باسل الأعرج شهيد ثقافة الاشتباك

بقلم: رامز مصطفى

عام مضى وقصص الشهداء لا تنتهي ... وباسل الأعرج قصة من قصص المستحيل الفلسطيني ... كيف لا ونحن الألف مستحيل ، على هذا بنى باسل حلمه وعمل عليه ، ولم يضيع وقته لأنه كان يعي أن شعبنا يواجه عدواً ليس سهلاً ، فهو ليس شمشوم الاسطوري الذي قرأنا عنه في قصص اليهود الخرافية والمزيفة ، بل لأن قوى الاستعمار والإمبريالية العالمية مدته ولا زالت بأسباب القوة ، وقوى ونظم إقليمية تواطأت معه ، ولأن مناعة وإرادة من يفترض أنهم أولي الأمر منا وعلينا ليست على مقاس التطلعات والأماني الوطنية
باسل الأعرج ... وهو عنوان لقاءنا اليوم ، أمنّ إيماناً عميقاً ، أن الفكرة التي كان يعمل عليها لن تنتهي باستشهاده ، بل غرسه سيُؤتي ثماره ، من خنساوات يستقبلنّ بكل شموخٍ وإباء أولادهن الشهداء بالزغاريد ونثر الأرز والورود ، كرمى لعيون وطنٍ سيعود لأهله طال الزمن أم قصر . وشباناً وصبايا تملأ الشوارع والميادين في مواجهة آلة القتل والتهويد والاستيطان الصهيوني ، وترفض التسليم بمقولة الجنرال الأمريكي " دايتون " ، الذي توعدنا أن يعيد تدويرنا ، لنصبح فلسطينيون بلا كرامة وشرف ، بل مجرد بيادق وأدوات لا تجيد إلاّ القمع والبطش وخدمة المحتل .
من حظي بفرصة التعرف على شخصية الشهيد والمقاوم المثقف باسل الأعرج ، صاحب نظرية ( ثقافة الاشتباك ) ، يُدرك أهمية هذا الشاب الاستثنائي في كل مجالات ... لا يُطرح موضوع نقاشي ، إلاّ وتجده بارعاً فيه ... وقد كان لي شرف أن التقيته من ضمن مجموعة في إحدى الفعاليات الشبابية ، استمعت إليه محاوراً مقنعاً ... يطرح أفكاره وأرائه بسلاسة ، ويدفع محاوريه إلى الاستماع أكثر من التحدث . تستطيع القول : - أنه قد وحدّ في شخصيته ، القائد والثائر والإنسان المُحصن بثقافة ومعرفة لا تعرف لها حدود ، فهو مدونٌ وكاتبٌ ومناضل عنيد ضد سياسة التبعية الاقتصادية والأمنية والاجتماعية التي أغرقتنا فيها اتفاقات أوسلو ، ومن أجل تأكيد رفضه لتلك الاتفاقات ، قاد ورفاقه الاحتجاجات التي قمعتها الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة في منتهى الوحشية والبطش ، وانتهت بهم إلى سجون السلطة .
من يقرأ وصيته التي كتبها على عجلٍ قبل أن تبدأ معركته الأخيرة ، لأنه قرر ألاّ يُسلم لأعدائه كما قال شقيقه في رثائه " لم تُسَلم لهم ، ومثلك لا يعرف التسليم . اخترت أن تكون مقاوماً وأن تموت شهيداً مقبلاً مشتبكاً لا خانعاً " . يُدرك أنه أمام فيلسوف ، حين يخط قائلاً : " منذ سنين انقضت ، وأنا أتأمل كل وصايا الشهداء التي كتبوها ، لطالما حيرتني تلك الوصايا ، مختصرة سريعة مختزلة فاقدة للبلاغة ولا تشفي غليلنا في البحث عن أسئلة الشهادة " . ويضيف : " وأنا الآن أسير إلى حتفي راضيًا مقتنعًا وجدت أجوبتي ، يا ويلي ما أحمقني وهل هناك أبلغ وأفصح من فعل الشهيد ، وكان من المفروض أن أكتب هذا قبل شهورٍ طويلة إلا أن ما أقعدني عن هذا هو أن هذا سؤالكم أنتم الأحياء فلماذا أجيب أنا عنكم فلتبحثوا أنتم ... أما نحن أهل القبور فلا نبحث إلا عن رحمة الله "
باسل الأعرج ... أمنّ بالعروبة ، وعبر عن ذلك من خلال مشاركته في ملتقى الشباب القومي العربي ، فهو بدأ وصيته ب" تحية العروبة والوطن والتحرير " . لروحك تحية عروبتنا المستباحة ، وتحية الوطن الذي يُباع في دهاليز الرهانات السياسية البائسة ، وتحية التحرير ، القابضون على خياره متهمون بالإرهاب
باسل الأعرج ... عشت نيصاً وقاتلت كالبرغوث
رامز مصطفى