بلغ عدد زوار مدينة أصداء الإعلامية في يوم عيد المرأة العالمي حوالي عشرين ألف مواطن، هذا ما أكده لي رئيس مجلس إدارة أصداء الأخ وائل الخليلي، الذي أضاف:
مدينة أصداء التي تعد نفسها لتكون مسرحاً إعلامياً يحاكي طبيعة فلسطين، هي اليوم رئة الهواء النقي لسكان المنطقة، من خلال المحافظة على الطبيعة، وتطوير النمو الخضري فيها، وهي حاضنة الطفولة الفلسطينية من خلال حديقة الحيوان الوحيدة في قطاع غزة، التي يرى فيها الطفل الأسد واللبوة، ويرى مشاهد حية لبعض الطيور والحيوانات التي سمع عنها، وهي المتنفس الراقي والبسيط لآلاف العائلات التي تفتش عن الطبيعة، وتقضي يوما ًكاملاً في هذا المكان، بين ألعاب الأطفال الكثيرة المتنوعة والمتطورة، وبين المسابح، والحدائق، والأماكن المخصصة لعامة الناس، أو المخصصة للعائلات الراغبة بالهدوء والسكينة.
وهنالك، في أعلى سافية رمل في مدينة أصداء، أخذنا وائل الخليلي إلى ما يشبه المسجد الأقصى، وبواباته التي تحاكي القدس العتيقة، هنالك، حيث الذاكرة الطاهرة، والتاريخ الراسخ، تقرأ على الجدران العهدة العمرية، وتقرأ تفاصيل حياة المدينة، في مشهد ينقلك من سوافي رمل خان يونس إلى جبال القدس وصخورها، وأنفاسها التي تعبق من باب السلسة، وباب العمود، وباب الساهرة، وأسواق القدس، ومعالمها، حتى باب المغاربة، وحارة المغاربة الي هدمها موشي ديان بعد خمسة أيام من هزيمة 1967، ليفضي المكان لحائط البراق الذي يطلق عليه اليهود اسم حائط المبكى، لتمر بعد ذلك عن باب الخليل، وباب يافا، في مشهد يثير الشجن، ويهز الوجدان الفلسطيني الذي يخزن الأمنية على شاطئ بحر خان يونس بأماكن تحاكي الوجود والخلود.
في مدينة أصداء تم تقسيم المساحات على المدن الفلسطينية المغتصبة، فهنالك ترى منطقة حيفا، وعلى مسافة منها منطقة سبسطية، وقريباً من مدينة يافا تجد مطار اللد الذي صار اسمه مطار بن غوريون، لذلك ترى في أصداء منطقة اسمها مدينة صفد، وتجد مدينة أريحا، وعلى مقربة منها تجد طبريا، وهكذا حتى تطوف على معظم معالم فلسطين، في رسالة للأجيال تؤكد أن فلسطين ذاكرة لا تموت، وأرض مغتصبة لا يستردها الصمت والسكوت.
تبلغ مساحة مدينة أصداء 750 دونماً، يعمل فيها 30 موظفاً فقط، منهم عامل النظافة، وعامل المراقبة، والمتابعة، والتفتيش، والتوجيه للزوار، وبعض العمال يقوم بالبناء بقدرات بسيطة، وإمكانيات محدودة، وبعضم يشرف على مناطق زراعية، تحتاج إلى مزيد من العمال والقدرات والكفاءات، وهذا ما يتطلع له مجلس إدارة مدينة أصداء.
مدينة أصداء الإعلامية لا تخص حزباً أو تنظيماً أو مؤسسة بعينها، مدينة أصداء ملك لكل الشعب الفلسطيني، على مختلف انتماءاته وأهوائه وميوله، ويدخلها بلا استثناء ابن حركة فتح وابن حركة حماس والجهاد والشعبية، وفق الأصول، وبرسوم مالية رمزية، بهدف تسيير الحياة لعمال النظافة والمراقبة داخل المدينة، فأصداء هي المدينة التي يسافر إليها المواطن بعيداً عن مألوف الضجر والضيق والانفعال والتوتر والزحمة التي تميز مدن قطاع غزة ومخيماتها، ليعيش المواطن في أصداء ساعات من الحياة البريئة والبرية التي تغسل الروح من أدران الواقع، قبل أن تنشرها على حبال الأمل بغد أفضل.
سنة 2006 تواصلت كرئيس بلدية مع رئيس سلطة الأراضي في ذلك الوقت الأستاذ فريح أبو مدين، الذي استجاب لحديثي عن أهمية تخصيص الأرض التي طرد منها المستوطنون للمصلحة العامة، فاستجاب الرجل لكتابي، وخصص قطعة أرض بمساحة عشرين دونماً لجامعة القدس المفتوحة، ومن منطلق المصلحة العامة، خصص الأستاذ فريح أبو مدين 200 دونماً لجامعة الأقصى، وكم كانت فرحتي عظيمة، حين وافق على تخصيص مساحة 400 دونماً حديقة عامة لبلدية خان يونس؛ تقع في منتصف الطريق بين خان يونس ورفح، على مقربة من الشاطئ.
فإذا كانت مدينة أصداء الإعلامية قد أحيت الذاكرة الفلسطينية للمدن والقرى التي اغتصبها الصهاينة سنة 1948، فإن الواجب يقضي بأن تكمل بلدية خان يونس المهمة، وتؤكد على وحدة الحال بين قطاع غزة الضفة الغربية، رغم الفصل الجغرافي، وذلك بإحياء ذاكرة الأجيال، وتخصيص مناطق معينة في الحديقة، تحمل أسماء مدن وقرى الضفة الغربية.
د. فايز أبو شمالة