الثامن من أذار رمز لنضال المرأة

بقلم: عباس الجمعة

الثامن من شهر آذار من كل عام هو اليوم العالمي للمرأة، فيه يُحتفل عالمياً بالإنجازات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للمرأة، حيث شكل هذا اليوم نقطة تحول في تاريخ النضال متميزاً بأهمية خاصة لدى كافة المناضلين وأحرار العالم، وقد جاء هذا التاريخ كيوم عالمي للمرأة ، تخرج فيه النساء عبر العالم في مظاهرات للمطالبة بحقوقهن ومطالبهن، وللتعبير عن الدور الذي قطعته المرأة على طريق استنهاض ههممها وامكانياتها وتنميتها والظفر بما كانت تطمح إليه من مكانة وشراكة اجتماعية وسياسية واقتصادية ومهنية وعلمية وتحسين ظروف حياتية وأسرية.

المرأة هي الأم التي أعدت جيلاً طيب الأخلاق، عظيم التضحيات والبطولات والتطلعات وهي جامعة الحياة في البدايات والنهايات ورائحة الذكريات، فهي الأخت والرفيقه والأسيرة والشهيدة، صاحبة رسالة توارثتها جيلاً بعد جيل ونسجت خيوطاً من الوفاء وعهداً لا إنفصال فيه ولا إنفصام، وهي الجدة التي غرست في الأرض ابتسامة وأمل وصنعت تراثاً ثقافيا كعنواناً من عناوين الوجود التاريخي والحضاري لاجيال تتناقلته عبر العصور وظل أحد أهم ركائز تطور المجتمعات وتحضرها، وهي الزوجة الحبيبة والعشيقة والصديقة حافظة البقاء حتى الأبد، ورفيقة الحياة وعبقها الدائم المتجدد في أبدية المكان كما هي النفس وروح الحياة المنبعث في فضاء الكون، وحاضنة الرسالة الإنسانية الخالده وجواز عبورها الى المجد بابتسامه وثقة وأمل متجدد مفعماً بالحياة.

نعم هي المقاتلة والمناضلة والثائرة المنبعثة نوراً وحياة في الوطن المحتل أو في الشتات، حارسة الحلم وضامنه البقاء وموقدة نار الثورة ومؤسسة العهد الجديد، كذلك هي المرأة مهما تبدلت أدوارها ظلت بروحها واحدة تجمع كل الصفات وتتقن فن إدارتها بامتياز وباستثنائية لا يستطيع أي من الرجال إتقانها فهي معجونة معها منذ التكوين بالصبر والرقة والحنان والحب والاحساس والطاقة والغيرة والجمال والانوثة والكبرياء الزاهد والطيبة المتواضعة.

لذلك لا بد من القول في يوم المرأة العالمي، ان المرأة ماضية للأمام بخطوات واثقة لا تنظر للخلف بتاتاً بل تتقدم بجدارة الى الأمام، لتخلع عنها كل ما علق بها من وثنيات ومعتقدات خاطئة عبر السنين، وما فرض عليها من قيود وما تكبلت به من عصبيات جاهليه، مؤمنةً بحقوقها التي حفظتها لها كل الشرائع السماوية، ومتسلحة بكل ما اوتيت من قوة وعلم ومعرفة الى الأمام بلا تراجع يحذوها الأمل وثقة المدافع عن الحق.

ولعلنا اليوم وبعد أن قطعت المرأة شوطاً كبيراً الى الأمام متخطية العديد من العقبات والحواجز التي كانت تواجهها وكانت مفروضة عليها في السابق وبعدما أصبحنا نتلمس أثر مشاركتها الفاعلة في حياتنا وعلى مختلف المستويات والاشكال ومساهماتها الكبيرة في عمليه النهضة الانسانية و الثقافية والاقتصادية والعلمية والابداعية حيث تلعب دوراً هاماً وبارزاً لا يمكن تجاهله، الى جانب ما قامت به من إبداعات تطورت معها سبل الحياة، ولعلنا ايضاً نرى حتمية هذا الدور الذي لا بد وأن يكون

خاصة ، وقد إنتهى عصر عبودية المرأة الى الأبد وتخلصت من قيود الجاهلية الأولى بجدارتها وايمانها برسالتها الخالده وقدرتها على العطاء.

فنحن ننحني إجلالاً لكل الماجدات اللواتي قدمن أرواحهن في سبيل تحرير فلسطين والخلاص من المحتل ولكل من عذبن في السجون والمعتقلات وقدمن أرواحن قرابيناً على طريق الحرية والاستقلال، ونبارك للمرأة عيدها وندعوا لها بالمزيد من التقدم والعطاء على ذات الطريق لرفعة المجتمع وتطوره ومزيداً من العطاء.

أن المرأة الفلسطينية التي تضع مولودها على حواجز الاحتلال، والتي تلقى حتفها هي ومولودها على هذه الحواجز، تطلب من كل نساء العالم العمل لإنهاء هذا الاحتلال الصهيوني الغاشم، والقمع العنصري واللاإنساني والبغيض، الذي يشوه إنسانية الإنسان من خلال أعماله الوحشية، والتصدي معا لمشاريع تصفية لحقوق الشعب الفلسطيني التي تحيكها الامبريالية الامريكية والصهيونية والرجعية وفي مقدمتها صفقة القرن.

إن المرأة الفلسطينية قد شقت طريقها بالمساواة الكاملة في دروب الحرية وساحات النضال والصلابة والصمود لشعبنا، منذ أوائل القرن العشرين وفي مواجهة "سايكس بيكو"، وتشارك المرأة مشاركة فاعلة في الانتفاضة والمقاومة والحياة العامة، في الهيئات والنقابات والجمعيات وفي مختلف أوجه النشاط النضالي والسياسي والثقافي والتعليمي والاقتصادي والاجتماعي، وفي عملية صنع القرار على المستوى الوطني، سواء في "المجلس الوطني الفلسطيني" أو "المركزي" أو "المجلس التشريعي" وفي الأطر القيادية التنفيذية في "اللجنة التنفيذية" و"مجلس الوزراء"، وفي صنع القرار الوطني، وهذا يستدعي إيلاء قضية المرأة كل اهتمام، ولرفع أي شكل من أشكال التمييز ضدها، بالتعاون الكامل مع "الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية"، وكافة الأطر والتشكيلات النسائية المختلفة

في ظل هذه الظروف نؤكد على دعم الاسيرات المناضلات خلف قضبان الاحتلال الصهيوني الغاشم، ، بطلات الحرية وفي مقدمتهن ايقونة الاحرار عهد التميمي ، ونحن نتطلع الى حرية الأسيرة الفلسطينية، ولتعود إلى أسرتها ، وهذا هو يوم الحرية ضد كافة أشكال التمييز والقهر والاحتلال الإسرائيلي البغيض ضد المرأة وضد الشعب الفلسطيني ، ونحن نؤمن أن المرأة الفلسطينية تقف في مقدمة صفوف شعبنا، من أجل حريته واستقلاله وعودته الى دياره .

ولعله من الواجب في هذه المناسبة العالمية أن نحيي المرأة العربية التي وقفت جنبا الي جنب مع الرجل في التصدي للهجمة الامبريالية والصهيونية والرجعية والارهابية التكفيرية التي تستهدف دولها ورسم شرق اوسط جديد وننحني اجلالاً واحتراماً للمرأة التي تخوض غمار العمل وغمار مقاومة والجهل وتحمل الاضطهاد وهي بكل تأكيد ستخرج منتصرة مظفرة، من خلال عطائها المتواصل الذي لا ينضب.

ختاما : ستبقى قضية المرأة قضية وطنية ديمقراطية ترتبط بعملية التطور و النهوض ، لنصف المجتمع ، و بالتالي فإن الانتصار في هذه القضية سيشكل الخطوة الرئيسة عبر العمل المنظم المشترك بين الرجل و المرأة معاً ، نحو تقدم مجتمعا على طريق التطور الديمقراطي العقلاني الحديث عبر الانعتاق من كل مظاهر التخلف و التبعية و الفقر و القهر و الاستبداد ومن اجل عالم تسوده العدالة الاجتماعية والكرامة .

بقلم/ عباس الجمعة