امام خطورة المرحلة التي تمر بها القضيىة الفلسطينية والمنطقة ، نتطلع الى العراقيل التي يتم وضعها امام المصالحة الفلسطينية ، فلا يجوز الصمت والقضية الفلسطينية تتعرض لهجمة عدوانية تستهدف تبديد حقوق الشعب الفلسطيني وخاصة في ظل ما يطرح من صفقة القرن، بشأن تسوية النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، فالمصالحة الوطنية اصبحت مطلب الشعب الفلسطيني ، فنحن نقول ان من يريد المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني عليه تطبيق اليات المصالحة الوطنية الفلسطينية حتى تسير بخطى متنامية، لانها هي الطريق للوحدة الوطنية الفلسطينية، التي بدورها شرط أساسي للانتصار، حيث إن بناء هذه الوحدة هو الذي يضع حلول من اجل علاج مشكلة موظفين أو ما شابه، وباعتبار ان إعادة اللحمة بين جميع القوى هو الطريق نحو الانتصار.
ومن هنا نرى ان حركة فتح بما تشكل تعطي الاولوية للمصالحة الفلسطينية ، لأن الحركة الوطنية الفلسطينية مهددة في هويتها ، كما الخطاب الوطني الفلسطيني مهدد نتيجة الانقسام ، لذلك فإن تجاوز الانقسام والمخاطر المحيطة به والاستهدافات التي تتعرض لها القضية الفلسطينية تستدعي من الجميع التعالي عن القضايا الخاصة والذهاب من اجل تثوير النضال الوطني الفلسطيني في مواجهة المخططات المعادية.
ان المصالحة الفلسطينية يجب ان تنطلق من خلال الايمان بالوحدة الوطنية التي هي السلاح الامضى في مواجهة العدو ، وخاصة أن هناك توازنات وتغيرات ومعادلات محلية وإقليمية، فيجب على الجميع ان يعي أن المصالحة خطوة في هذا الاتجاه، للتصدي لكل ما يحاك ، وخاصة ونحن على ابواب عقد مجلس الامن الدولي جلسته حيث سيكون هناك كلمة للرئيس محمود عباس ممكن ان تؤسس الى رؤية سياسية ، مما يستدعي من الجميع توجيه الوضع الفلسطيني كله بمواجهة المخطط الأمريكي - الإسرائيلي.
من موقعنا نحن نثق بحركتنا الوطنية الفلسطينية، و بوعي شعبنا الفلسطيني، وبتاريخه ، هذا الشعب الذي واجه التحديات والمؤامرات ، فهو مؤمن بأن الوحدة وتجاوز الانقسام وتمتين الهوية الفلسطينية، هي الشرط الناجز لوقوفه في وجه صفقة القرن وكل المشاريع الامبريالية والامريكية والصهيونية، وتحقيق هدفه النضالي سلماً أو حرباً.
وفي ظل هذه الاوضاع نرى بإن لا خيار أمام الشعب الفلسطيني وفصائله وقواه الا بالتصدي للمأزق الحالي المسدود وكسره عبر الإعلان الصريح بالالتزام بمبادئ وآليات المصالحة والمبادرة العاجلة لعقد المجلس الوطني الفلسطيني انطلاقا من الحرص على الوحدة الوطنية وحماية المشروع الوطني وتفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها ورسم استراتيجية تستند لكافة اشكال النضال بما فيها التحرك السياسي والدبلوماسي ودعم صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته من أجل
تحقيق الاهداف الوطنية المشروعة في تقرير المصير وحق العودة واقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس.
أن آفاق النضال الفلسطيني من أجل السلام العادل ما زالت بعيدة فهي مملوءة بالمخاطر والتعقيدات ، وان الشعب الفلسطيني ما زال تحت الاحتلال، وما زال يخوض نضاله ويقدم التضحيات ، وهذا يتطلب من كافة الفصائل والقوى توحيد صفوفها من أجل استنهاض دورها في المقاومة و تفعيل العلاقة الجدلية بين نضالنا الوطني وبعده القومي العربي عبر رؤية وبرنامج وآليات عمل تتطلع للمستقبل ولا ترتهن لضغوطات ، بما يفرض توسيع العلاقة مع كافة أطراف حركة التحرر القومي العربي لدعم نضال وصمود الشعب الفلسطيني وحقه في مقاومة الاحتلال والنضال من أجل تطبيق قرارات الشرعية الدولية، وحماية وصون حق عودة اللاجئين إلى ديارهم التي شردوا منها.
ان ما يتم الحديث عنه عن توطين الفلسطينيين في سيناء، لا يمكن قبول اللاجئين والشعب الفلسطيني بهذه المؤامرة ، ولو عدنا الى عام 1955 حين طرحت الادارة الامريكية السابقة ما يسمى بـ(مشروع جونسون) لتوطين اللاجئين في سيناء، ، فخرجت التظاهرات تهتف في غزة بقيادة الشاعر معين بسيسو (لا توطين ولا إسكان - يسقط عهد الأميركان)، وجاء الرئيس الراحل جمال عبدالناصر يومها الى غزة، وظل بها ساعتين، ليعلن منها رفض المشروع، فنحن نقول لمن يفكر بذلك إن الشعب الفلسطيني سيتصدى لهذه المؤامرة بكل قواه ولن تنجح المؤامرة.
لذلك نقول للعالم ان الشعب الفلسطيني هو اقوى من المؤامرة فهم امامهم صورة الشهيد المقعد إبراهيم أبو ثريا من غزة، وصورة الشهيد الطفل محمد الدرة الذي احتمى بوالده، وقتله رصاص الاحتلال ، وصورة الطفلة الأسيرة عهد التميمي أيقونة ثلاثية لانتفاضة حرية القدس التي اندلعت رفضا لإعلان أمريكا القدس المحتلة عاصمة للكيان الصهيوني ، كما دماء الشهداء حق العودة الذين سقطوا على ارض مارون الراس والجولان هؤلاء الشهداء الزاحفين إلى أرضهم وتاريخهم ومستقبلهم حيث اسقطوا نظرية الأمن الصهيوني ، مؤكدين بان الولادة خارج ارض الوطن لا تعنى فقدان الانتماء بل تعنى التمسك بالحقوق وانجاز مسيرة العودة مهما تعاظمت غطرسة العدو ، فأصبحوا نماذج للأحرار في العالم الرافضين للاحتلال وممارساته الإجرامية، والدعم الأمريكي المفتوح له، فعليهم التقاط الرسالة الأهم من كل أيقونة، فكل واحدة لها رسالة في اتجاه مختلف عن غيره في تفاصيله ومعانيه، فهذه الصور وغيرها من صور الانتفاضة؛ فضحت وكشفت حقيقة الاحتلال وما يمارسه بحق الشعب الفلسطيني من جرائم ترقى لدرجة جرائم حرب وضد الإنسانية.
ختاما : نقول نحن نتطلع الى الوحدة الوطنية والى نظام سياسي واحد يوفر الصمود لشعبنا ومقاومته، والوحدة من خلال صياغة برنامج سياسي والاتفاق على ادوات الفعل الفلسطيني وأدوات عمل الانتفاضة، فالواقع يقول اليوم بضرورة رص الصف الوطني وتمتينه في مواجهة تصاعد المشروع الامريكي والهجمة من العدو الصهيوني ومستوطنيه على ابناء شعبنا، وتزايد المساعي لتصفية الوجود والقضية الفلسطينية في الوطن ومخيمات اللجوء، مما يتطلب من القوى العربية
والعالمية الحية القيام باوسع حملة دعم وتضامن لنضال الشعب الفلسطيني وانتفاضته حتى نيل حقوقه المشروعة.
بقلم/ عباس الجمعة