لم يعد مهما التفكير في منحى قرار القيادة الفلسطينية بمقاطعة الإدارة الامريكية وممثليها الدائمين أو غير المقيمين، أو النظر في خيارات يمكن أن تشكل نقاشا ذي مغزى عند اتخاذ القرار آنذاك، خاصة أن السياسة تحمل أوجهً عديدة فما بين الحدة وصلابة الموقف فرق واسع، كما الفرق بين الحرد الشخصي وموقف الدولة.
وفي ظني أن مقاربة المقاطعة تتطلب تحديد عناصر العمل وتهيئة الظروف وتحديد اوجهها دون ذلك تنزلق الأمور من الوطنية وأفعالها الموزونة القادرة على تقديم رسالتها بوضوح ودون ارتدادات تشوه الفعل الوطني الى أفعالٍ فوضوية تحيل الى استخدام أدوات غير مرغوبة أو لتحقيق مكاسب شخصية في مواجهة غير مُقدرة. إن وضع نوتا العزف لا تكفي لكمال الالحان؛ ففي الأوركسترا لضبط الإيقاع وعدم النشاز وضمان جودة العمل الموزون تحتاج إلى المايسترو. بمعنى آخر إن فتح الباب لاجتهاد هنا أو هناك يخل في رسالة الفلسطينيين للمجتمع الأمريكي ويأتي بارتدادات عكسية لما نحب ونرغب من هذه الوسيلة. هذا فيما يتعلق بالتعامل مع الوفود الامريكية الزائرة للأراضي الفلسطيني خاصة من مؤسسات المجتمع المدني والحكم المحلي ومن أعضاء كونغرس وغيرهم وتفادي الانطباع بمعادة الشعب الأمريكي ومصالحة.
وان كانت المقاطعة للإدارة مقبول في مواجهة عنجهية رئيسها وغطرستها، لكن لا ينبغي ترك الساحة "الأمريكية" دون لاعب فلسطيني للتأثير على اركان السياسة الامريكية، وفي ظني أن ساحة المعركة في أروقة السياسة الامريكية هي الأهم في هذه المرحلة. الأمر الذي يتطلب تحركا فلسطينيا متعدد المسارات والابعاد في أرجاء الولايات الامريكية وفقا لخارطة واضحة المعالم لطبيعة وآلية العمل السياسي الأمريكي وعناصر القوة الفلسطينية بما فيها تفعيل الجاليات الفلسطينية والعربية، تستهدف توطيد العلاقة مع مؤسسات المجتمع المدني الأمريكي والشخصيات العامة ووسائل الاعلام وأعضاء الكونغرس الأمريكي، ناهيك عن الولايات المختلفة ومجالس الحكم فيها.
وبات ضروريا صياغة رسالة فلسطينية تراعي تقديم عدالة القضية الفلسطينية والنضال الفلسطيني جزءا من تحقيق العدالة الدولية، وأن سياسات الرئيس ترامب تقوض القانون الدولي ومصالح الشعب الأمريكي وتثير البغض والغضب في المنطقة.
بقلم/ جهاد حرب