في قديم الزمان قرروا الأسباط وهم أبناء يعقوب عليه السلام إغتيال الأخ الأصغر لهم وهو يوسف عليه السلام وتصفيته جسديا . بتهمة أنه الأقرب إلى أبيه والأكثرهم حظا في الدنيا بحسب ما دفعهم لفعل ذلك . وقرر التاريخ أن يعيد نفسه حين قرروا أسباط منظمة التحرير الفلسطينية وهم الفصائل الفلسطينية بإغتيال الأب الشرعي لهم وهو المجلس الوطني الفلسطيني بتهمة أنه الأقرب إلى المجتمع الدولي والأكثر قبولا . وبغض النظر عن النوايا وبدوافع مختلفة قرروا تصفيته معنويا . وإجتمعت جريمة الأسباط قديما وحديثا على هدف واحد ودافع واحد ولكن الأدوات تختلف لأن جسم المجني عليه يختلف . وما بين إغتيال الأخ الأصغر والأب الأكبر كان قرار التصفية الجسدية للأخ الأصغر يوسف عليه السلام والتصفية المعنوية للأب الأكبر وهو المجلس الوطني الفلسطيني . كان لكلمات الله حضورا لحسم الأمور "ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين" صدق الله العظيم . لم يفلحوا أسباط يعقوب عليه السلام بإغتيال الأخ . ولم يفلحوا أسباط المجلس الوطني الفلسطيني بإغتيال الأب . ولا زال الأب يمثل الكل الفلسطيني رغم نوم عميق وغفوة طويلة .
لا أستغرب حين أقرأ خبر رفض حركتين حماس والجهاد الإسلامي المشاركة في المجلس الوطني أو حتى المجلس المركزي . لأنهم في الأصل لا يعترفون فيه إلا من باب المجاملة . أو من باب التسليم للأمر الواقع لأن الواقع يقول أنه الأب الشرعي للكل الفلسطيني . ولكني أستغرب حين أقرأ بخبر مقاطعة إحدى فصائل المنظمة للمجلس الوطني أو حتى المجلس المركزي بذريعة الإصلاح . فهل المقاطعة وسيلة الإصلاح وهل الإصلاح لا يأتي إلا حين تأتي دعوة الإنعقاد . لماذا لا تكون عملية الإصلاح حيوية ومستمرة في جسم المجلس الوطني من قبل هذه الفصائل . أليس هي جزء من جسم هذا المجلس . واليس حركة حماس أيضا تعتبر جزء في جسم هذا المجلس بموجب القانون لأن أعضاء المجلس التشريعي بطبيعة الحال هم أيضا أعضاء المجلس الوطني . لماذا لا تتم دعاوى الإصلاح إلا من خلال تلقيهم دعوة للمشاركة في المجلس مستغلين هذه الدعوة لضرب هيبة المجلس الوطني وفضحه عبر وسائل الإعلام .
والسؤال المهم هو كيف يتم إصلاح منظمة التحرير ومشاركة جميع الفصائل فيه دون إستثناء أو إقصاء أي فصيل ؟ أولا يجب أن تعلنان حركتي حماس والجهاد الإسلامي دخولهما في منظمة التحرير بشكل رسمي وتحت أي ظرف . لأنه يجب أن يسبق عملية الإصلاح عملية الدخول في المجلس أولا حتى يتمكن الجميع من الإصلاح . فلا يعقل أن ننادي بالإصلاح ونحن نرفض الدخول أصلا . فكيف ستتم عملية الإصلاح دون الدخول من أجل الإصلاح .
وهناك شيئ مهم للغاية وهو لماذا تتم دعوة حركتي حماس والجهاد للدخول في منظمة التحرير بإلحاح رغم رفضهما المتكرر ؟ ولماذا لا تتم دعوة باقي الفصائل الجديدة على الساحة الفلسطينية ومشاركتها في صناعة القرار الفلسطيني ؟ أليس من حق الفصائل الجديدة والصغيرة الدخول في جسم القرار الفلسطيني . أليس هي فصائل فعالة على الأرض ولها تأثير على صناعة القرار . اليس من حق كل الفصائل الفلسطينية الدخول في جسم منظمة التحرير دون أي إقصاء كما لها الحق في المشاركة في أي إنتخابات ديمقراطية فلسطينية كما ينص عليها الدستور الفلسطيني .
أليس من حق هذه الفصائل الجديدة والصغيرة والفعالة على أرض الواقع أن تحل محل بعض الفصائل في منظمة التحرير التي غابت عن المشهد الفلسطيني لسنوات طويلة ومنها من أوشك على الإنقراض .
هناك تساؤلات كثيرة لا أملك الإجابة عليها ولكني أملك أن أضعها أمامكم لعل المشهد يكتمل .
إن دفاعي عن منظمة التحرير ومجلسها الوطني ليس لأنني أعصمها من الخطأ . فهي مليئة بالأخطاء ولكن دفاعي عنها من منظور الدفاع عن الأب الشرعي للكل الفلسطيني .
عندما قرروا أشقائنا العرب أن يكون لنا متحدث بإسمنا ويمثل الشعب الفلسطيني في المحافل الدولية . كان هذا المتحدث هو المجلس الوطني الفلسطيني عام 1964 فكان هو العنوان والهوية والقضية .
أيها الفصائل الفلسطينية إن منظمة التحرير لا تزال تمثلنا في جميع المحافل الدولية رغم أنها مليئة بالأخطاء . فمن يريد إصلاحها فليدخل تحت سقفها أولا ليصلح فيها ما يشاء . فلا يجوز الدعوة للإصلاح من الخارج . فليعلم الجميع أن الدخول في منظمة التحرير وتوحيد القرار الفلسطيني هو بحد ذاته إصلاح ووحدة وطنية شاملة .
الكاتب الصحفي : أشرف صالح