مثقف والانتخابات .. الدور والمسؤوليات

بقلم: شاكر فريد حسن

مما لا شك فيه أن دور المثقف في أي مجتمع هو دور رسولي وتعبوي وتحريضي ، والإسهام في عمليات التغيير والإصلاح المجتمعي ، وإثارة حراك فكري جديد ، وغرس قيم الخير والمحبة والتنوير والإنسانية .

لكن هذا الدور وللأسف الشديد انحسر في العقود الأخيرة نتيجة عوامل كثيرة ، ذاتية وموضوعية ، ولم يكن دور ملموس  للنخب الثقافية والفكرية  في الحراك الشعبي الجاري على الساحة العربية أو التأثير في مساراته .

وفي ظل حالة عدم الاستقرار السياسي السائدة في مجتمعاتنا العربية هنالك من يعول على المثقفين في تشكيل الخطاب السياسي والاجتماعي وإحداث التغيير والتحول الايجابي في المشهد السياسي العربي الراهن .

وفي حقيقة الأمر أن المثقف العربي يتعرض للإقصاء والتهميش من قبل السياسيين ، وتستخدم ضدهم أساليب الإغواء والترغيب والترهيب والتدجين بغية التأثير على دورهم وتحجيم أرائهم وتزوير مواقفهم ومحاصرة نشاطهم . وثمة مثقفون تخلوا عن قناعاتهم ومبادئهم وتحولوا إلى مأجورين ومرتزقة فكر بعد أن نجحت المؤسسة الحاكمة بخصيهم واستمالتهم وشرائهم بالمال والدولار .

واليوم ونحن على أبواب وأعتاب الانتخابات البرلمانية العراقية تبرز أهمية ممارسة المثقف العراقي لدوره الفاعل ، الريادي والإبداعي والنقدي ، وتحمل مسؤوليته التاريخية في التوعية الجماهيرية وقيادة عملية الإصلاح والتغيير الرامية إلى بناء دولة المواطنة الحقيقية ، التي يصبو إليها جميع أبناء الشعب العراقي ، فضلاً عن تحفيز الناس على ضرورة ممارسة حقهم الديمقراطي . وهذا يتطلب منهم أن يكونوا حاضرين في جميع الفعاليات والنشاطات الاجتماعية والسياسية والانتخابية ، لأجل إحداث انقلاب سياسي وتاريخي وثورة حقيقية في العراق ضد الفساد المالي والإداري المستشري ، والعمل على إيصال الشخص المناسب للمكان المناسب ، وتحقيق انتصار لقوى العدل والتقدم المدنية .

إن الموقف المبدئي المسؤول يستدعي من المثقف العراقي رفض كل الصراعات المذهبية ، والتصدي بكل صلابة وقوة للإرهاب والطائفية السياسية ومنعها من الوصول للبرلمان العراقي ، فهي خنجر مسموم يغرس في جسد الوطن وصدر المواطن العراقي الطامح للحياة الحرة والكرامة ،  والحالم بعراق مدني ديمقراطي وإنساني موحد ، ودعم قوى التغيير المدنية والديمقراطية وتحالفها الواسع العريض المعبرة عن أحلام المستضعفين  وطموحهم المستقبلي ، سعياً لإنقاذ الشعب العراقي بكل مكوناته القومية والدينية وخلاصه من واقع الفساد الإداري والمالي المتنامي في كل مناحي الحياة وعلى كل الصعد في جميع المؤسسات العراقية ، وفي سبيل بناء العراق الجديد على أسس مدنية وعصرية وديمقراطية ، وتحقيق حياة رخاء آمنة ومستقرة ، وتصحيح المسار التاريخي ، واجتثاث جذور الاستبداد والطغيان والإرهاب .

إن الفرصة مواتية الآن أمام النخب المثقفة الطليعية العراقية لتأخذ دورها وتستعيد مجدها وصناعة الثورة وقيادة حركة التغيير والإصلاح ، وتحقيق مطالب الشعب العراقي في الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية .

بقلم/ شاكر فريد حسن