عيد الام ومعركة الكرامة

بقلم: عباس الجمعة

ما اجمل المناسبات والذكريات حين نراها قريبة المسافات فيما بينها ، فعيد الام ومعركة الكرامة لهم بعد انساني ووطني وقومي فاليوم اكتب بطريقتي بعد خمسون عاما على معركة الكرامة التي شكلت ملحمة بطولية في تاريخ الثورة الفلسطينية و في البوصلة الوطنية، فقد كان الصمود الفلسطيني لأبناء الثورة الفلسطينية صورة مثالية للتصدي والمواجهة ونموذجاً لكل من يريد أن يكسب دعم وثقة الجماهير ومساندتها، منها نتذكر الام التي انجبت هؤلاء الابطال والتي وقفت بكل عز وشموخ ، ولن ننسى رمز فلسطين الشهيد ياسر عرفات ورفاقه الابطال في معركة الصمود والمواجهة.

نقول ذلك في عيد الام ومعركة الكرامة ، لأن ليس للام عيد بيوما واحد فكل يوم لها عيد فهي عنوان للتضحية والفداء، الأم مدرسة ليست مجرد كلمات عابرة أو مطلع قصيدة وطنية هي حقيقة وأمر واقع في وطني هي فكر ونهج , حيث أثبتت الأم الفلسطينية والعربية أنها إنسانة عظيمة، عظيمة في عطائها، عظيمة في تضحياتها، عظيمة في وفائها، لم تعد الأم مجرد امرأة تربي أبنائها أو تهتم بهم وترعى شؤونهم، لقد تحولت الأم إلى رمز للعطاء والتضحية , كيف لا وهي تربي أولادها على أن حب الوطن من الإيمان وأن الشهادة هي طريق النصر وأن لا شيء أغلى من تراب الوطن، ومن هنا كان ملحمة الكرامة الذي استشهد فيها ثلاث وتسعون مقاوما ومن أبطال الجيش الأردني أربع وعشرون شهيداً، لقد سال الدم وامتزج بين أبناء الضفتين على الثرى المقدس، حيث اسقطت ملحمة الكرامة تبجيحات العدو الصهيوني وادعائه بأن الجيش الصهيوني لا يُقهر.

الام التي عانت وضحت الكثير من اجل ابنائها فهي لازالت تقدم كل حياتها وما تملك لابنائها والامهات اللواتي تحملن فقد أغلى مافي حياتهن – بل كل حياتهن – وفلذة أكبادهن فمنهن من فقدت ابنها وهو يدافع عن أمن وطنه وكرامة قومه ويمنع يد الأرهاب أن تعبث بمستقبل الوطن ومنهن من فقدت ابنها وهو يثور ضد الظلم والفساد والطغيان ليؤمن لجيله وللاجيال اللاحقة مستقبل أفضل تملؤه نسمات الحرية وترفرف عليه روائح العزة والكرامة ومنهن من فقدت ابنها وهو يؤدي دوره الوطني من اجل وطنه.

فالأم الأسيرة تقبع في سجون الاحتلال وحيدة في عالم موحش يحكمه الجلادون تعانى أقسى أنواع الحياة، ومحرومة من ابسط الحقوق. فهي تعيش مرارة السجن المليئة بالمضايقات والاسى.

في ظل هذه الظروف نرى الأم الفلسطينية صانعة الرجال وهي ترسم البسمة على شفاه أفراد أسرتها جميعا، وتأبى إلا أن ترسمها على شفاه وطنها الجريح، الذي ينزف وجعا من الحصار الإسرائيلي المشدد على قطاع غزة، وتتصدى للاحتلال وقطعان مستوطنيه في الضفة بمواجهة سياسة القتل والاعتقال والارهاب وتهويد الارض والمقدسات، لذلك نقول وبوضوح ان علينا في عيد الام ومعركة الكرامة العمل لمواجهة ما يحاك للقضية الفلسطينية من محاولات لتسويق ما يسمى صفقة القرن، ورفض الابتزاز الأمريكي والضغوط من قبل الأنظمة العربية لقبولها،

والاسراع في عقد المجلس الوطني الفلسطيني للخروج برؤية سياسية وبرنامج يستند لكل الثوابت الفلسطينية ، وبذلك نكون اوفياء لمعركة الكرامة ولعيد الام الفلسطينية المناضلة والمقاتلة التي اندمجت مع بيئتها جنب إلى جنب مع الرجل، وعرفت بالمرأة المقاومة , فحملت السلاح وكثيرات هن من استشهدن وبقيت المرأة والام الفلسطينية محور الأحداث.

ختاما : التحية لشهداء المقاومة الفلسطينية ولشهداء الجيش العربي الأردني، ونعاهدهم بأن نبقى أوفياء لدمائهم الطاهرة التي روت أرض فلسطين والأردن، والف تحية لآلاف الأمهات الأسرى الفلسطينيين ونطبع على جبهاتهن الف قبله لعلها تصبر لهيب قلبها وتخفي تجاعيد وجهها المشتاقة ونعاهدهم أن لا تحيد بوصلتنا عن الكيان الصهيوني كعدو رئيسي ومباشر يستهدف قضيتنا وأمتنا العربية.

بقلم / عباس الجمعة

كاتب سياسي