ذياب العلي " ابو الفتح" .. احفظوا هذا الاسم جيداً كما حفظه من قبلكم أهالي الجنوب اللبناني والدول العربية وفللسطين وجنين ، فهو مناضل انتمى للثورة وحركة فتح منذ الطلقة الاولى عام 1965 ، كان مع رجال المقاومة في الاردن ، وهو من الذين حفروا في الستينات والسبعينات خندق المواجهة مع الاحتلال الصهيوني، وكان وتولى العديد من المسؤوليات في حركة فتح والقوات المشتركة اللبنانية الفلسطينية في السبعينات من اجل مواجهة العدو في قرى وبلدات الجنوب ، كان مع اخوانه ورفاقه كمرابطين على تخوم الجنوب.. وكانوا يدركون بالطبع انهم يؤسسون لمقاومة اشمل واقوى، حيث تشهد له قرى الجنوب من شمع الى بنت جبيل الى النبطية والشقيف.
من هنا نقول ان ابو الفتح كان قائدا يقود ويتقدم صفوف المقاتلين، قاوم الغزو الصهيوني صيف عام 1982 للبنان ، وبعد خروج الثورة وقف الى جانب الرئيس الشهيد ياسر عرفات ورفيق دربه امير الشهداء ابو جهاد الوزير ، ودافع عن الشرعية الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية ، واعتقل وسجن نتيجة مواقفه الوطنية .
ابو الفتح اسم محفور في ذاكرة المناضلين ، عند توقيع اتفاق اسلو دخل مع رفاقه الى فلسطين وأصبح احد أبرز رموز حركة النضال الفلسطيني، تولى مهام قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني، وبعدها اصبح المستشار العسكري للرئيس محمود عباس ، عاش حياة خصبة وعميقة ، حياة حافلة بالبطولات والمآثر، ووهب كل طاقاته وقدراته وإمكانياته وجند حياته كلها من أجل قضية شعبه ووطنه وقضايا أمته القومية، فالحياة لا تقاس بالسنين التي عاشها، وإنما تقاس بالقيم العظيمة والمعاني النبيلة وحجم ما زرع في حدائق الوطن والإنسانية.
اننا نقف اليوم امام حالة وطنية ومكانة عالية في مسيرة الثورة والتاريخ فمن ملامح الهجرة ، تشكلت معاناة ابو الفتح ، فكانت بندقيته هي بندقية الثائر المجبولة بدماء الشعب الثائر ومن بين اوجاع مخيمات الشتات لتكون اقصر الطرق لاجتثاث الاحتلال .
امام هذه القامة الفلسطينية في التاريخ الفلسطيني ومدرسة الفتح وكل من يعرف ابو الفتح وتابع تفاصيل رحلته مع مرضه حتى لحظة رحيله يقف عاجزا عن وصف علاقة الروح بالمكان حيث كان لرحيل ابو الفتح في جنين معاني كبيرة اراد ان يؤكد حبه لجنين كما لمخيمه القاسمية الذي تربى وترعرع فيه كما لعشيرة الحمدونة المناضلة ، فتاريخه يتركه للأجيال الذين يؤكدون على مواصلة انتفاضتهم بوجه قرارت ترامب وبمواجهة قوانين الاحتلال ، باعتبار جيل الشباب يواصل الانتفاضة والمقاومة باعتبارها بوابة الانتصار و بوابة الوحدة الوطنية لمواصلة مسيرة الكفاح الوطني الكبير من اجل نيل العودة والحرية والاستقلال لشعبنا وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس .
ابو الفتح يرحل ويدفن في جنين البطولة والإصرار التي امتدت عبر الاجيال دروسا في النضال والمقاومة وحكاية لشعبنا الاصيل الذي عمد نضاله بالتضحيات .
يرحل ابو الفتح ، والشعب الفلسطيني يخوض ملحمة بطولية، دفاعاً عن الارض والانسان والقدس ،ولكن نقول أن صمود وإرادة شعبنا أقوى من كل أدوات القمع والأجرام الصهيونية ، ولن يفلت الاحتلال من العقاب المناسب، وعلى قادة الاحتلال أن لا يختبروا صبر شعبنا ومقاومتنا ، فلن نترك دماء شعبنا تذهب دون أن يتألم المحتل.
ختاما : لقد جسد ذياب العلي " ابو الفتح " بسيرته ومسيرته وباستشهاده، نموذجاً للقائد الحقيقي الذي يعمل بسلوكه وأخلاقه وأفعاله قبل أن يعمل بأقواله، والذي أمتاز وتفرد بمناقب عالية من الخلق الحسن والتواضع والشهامة والشجاعة والجرأة والحزم ، والذي عاش واستشهد نظيف القلب والموقف والسلوك ، لكن عزاءنا أن القيم النبيلة التي مثلها ابو الفتح ستبقى نبراسا للأجيال القادمة بروح الإقدام والمثابرة والإرادة الصلبة التي لا تنكسر أمام أصعب الظروف، ومادامت لدينا ذاكرة، فليس هناك مجال للموت فهي سلاح العقل الجمعي لشعبنا الذي سيظل يحتفظ لأبي الفتح بمكانة سامية، ويستلهم من عنفوان روحه إرادة الكفاح التي لا يعود للفلسطيني معها موت طبيعي، بل شهادة في مسيرة النضال المستمرة.
بقلم / عباس الجمعة
كاتب سياسي