقيقيا بالانقسام الى ثلاثة أجزاء، وعندما كانت الزعامات العراقية تنفي وجود نوايا للتقسيم، كانت آلاف الأسر العربية تهجر من المناطق الكردية وكركوك والالاف من العائلات تهجر بيوتها، تحت قوة السلاح من المناطق الجنوبية حيث الغالبية الشيعية. وكذلك الحال في الباكستان أيضا يوجد ظرفا مماثلاً وان كان مضبوطاً باتجاه السلم بدرجة أكثر، حيث المشاكل مع البشتون والبيلوجستان مستمرة، وفي العربية السعودية واجه النظام الحاكم مشاكل صعبة للغاية وما زال، مع مجموعات الانفصاليين في البلاد خاصة في المناطق الشرقية، حيث يقطن الشيعة وحيث منابع النفط والغاز وثروات أخرى طبيعية كامنة في جوف الأرض. والسودان ليس غائبا بدوره عن الصراع الداخلي، ولتقسيم الشمال السوداني الى دولتين بعد أن نجحت الحركة الشعبية لتحرير السودان، في اقامة دولة جنوب السودان، والتي يصفها كاتب هذه السطور باسرائيل أفريقيّا، والأمر يمتد كذلك في الغرب حيث المشاكل في دارفور، وينسحب نفس السيناريو استراتيجياً لاحقاً، على لبنان واليمن، وأندونيسيا وتركيا، وأفغانستان وفلسطين المحتلة، وليبيا ومصر، والمغرب والجزائر. وعلى الرغم من أن الدول العربية والاسلامية تنظر بعين القلق لمواطن الارهاب وآثاره، الا أنّ بؤراً كثيرة ينتشر فيها الارهاب بأشكال متعددة لكنها في النهاية تنصاع للتصنيف الاميركي، مهما كان الوضع الحقيقي للاطراف الواقعة تحت التصنيف سواءً ارهابا حقيقياً أم لا، لذلك أغفلت معارك مهمة كثيرة فيما وجهت قوتها لأخرى لم تكن تشكل ذلك الخطر الذي يهدد الامن الداخلي لها، مثل الوضع في تركيا واليمن والحرب في الشيشان، وفي هذه المنقطة كانت منظمات غير حكومية مدفوعة من واشنطن، تعتبر أن ما يجري في القوقاز غير خاضع للحرب على الارهاب، وأن المقاتلين هم من أجل الحرية والانفصال، علماً أنّ غالبية المقاتلين في الشيشان هم من الاجانب وعناصر في القاعدة، تماما مثل القاعدة في العراق وأفغانستان وسورية ولبنان وعلى الحدود المشتركة للأردن مع دول جواره، لكن المصالح تقتضي بعدم وضع المعركة هناك في سياق الحرب على الارهاب أي في الشيشان، والواضح ان عرقلة ادراج ما يجري هناك يعرقل المساعي التي تدفع لتحديد أطراف الارهاب الحقيقي، ويؤدي الى تشجيع الراديكالية والتطرف والانقسام الذي يصيب الدور الاسلامي في العالم في العمق، حيث ان حاجة الدول الاسلامية للدور الروسي تصب في عدة اتجاهات، وهي الدولة المحورية في العالم ومجلس الامن واللجنة الرباعية الخاصة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. فعلى سبيل المثال ولتقريب الفكرة، لا يخفى على أحد أنّ الحركات السنية الأصولية الموجودة في مناطق القوقاز الشمالي: الشيشان، داغستان، أيداجيا - الشركسية، كاباردينو – بلغاريا، أنفوشيا، ترتبط بعلاقات وثيقة مع الجماعات الأصولية السنية الموجودة في السعودية والخليج العربي وعلى وجه الخصوص مع الزعماء الوهابيين والساسة السعوديين والخليجيين. فهي تقدّم الملاذ الآمن لزعماء الحركات السنية الانفصالية القوقازية، وتقديم الدعم المالي واللوجستي لهذه الحركات، وتقديم المتطوعين من المجاهدين الراغبين في القتال إلى جانب الحركات الأصولية السنية القوقازية، ونقل بعضها الى الداخل السوري مثالاً حاضراً وغيره من ساحات جغرافية تريد الهابها واشنطن، وتقول المعلومات والتسريبات بأن المخابرات السعودية لها اليد الطولى في مناطق القوقاز الشمالي، وعلى وجه الخصوص في داغستان والشيشان وأنغوشيا، وتقول التحليلات السياسية والأستخبارية بأن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وباقي وكالات المخابرات، تعتمد بقدر كبير على دعم المخابرات السعودية لها في هذه المناطق والتي تعد مناطق في صميم وجوهر بل نواة الأمن القومي الروسي. انّ تحركات مجتمع المخابرات الأمريكية في مناطق القوقاز الشمالي، ستعتمد بقدر كبير على استخدام المخابرات السعودية للقيام بدور البروكسي المخابراتي الأمريكي في هذه المناطق، والتي ظلت الحركات الوهابية السعودية تنظر إليها كمناطق للجهاد الإسلامي المقدس منذ أيام حرب الجهاد الأفغاني التي رعتها المخابرات الأمريكية والباكستانية والسعودية ضد الاتحاد السوفيتي السابق، وعبر حرب الجهاد الأفغاني نشأت القاعدة وتفرعاتها ومشتقاتها وجلّ زومبياتها. كذلك المثال الصيني ماثل أيضاً:- مع الإشارة إلى أهمية العامل الصيني، كجزء من مفاعيل تأثيرات العامل الخارجي ومثال ذلك ما حدث في قرغيزستان: ففي الصراع القيرغيزستاني – الداخلي الذي اندلاع قبل أكثر من أربع سنوات وأزيد، لارتباطاته بالصراع الصيني – الداخلي، حيث جمهورية قيرغيزستان، تتموضع جغرافياً في شمال شرق أسيا الوسطى، على جبال تيان شان، ويحدها من الشرق الصين، ومن الغرب كازاخستان وأوزبكستان، ومن الجنوب طاجيكستان، بحيث تتمتع قيرغيزستان بحدود طويلة جدّا، مع مناطق شمال غرب الصين عبر المناطق الجبلية الشديدة الوعورة، ولمسافة تزيد عن 600 كم، حيث تقع مقاطعة(سينكيانج) في شمال غرب الصين، ويسكنها أعداد كبيرة من المسلمين الأيغور، والقيرغيز المسلمين، والمطالبين بالأنفصال عن الصين، كما توجد العديد من الفصائل المسلحة الصينية المعارضة في قيرغيزستان، حيث تقدم القاعدة العسكرية الأميركية في ميناس، الدعم المالي والسياسي والعسكري والمخابراتي لها، كي تقوم هذه الجماعات المسلحة بحرب مغاوير، وعصابات داخل مقاطعة(سينكيانج)الصينية المسلمة، وتقول معلومات استخبارية ذات مصادر مختلفة ومقنعة، أنّ شبكات المخابرات الأسرائيلية، وبالتعاون مع شبكات المخابرات الأميركية والتايوانيّة، تساهم في تدريب واعداد الحركات الصينية المسلمة المسلحة والمعارضة لبكين والمطالبة بالأنفصال. قطعاً، المخابرات الصينية غير غافلة عمّا يجري، وهي تملك أكبر شبكات التجسس في العالم، وان كانت تركز على المعلومات العلمية، ودقائق العلم الأكتروني، وآخر ما توصل اليه العلم الحديث، من اختراعات الكترونية مختلفة، الاّ انّها تراقب الوضع عن كثب، وتعمل بهدوء وصمت، كونها بصورة نوايا محور واشنطن – تل أبيب الساعي، الى المزيد المزيد من تدهور وتفاقم الأوضاع من جديد في قيرغيزستان، وإعادة إنتاج الصراع السياسي الأثني الطائفي العرقي فيها، بعد تعثر وفشل المشروع الأمريكي في سورية عبر الحدث السوري، كون ذلك من شأنه أن يؤدي الى تفكيك دول أسيا الوسطى الأخرى، وصرنا نقرأ مصطلح جديد يستخدم من قبل محور واشنطن تل أبيب ومراكز البحث المرتبطة به وهو: أسيا الوسطى الكبرى، ويقود الى فوضى خلاّقة في كل أوراسيا العظمى، وهذا ما تسعى جاهدةً لأحداثه واشنطن وتل أبيب، عندّها وفي هذه اللحظة الزمنية بالذات، سوف تتدخل الصين وبقوّة وبشكل علني وغير علني، لحماية أمنها القومي والداخلي، من أخطار الأخطبوط الشيطاني الشرّير، لمحور واشنطن – تل أبيب، ومن تحالف معه من الغرب الأوروبي. تقول المعلومات حول دولة كازاخستان، أنّ الأخيرة ذات مساحات كبيرة وشاسعة وسكّانها، الكازاخ وطنيون حتّى النخاع، ويمتازون بالتماسك والشعور الوطني والأعتزاز بقوميتهم، وبالتالي هي بمثابة دولة حاجزة وعازلة، وتفصل بين الفدرالية الروسية بشكل عام، ومناطق جنوب روسيا الفدرالية بشكل خاص من جهة، وكل من قيرغيزستان، وطاجيكستان، وأوزبكستان من جهة أخرى، ومن هنا نجد أنّ موسكو صنّفت الصراع القرغيزي الداخلي عندما اندلع وقبل سنوات، بالنسبة لها بأنّه خطر ثانوي آني، فجاء التدخل الروسي عبر منظمة الأمن والتعاون الأوروبية في وقته وحينه، ولكنه لا يخرج عن إمكانية تحوله إلى خطر رئيس في حالة إعادة إنتاجه أمريكياً بعد تعثر الأخيرة في سورية. ومثال آخر المسألة الكردية بمفاعيلها وتداعياتها، على الصراع الكوني في الشرق الأوسط وعلى الشرق ذاته، وبعمق وباستمرار بروزاً وتصاعداً، وعبر متتاليات هندسية سياسية وأمنية وعسكرية، من خلال سعي حثيث محموم لزعماء الحركات الكردية الأنفصالية في الأستقواء بالخارج، عبر بناء تحالفاتهم الأمنية – السياسية – العسكرية مع القوى الخارجية، ذات التوجهات المعادية لشعوب وتاريخ منطقة الشرق الأوسط، وللعراق تحديداً ودول جواره الأقليمي والعربي، تركيا، سوريا، ايران، السعودية، الكويت، والأردن. نعم، العلاقات الأسرائلية – الكردية، تدخل في صميم وجوهر مذهبية الحركات الكردية الأنفصالية المعروفة، حيث تتوافق مع استراتيجيات حلقات الدور الأسرائلي – الموسادي في اقليم كردستان العراق، اقليم ظلّت وما تزال "اسرائيل" حاضرة فيه على الدوام. وتؤكد تقارير مخابرات اقليمية، أنّ واشنطن وتل أبيب تقدمان دعماً غير محدود لأكراد العراق، من أجل فرض سيطرة شاملة على اقليم كردستان، وجعله اقليماً كرديّاً بامتياز لجهة سكّانه، وتطهيره من أي أعراق واثنيات أخرى، عبر طرد السكّان العرب والآشورييين والتركمان، والمطالبة ببقاء نوعي لفرق القوات الخاصة الأمريكية. هذا وقد جعلت واشنطن واسرائيل من كردستان العراق( محمية كردية)، مما جعل من الأقليم الموصوف أعلاه، ملاذاً آمناً لكل الحركات الكردية الموجودة في المنطقة، ولهذا الإقليم أدوار عميقة لجهة الداخل السوري تتساوق مع رؤوس المثلث الأفعواني في الحدث السوري( لندن، باريس، واشنطن) ومن يغذيّه من بعض العرب. وفي مقارنة سريعة، بين ما تقوم به الحركات الكردية الأنفصالية في شمال العراق، وما تقوم به "اسرائيل" لوجدنا الآتي: تعمل الحركات الكردية الأنفصالية في شمال العراق، على طرد السكّان المحليين واقامة دولة كردية، وهي بذلك تطبق ذات النموذج الأسرائيلي الذي ما زال يركز، على أطروحة الحق التاريخي في الأستيلاء على أرض العرب، باعتبار أنّها تمثل آراضي دولة "اسرائيل"، في حين يقول الكرد: أنّ هذه الآراضي تمثل مملكة(مها آباد الكردية) التي كانت في الماضي، فالتساوق والتطابق واضح، بين المنطق الكردي والمنطق الأسرائيلي الأحتلالي في نفي الآخر وتاريخه. ومرةً ثانيةً الأخطر في النموذج الكردي لكردستان العراق، يقوم بالأساس على نفي التاريخ، حيث هناك الآشوريون والكلدانيون وهم أصحاب حضارة مدنية تاريخية، بأفق سياسي أقدم من كيان مملكة الكرد ( مها آباد). الدولة العبرية والولايات المتحدة الأميركية، ليس المهم والمطلوب بالنسبة لهما بالمعنى الاستراتيجي(كردستان)، وإنما الذهب الأسود بالمعنى الأستراتيجي الأقتصادي، فكانت ملحمته ملحمة الذهب الأسود عبر اسقاط نظام الرئيس السابق صدام حسين، كما المهم بالنسبة لهما بالمعنى السياسي الأستراتيجي، كل من تركيا وايران وسورية، ويهدفون الى تفريغ المنطقة الكردستانية من سكّانها، وبدأ ذلك في دعم الكرد في عملية طرد العرب والآشوريين والتركمان، عبر المحطة الأولى في مخطط وسيناريو التفريغ، عن طريق قوّات البشمركة الكردية و وحدات الكوماندوز الخاصة فيها، حيث قامت وتقوم بعملية تطهير أثني- ثقافي، وستأتي المحطة الثانية من هذا المخطط، وهو طرد الأكراد أنفسهم عندما تحين اللحظة التاريخية المناسبة. انّه مخطط أميركي – اسرائيلي، بأدوات سياسية وأمنية واقتصادية وثقافية واجتماعية كردية وغير كردية، يسعى الى فتح صناديق الشر الكامن الجديدة والمستحدثة، مرةً واحدةً في اقليم كردستان العراق، فنجد واشنطن وباستمرار تدخل في عمليات اقناع للحركات الكردية الأنفصالية، بأن أميركا سوف لن تتخلّى عنهم وعن دعم طموحاتهم الكردية القومية، في دولة كردية فدرالية في المنطقة، مع طمأنة اسرائيل لزعماء الكرد بأنّها، قادرة على ممارسة الضغوط على الأدارة الأميركية من أجل حماية الكرد أينما وجدوا. وأعتقد أنّ الأستراتيجية التركية لجهة العلاقات مع اقليم كردستان العراق، تتموضع وتتنمط من خلال ممارسة أنقرة، استراتيجية سياسية بحيث صارت أكثر ميلاً، للعمل وفق استراتيجية الأغلاق المبكرللأبواب قبل اشتداد العاصفة وريحها ومطرها، أو من خلال مواصلة الأسلوب الذي كانت تقوم به تركيا سابقاً، ازاء التعامل المبكر الأستباقي مع الأزمة الكردية. فأنقرة ترفض رفضاً مطلقاً اقامة دولة كردية في شمال العراق، مع تعاظم لفيتو اقليمي رافض لوجودها، وترفض أنقرة ضم منطقة كركوك الى اقليم كردستان، وحربها مستمرة ضد حزب العمال الكردستاني. مقابل هذه الإستراتيجية التركية، هناك ثوابت ومبادىء كردية، تتمثل في اقامة مناطق حكم ذاتي كردية في جنوب تركيا، غرب ايران، شمال شرق سوريا، على غرار اقليم كردستان العراق، مع ضم كركوك الى الأقليم الكردستاني، مع عدم قيام أي جهة بالتدخل سياسياً أو اقتصادياً أو عسكرياً في اقليم كردستان العراق، كي يكون الأقليم ملاذاً آمناً للحركات الكردية التركية والأيرانية والسورية المعارضة الأنفصالية، كما أسلفنا في السابق من القول. ومع ذلك لا استدارات أمريكية كاملة في المنطقة وخاصةً ازاء الحدث السوري، بل هناك ادارة للأزمة، وما يجري من حراك دبلوماسي وسياسي ومخابراتي واقتصادي يوحي أنّ هناك استدارات أمريكية، بالرغم من وجود تفاهمات سياسية تصل درجة الأتفاق السياسي في قلب الأتفاق النووي، وبالرغم من طلب مؤسسة راند البحثية الأمريكية، والتي تقدّم استشارات للمؤسسة العسكرية الأمريكية من البنتاغون ومجتمع مخابراته البدء بالمرحلة الأنتقالية في سورية ببقاء الرئيس الأسد وبقيادته واشرافه. اذاً اتفاق سياسي أمريكي ايراني في قلب اتفاق ايران النووي، اتفاق سياسي على اعادة تشكيل المنظومة الأقليمية في المنطقة، اتفاق حصلت عليه واشنطن والسؤال هنا: هل نحن عندّ عتبة الحل السياسي في سورية؟. ولأنّ السياسة الدولية هي فن ادارة التناقضات، نجد واشنطن تدعم قوات الحماية الكردية السورية في مواجهة بقايا داعش كما يزعم الأمريكي، فهي تدعم ذراع PKK السوري ضد تلك العصابة، بما يتناقض مع المصالح التركية، فهي تدعم قوات الحماية الكردية لمحاربة بقايا عصابة داعش كما يزعمون، لكن دون مواكبتهم في بناء مشروعهم السياسي حتّى لا تغضب تركيا، حيث الأكراد السوريين صاروا يتمتعون بفائض قوّة يزعج أنقرة. ويبدو أنّ الأكراد حاجة أمريكية وإيرانية وروسية وسورية وتركية على السواء في مشروع النظام الأقليمي الجديد للمنطقة، حيث واشنطن تسهّل الدور الكردي على الأرض، مع التأكيد أنّ ايران لن توافق على تسوية للنزاع في سورية، من شأنها أن تقطع أو تلغي الجسر الذي يتلقى حزب الله امداداته منه، لذلك قلنا ومنذ البدء أنّ معركة القلمون السوري في وقتها، هي معركة صراع الأرادات الدولية والإقليمية وانتصر فيها محور المقاومة، وما زلنا نلحظ اتصالات سعودية سورية في القناة الروسية غير معلنة. هل نحن بصدد ترجمات سياسية للفعل العسكري الروسي في سورية مترافق مع تسييل اقليمي للآتفاق النووي تحت وضع المنطقة كلّها على سكة التسويات؟ هل حسم اليمن للسعودية والعراق لأيران؟ وهل حسمت سورية لروسيّا وليبيا لأمريكا؟ حسناً اذاً أين باقي الساحات في المنطقة؟ هل غدت تفاصيل؟ ساحات قد تصبح فرق عمله بسبب استراتيجيات الطبخ الرديء، والتي لا تنتج الاّ سياسات باعة الأرصفة يوم الجمع، وبسبب دبلوماسيات الصعاليك. وفي لبنان نتجه الى صيغة جديدة أقل من الطائف وأكثر من الدوحة، أو اعادة هيكلة للطائف لا هندرة، كون الأخيرة تعني الشطب، وان كان الشطب لأتفاق الطائف يريح المارونية في لبنان، كون الدور السياسي تراجع للأخيرة، ومنذ تطبيق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية. هل طاولة التسويات السياسية صارت تلفح الجميع، بما فيها الساحة اللبنانية والفلسطينية وارتباطاتهما بالساحة الأردنية(الأمريكي ومعه الأسرائيلي من تحت الطاولة يعتبرانها الحلقة الأضعف)، وان كان ما يجري في المنطقة الآن وبعد الفعل العسكري الروسي في سورية، هو بمثابة ادارة للأزمات في الشرق الأوسط لحين نضوج الحلول، فالنتائج ما زالت صفراء وصفراء وصفراء. وتأسيساً على ما تم ذكره سابقاً، هناك جهود روسية عميقة تتموضع بشكل أساسي على تحقيق أو خلق مقاربة تمهد لنصف استدارة على طول خطوط العلاقات السورية السعودية، والسعودية الأيرانية عند عتبة نضوج الصفقة الأقليمية والدولية. فلا أفق لأي حل سياسي ان في سورية بمعزل عن الرياض وحلفائها، وان في اليمن بمعزل عن دمشق وطهران وحلفائهما، وبعبارة أكثر وضوحاً في هذه الجزئية(اليمن مقابل سورية)، بالرغم من رؤية البعض أنّ الحل في سورية يكمن في الحل العسكري لتطهير الجغرافيا السورية من زبالة الأرهاب المصنّع في الداخل السوري والمدخل اليها، عبر الطرف الثالث في الحدث السوري العسكري والسياسي. فروسيّا هي من تهندس اللقاءات السورية السعودية غير المعلنه أو في طريقها لذلك، لخلق المقاربات للوصول الى الأنصاف في الأستدارات، والتي حتماً ستقود في النهاية الى استدارات كاملة وشاملة وقاطعة لحظة النضوج، لكنها تحتاج الى عمليات استثمار في الوقت وبالعمل التراكمي وسيأخذ ذلك زمناً. والعاملين في كواليس مطابخ صنع القرار الروسي يجهدون لأنتاج حل للمسألة اليمنيّة أو الحدث اليمني، وهو ذات الجهد والمجهود لأنتاج حلحلة الحل للمسألة السورية وملحقات الحل، ان في لبنان، وان في العراق، وان في ليبيا، والغائب فلسطين كل فلسطين المحتلة، اللّهم الاّ فيما يتعلق بجعل الساحة الأردنية كمخرجات للملف الفلسطيني، والذي صار ملفاً ثنائيّاً بامتياز على المسار الفلسطيني الأسرائيلي، كجزئية من مشهد الصراع العربي الصهيوني الأستراتيجي ككل، حيث المستفيد الوحيد والأوحد "اسرائيل" من كل ما يجري.

 

*كتب: المحامي محمد احمد الروسان*

*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية*

[email protected]