دعوة الوزير جبران باسيل وعلامة الاستفهام الكبيرة

بقلم: رامز مصطفى

الدعوة التي أطلقها وزير الخارجية اللبنانية جبران باسيل في الاجتماع الوزاري من أجل " وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " الانروا ، الذي عقد في العاصمة الإيطاية روما ، في مطالبته إدارة الانروا إلى " شطب لاجىء فلسطيني من قيودها في حال تغيبه عن الأراضي اللبنانية ، أو في حال استحصاله على جنسية بلد آخر ، وذلك حتى تخفف من أعبائها المالية من جهة ، ولكي تساهم في تخفيض أعداد اللاجئين في لبنان " ، هذه الدعوة فاجأت الكثيرين في الأوساط اللبنانية والفسطينية . ولكنها لم تشكل مفاجأة للكثيرين من يعرفون حقيقة ما يضمره الوزير باسيل اتجاه الفلسطينيين من مواقف لا تنسجم وأصول العلاقات الأخوية التي تجمع بين الشعبين اللبناني والفلسطيني ، وبالتالي تتناقض مع مساهمة تياره فيما أطلقته مجموعة العمل حول قضايا اللاجئين الفلسطينيين في لبنان في تموز 2017 تحت عنوان " رؤية لبنانية موحدة لقضايا اللجوء الفلسطيني في لبنان " .
والوزير البرتقالي لم يخفِ يوماً مواقفه اتجاه اللاجئين الفسطينيين في لبنان ، وعلى الدوام يُنكر عليهم حقوقهم المدنية والاجتماعية ، وبأن الحديث عن الحقوق ليس موجود في قاموسه ومن يؤيده ، وهذا ما قاله صراحة خلال استقباله وفداً فلسطينياً وبوجود السفير أشرف دبور أثناء العدوان " الإسرائيلي " على قطاع غزة في تموز 2014 في قصر بسترس ، حين قال حرفياً : " أنتم لا حقوق لكم هنا في لبنان " . يومها كان حديثه بمثابة الصدمة للوفد الفلسطيني ، الذي خرج بقناعة أن هناك في لبنان لا تزال ثقافة العنصرية اتجاه الفلسطينيين عند البعض منهجاً وسلوكاً .
إذا كانت هناك من مفاجأة في دعوة الوزير جبران ، فهي في توقيتها ولحظتها السياسية التي تتمثل في السعي الأمريكي – " الإسرائيلي " لفرض " صفقة القرن " الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية ، حيث أتت خطوة الرئيس ترامب في الاعتراف بأن القدس عاصمة ل" إسرائيل " ، ومن ثمّ السعي إلى شطب حق العودة وملف اللاجئين ، انطلاقاً من إلغاء الانروا الشاهد الحي على نكبة الشعب الفلسطيني . وهذا ما لم تخفهِ إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، وما يُطالب به بنيامين نتنياهو . حيث خفضّ ترامب مساعدات بلاده إلى النصف ، ومارس ولا يزال الضغوط على الدول من أجل تخفيض مساهماتها في تمويل برامج الانروا ، الإغاثية والصحية والتعليمية ، المقدمات اللازمة لتطبيق الرؤية الأمريكية – " الإسرائيلية " لصفقة القرن . ودعوة الوزير باسيل تصب في تلك التوجهات الأمريكية – " الإسرائيلية " ، لجهة التشجيع في الإسراع على فرض التوطين بعد تناقص أعداد اللاجئين ، وتحويل اللاجئين تدريجياً إلى جاليات في الدول المتواجدين فيها .
مشكور الوزير حسن منيمنة ، رئيس " لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني " ، الذي رد على دعوة الوزير باسيل ، حيث اعتبر أن : " لتصريحات وزير الخارجية اللبنانية انعكاسات خطيرة على القضية الفلسطينية كون سجلات الانروا هي الوحيدة التي تحفظ وجود الشعب الفلسطيني في المناطق التي لجأوا إليها منذ العام 1948 ، وأن هذه السجلات هي الوحيدة التي تمّ فيها تدوين اللاجئين ككيان فلسطيني . بالتالي ، لا يجوز أن يُشطب منها أي فلسطيني طالما أن الأخير غير موجود ككيان فلسطيني في أي سجلات أخرى . وبمعنى آخر، فإن سجلات الاونرا تحفظ الوجود وتحفظ حق العودة وغيرها من الحقوق في التعويضات " .
وأخيراً يا معالي الوزير باسيل ، الطموح حق مشروع ، ولكن ألاّ يكون طموحك في الوصول إلى قصر بعبدا بعد انتهاء ولاية الرئيس الجنرال ميشال عون الذي نقدر ونحترم مواقفه اتجاه قضيتنا الفلسطينية ، أو فوز تيارك يا معالي الوزير بالانتخابات النيابية القادمة ، ألاّ يكون ذاك الطموح على حسابنا وحساب قضيتنا ، لذلك أن مدعو للتراجع عن تلك الدعوة التي نضع عليها علامة استفهام كبيرة ، وكبيرة جداً .
رامز مصطفى
كاتـب فلسطيني