كثيرة هي تصريحات كبير المفاوضين في السلطة د. صائب عريقات , إعترف خلالها بفشل المفاوضات مع كيان الإحتلال, أكثر من عقدين من المفاوضات العبثية, كانت محصلتها صفر كبير, تأتي تصريحات د.صائب عريقات للقناة الثانية الصهيونية , التي إعتبر فيها بأن أفغيدور ليبرمان هو رئيس الشعب الفلسطيني , ويوآف مردخاي منسق شؤون المناطق هو رئيس الحكومة الفلسطينية , لتضع الحقيقة المرة من جديد أمام الشعب الفلسطيني , تلك التصريحات تكشف عن فشل مشروع التسوية المؤكد , وتفضح خديعة التفاوض ومساره التخريبي الذي يستهدف قضيتنا وحقوقنا الوطنية .
ولعل رد شعبنا على تصريحات عريقات , بأنه لا يرضى ولن يقبل بأن يكون ليبرمان ولا غيره رئيساً له , ارفعوا اليد الأمنية الثقيلة عن شباب الإنتفاضة في الضفة المحتلة , أوقفوا قمع المقاومين ومطاردتهم , وشعبنا لديه القدرة والإستطاعة على إعادة ليبرمان و كيانه إلى حجمهم الطبيعي كلصوص للأوطان وقتلة للأطفال .
لا يخفى على أحد أن مسيرة التسوية , شكلت كابوساً رابضاً على صدر قضيتنا الفلسطينية, وساهمت في تراجعها كقضية عربياً وإسلامياً وعالمياً, فبعد خطيئة الإعتراف وولوج نفق التسوية ,تم تشويه وجه القضية الفلسطينية العادل القائم على مظلومية تاريخية, لشعبُ تعرض لهجمة إحتلالية إستيطانية ,وأن الحل الوحيد أمام شعبنا هو بالخلاص من الإحتلال وإنهائه , وتأتي كل الوسائل والطرق مشروعة للتخلص من الإحتلال , وحقاً كفلته كافة الشرائع والمواثيق الدولية .
لقد حقق كيان الإحتلال من عملية التسوية ما يريد , وفشل الفريق الفلسطيني المفاوض في الحفاظ على قضيته الوطنية العادلة , وساهم في عملية قبول كيان الإحتلال العنصري عربياً وعالمياً , ألم تفتح التسوية أبواب التطبيع على مصراعيها مع الإحتلال , بل وأزالت عوائق كثيرة , كانت تمنع تمدد كيان الإحتلال في علاقاته , مع دول العالم الصديقة للشعب الفلسطيني والمناصرة لحقه , فلماذا يكونوا ملكيون أكثر من الملك ؟! , بعد أن فرط الملك بمملكته , وأسقط كل أسباب قوته ورضي بالفتات من المحتل .
وعلى الساحة الفلسطينية فإن سراديب التفاوض أفرزت كيان سلطوي , يتغذى على الإتفاقيات الأمنية من كيان الإحتلال , وكأن مهمة الشعب الفلسطيني ومشروعه الوطني لذا فريق التسوية , يقتصر على توفير الأمن للإحتلال ومستوطنيه , وهذا ما نراه ونسمع عنه بلا رتوش أو تشويش , وبإعترافات قادة السلطة ورأس هرمها كذلك, بأن التنسيق الأمني مع الإحتلال مقدس, رغماً عن أنف المجلس المركزي الفلسطيني , وغصباً عن الإرادة الوطنية الفلسطينية , التي إجتمع على تجريم التنسيق الأمني.
بعد تصريحات عريقات وإنكشاف المؤامرة بقرارات ترامب , وفشل مسار التسوية, ووضوح المخطط الصهيوني لإبتلاع الضفة المحتلة , وتهويد القدس والسيطرة على المسجد الأقصى المبارك , وإشتداد الحصار على قطاع غزة , ألا يستدعي هذا الواقع الفلسطيني المأساوي إلى مراجعة وطنية شاملة , تكون أولوياتها عدم السماح بالإستمرار في مربع وهم التسوية , ووقف الوكالة الأمنية عن الإحتلال كأحد المهمات الرئيسية لأجهزة السلطة في الضفة المحتلة , ووقف التفرد في القرار السياسي وإعادة الإعتبار للمؤسسة الوطنية الفلسطينية ممثلة بمنظمة التحرير, لتعود إلى جذور إنطلاقتها التحررية , من أجل إنقاذ المشروع الوطني الفلسطيني من العبث والتجارب في حقل التفاوض المشين .
بقلم/ جبريل عوده