في دراستي للعلوم السياسية، أشار المحاضر الى ان المنافسة بين التيارات السياسية المختلفة، كثيرا ما تقود الى حالات مضحكة، اذ نجد ان بعض المتنافسين شبه الأعداء في السابق، وجدوا أنفسهم في إطار واحد لمواجهة قوة صاعدة تشكل تحديا مصيريا على مكانتهم الشخصية (المتخيلة في معظم الحالات) او السياسية بحالة إقامة تنظيم حزبي ربما لا يتجاوز عدد كل أعضائه العشرين شخصا، او الاجتماعية، او المنافسة على رئاسة جمعية، وربما على رئاسة سلطة محلية، كما هو الحال السائد في الوسط العربي في إسرائيل.
المضحك أكثر حين تقوم قوة سياسية ذات تاريخ طويل وايديولوجيا عابرة للقارات ومكانة ثابتة، مثل الحزب الشيوعي، بالبحث عن حلفاء طارئين، لا يمكن معرفة مدى تأثيرهم الفعلي على الشارع، وربما كل فرد منهم يشكل حزبا فرديا قائما بذاته، أشبه بجنرالات بدون جنود، وكل اعتمادهم مبني على الأغلب عبر دعم عائلي محدود، يوهمهم ان ذلك يؤهلهم لاحتلال منصب مرموق، مثلا رئيس سلطة محلية .. في حالتنا رئاسة بلدية الناصرة!!
هذه المقدمة تحك دماغي منذ أبلغني صديق شيوعي من الناصرة، مقرب لقادة الحزب الشيوعي في منطقة الناصرة، ان الحزب يدرس الوصول الى اتفاق حول "مرشح توافقي" لبلدية الناصرة ليواجه علي سلام في انتخابات البلدية القادمة. فهمت منه انه جرت اتصالات بين جميع من طرحوا أنفسهم كمرشحين منافسين على رئاسة بلدية الناصرة. وانه تجري مفاوضات تشاورية بين الفرقاء.
"أهلا وسهلا" .. هذا ما قلته لذلك الصديق والرفيق السابق الذي احترمه لأنه ما زال يعتبر خروجي من حزبه الشيوعي خطأ تاريخي ارتكبه قادة حزبه بتصرفاتهم الغبية وغير المشروعة معي ومع رفاق آخرين .. وحتى مع حلفاء سابقين ولاحقين وعلي سلام منهم!!
قلت ضاحكا: "لكن السبت فات... هذه المرة غير اتجاهه نحوكم"
وأضفت ان ما يحدثني به هو إشارة الى انتهاء تاريخ صلاحية حزبه الشيوعي وجبهته، واني أعتبر استمرار وجوده بذلك التنظيم، نوع من الغباء والايمان شبه الديني بأن الحال الهابطة لن تدوم، رغم انها تسير من هبوط الى هبوط أسوأ، ولا اعرف هل
ينتظرون ماركس جديد، يحل مكان قادة حزبه الحاليين شبه الأميين بتراث ماركس الا إذا اعتبرنا ان ترديدهم للشعارات البالية هو فكر ماركسي؟ ورويت حادثة من التاريخ:
"رد ماركس على خبر ابلغه به أحد رفاقه عن إقامة حزب ماركسي في فرنسا بقوله: " حقا انا ماركس لكني متأكد أني لست ماركسيا -لست طائفة ماركسية". أقول ببساطة ان مشكلة معظم الماركسيين (او من يدعون الماركسية) أنهم لم يطلعوا على التراث العلمي-الفلسفي العظيم بعد ماركس".
وقلت: "لو عرف ماركس عباقرة العرب الشيوعيين في إسرائيل، لما كتب نظريته أصلا، حتى لا ينسبوا إليه".
طبعا من حقهم ان يخافوا انتخابيا من علي سلام، لأن جماهير الناصرة التي احتضنته وجدت به ممثلا أمينا لمصالح ناصرتهم وتطوير مرافقها وخدماتها. وخوفهم يظهرهم عراة فكريا وتنظيميا وكل خطابات شخصياتهم المتشنجة ليست الا تعميقا للسخرية التي لا يستحقون أكثر منها. وهي شهادة شرف لرئيس بلدية الناصرة علي سلام، الفرد الذي جعل حزبا تاريخيا يرتجف خوفا من هزيمة جديدة في مواجهته، فبدا يبحث عن "مرشح توافقي" لأنه متأكد مسبقا من فشله. انا انصحهم باستعمال المهدئات العصبية، هذا إذا لم يدمنوا عليها بعد هزيمتهم في الانتخابات الأخيرة. لأن علي سلام سيفوز مرة أخرى.
اما إذا عادوا الى وعيهم الغائب، فأمامهم حل وحيد قد يكسبهم بعض الاحترام الذي فقدوه، ان يروا بعلي سلام رئيسا لبلدية الناصرة، يجب التعامل معه على هذا الأساس، ودعم مشاريعه التطويرية، بدل تشنجهم وعراقيلهم الصبيانية!!
علي سلام أعاد البلدية لمواطني الناصرة، فتح كل الأبواب الموصدة، وقدم خدماته لجميع المواطنين بغض النظر عن ميولهم السياسية او البلدية.
بقلم/ نبيل عودة