إلى قيادة كتائب القسام

بقلم: فايز أبو شمالة

لا تنفعلوا أيها الرجال، ولا تنجروا خلف تهديدات الغريب، وتوعد القريب، وإياكم وردة الفعل التي لا تنسجم مع الأهداف العليا للشعب الفلسطيني، ولا يغضبكم بعض النقد والتجريح من هنا وهناك، ولا يرعبكم مزاعم الكشف عن نفق قديم أو جديد، وإياكم أن يصدر عنكم حديثاً يشفي صدور الجائعين لمعلومة صغيرة عن قدرات المقاومة.

افتحوا عيونكم لما يجري من حولكم، واغمضوا آذانكم عن الكلام الذي يهدف إلى استفزازكم، وجركم إلى فعل غير مدروس، أو خطوة متسرعة، وتأكدوا بأنكم حتى اللحظة منتصرون، وأنتم الراسخون عميقاً في تراب الوطن، والناطقون صدقاً باسم مئات ملايين الفلسطينيين والعرب والمسلمين المتعطشين للكرامة والنصر، فأنتم الذين حيرتم عدوكم بصمتكم أكثر مما حيرتموه بجبروتكم، بعد أن أربكتم مخططاته، وعرقلتم خطواته من خلال مواصلة مشواركم، الذي ترك عدوكم منشغلاً بالتقديرات الخاطئة عن قدراتكم، وسأضرب لكم مثلاُ على حيرة عدوكم:

يقول: وزير الحرب ليبرمان: حماس تستثمر مليارات الدولارات في مشروع الأنفاق، والآن تغرق جميعها في الرمال، أوصي حماس باستثمار تلك الأموال من أجل رفاهية سكان غزة".

وكان ليبرمان قد قال قبل يومين: عباس يريد أن يجرنا إلى مواجهة مع حركة حماس، ولدينا سلسلة من الإجراءات لتفادي الانفجار!! فماذا يريد ليبرمان بالضبط؟ هل يفكر بالمواجهة مع غزة أم يفكر في تخفيف الحصار عن غزة؟

يجيب عن ذلك عضو "الكنيست" عوفر شيلح  الذي قال: قد ننجر إلى حرب في غزة والضفة في حال تردي الاوضاع في غزة، وعلينا ألا ننتظر المجتمع الدولي للنهوض بالأوضاع في غزة لأن تكلفة الحرب أعلى بكثير من تكلفة إصلاح الوضع فيها، ويضيف: يجب على إسرائيل أن تمد غزة بالمياه والكهرباء حتى لا تنفجر الأوضاع ونذهب لحرب تكون تكلفتها أكثر.

الحديث السابق يوافق هوى صحيفة هآرتس، التي ترى أن نتنياهو يهاجم غزة ليلاً ويسعى نهارًا لمنع الحرب، في الوقت الذي رأت فيه صحيفة إسرائيل هيوم عكس ذلك، فجاء فيها: "يجب أن تشرع إسرائيل في معركة حاسمة ضد حماس"، إن النشاط الهجومي للجيش الإسرائيلي بشكل خاص والمؤسسة الدفاعية بشكل عام؛ والذي تم الإعراب عنه خلال الشهر الماضي في الكشف عن الأنفاق الهجومية وتدميرها في قطاع غزة، بالتوازي مع اعتقال المطلوبين، يرفع بدرجة كبيرة من الفتيل القصير لبرميل حماس المتفجر.

استراتيجية الحرب السابقة يعارضها روني بن يشاي، المحلل العسكري في صحيفة يديعوت أحرنوت، الذي يقول: استراتيجية العمل الجديدة التي بدأ بها الجيش الإسرائيلي مؤخرا تهدف إلى استغلال أي عملية أو حدث أمني على الجدار الحدودي مع قطاع غزة في استنزاف قدرات حماس العسكرية، بما في ذلك تدمير المنشئات العسكرية ذات الأهمية الاستراتيجية الكبيرة؛ مثل مواقع التصنيع والأنفاق، بينما صحيفة يديعوت تتهم حركة حماس بإعادة بناء الأنفاق القديمة بالإضافة لحفر أنفاق جديدة، وهذا ما أكد عليه الوزير إسرائيل كاتس: ويقول: تقوم حماس باستنزاف مواردها في الموت بدلا من رفاهية شعبها.

وينسجم أمير بوحبوط في موقع وللا العبري مع أفكار كاتس، فيقول: الوقت يمضي بسرعة، وعلى عكس مصلحة حماس، ووتيرة الكشف عن الأنفاق تتسارع، وكذلك نشاطات الجيش في بناء الجدار، وهذه الأمور تضع معضلة أمام حماس، وعليها الآن أن تقرر هل ستوافق على التضحية بالأنفاق مقابل الهدوء والاستقرار، أو أنها ستقوم باستغلال الوقت المتبقي، قبل ضياع ذخرها الاستراتيجي؟

وفي الوقت الذي يؤكد فيه رئيس الأركان على ما سبق، حين يقول: لسنا معنيين بالدخول بمواجهة عسكرية بسبب الانفاق، الا في الحالات الشاذة، وعلينا الانتظار لحين الانتهاء من بناء الجدار، وعلى الجيش الاستمرار بالكشف عن الانفاق الهجومية الموجودة، قبل أن تقرر حماس استخدامها، وهذا ما ذهب إليه المحلل السياسي في صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل، وهو يقول: "إن التصعيد في القطاع واضح بالفعل، وسنكون بحاجة إلى المزيد من ضبط النفس والحكمة لمنع المواجهة العسكرية الحقيقية".

الشعب الفلسطيني يعرف أن المقاومة تسير وفق خطة عمل محكمة، والعدو يعرف أن للمقاومة برنامج عمل دقيق تلتزم فيه، وتسير عليه، والأمة كلها اختبرت كفاءتكم، وتأكدت من حسن تقديراتكم لأي مواجهة قادمة، ونثق أن لديكم عميق الرؤية، فلا بأس عليكم أيها الرجال، ولا خوف على الوطن طالما استقام المشهد بين يديكم، فلا يحرفنكم عن هدفكم ما يشاع، ولا يجرفنكم عن طريق الفلاح ما تردده أبواق الهزيمة، وعشاق الضياع.


د. فايز أبو شمالة