إلتقينا، بلا سابق معرفة، في الحفل الراقي الذي اقامته مؤسسة الدراسات الفلسطينية، يوم الجمعة الماضي، لحماية دورها القومي الممتاز، بل الذي لا يعوض، بالتبرعات، ومزاد على لوحات ممتازة لفنانين من فلسطين.
كان ضيف الشرف الاخضر الابراهيمي الذي ألقى كلمة عن علاقته بالقضية المقدسة منذ العام 1959، وكان يومها سفيراً للثورة الجزائرية في جمهورية جمال عبد الناصر.. أما الحفل فتحول إلى تظاهرة على طريق إنقاذ مؤسسة الدراسات الفلسطينية التي يهددها الحصار على كل ما هو وطني أو قومي بالتوقف عن اداء دورها الذي لا يعوض.
في الحفل، تقدم مني شاب لطيف المظهر، فائق التهذيب، خفيض الصوت وقال: انا أيهاب بسيسو، وزير الثقافة في فلسطين..
كانت مفاجأة سارة أن التقي من يمثل الثقافة، ويهتم بها ويحمي مسيرتها، ما أمكنه، في الارض المحتلة، وفي ظل القمع الإسرائيلي المتزايد دموية وعنفاً.
جاء ايهاب بسيسو إلى “السفير” ليتفجر حماسة وهو يؤكد اصراره على حفظ التراث الثقافي الوطني في الارض المحتلة، ثم يخبرني انه يعمل على اقامة مكتبة كبرى ملاصقة لجامعة الخليل يحفظ فيها ما تيسر جمعه من كنوز الإبداع، تأليفاً وخطاً ورسماً لمبدعين من فلسطين، على أن تُودعْ الاصول في مكان آمن في الخارج حتى لا يُنهبها الاحتلال ويدعي أنها من نِتاج اسرائيليين.
كان طبيعياً أن يشكو بسيسو من ضعف امكانات وزارته، ومن تأثير الانقسام بين الضفة وغزة على المناخ الوطني العام.. ولكنه كان عظيم الايمان بدور الثقافة في حركة التحرر داخل فلسطين، لا سيما إذا ساعد المحيط العربي.
ولم أكن املك الا الدعوات الصالحة في مساعدة أيهاب بسيسو!
للمناسبة أنعش المناخ الذي أحاط بحفل تنصيب المدير العام الجديد لمؤسسة الدراسات الفلسطينية يوم الجمعة الماضي الأستاذ خالد فراج، الآمال بحماية هذه “القلعة” التي تتقدم على كثير من الوزارات والادارات الرسمية العاملة في مثل هذا الحقل.
ولقد أقيم على هامش الحفل معرض لمجموعة من كبار المبدعين الفلسطينيين، رسامين ونحاتين.. ونُظم مزاد بين الحضور، فكانت مناسبة لإثبات أن الاغنى من ابناء هذا الشعب المطرود من وطنه ما زالوا على إيمانهم به، وأن غربتهم عنه ما زادتهم إلا تعلقا به..
على أن ما لفت الحضور أن أبناء رجال الاعمال الفلسطينيين والذين يملكون مؤسسات ناجحة للإعمار وتنفيذ المشروعات العملاقة في العديد من البلاد العربية (وخارجها) كانوا الأسخى كنوع من توكيد فلسطينيتهم وعمق انتمائهم إلى ارضهم.
ونحب أن نفترض انهم لن يبخلوا على المكتبة الوطنية العتيدة.
طلال سلمان