احيى الفلسطينيين هذا العام ذكري يوم الارض الخالد بطريقة مختلفة عن كل عام دفت الفلسطينيين اليها سياسية امريكا المنحازة لإسرائيل , اليوم الذي تعانقت فيه ارواح الشهداء بالزيتون وجبل تراب الارض بدمائهم الذكية هذا اليوم الذي ارتقت فيه مئات بل الالاف ارواح الفلسطينيين الي العلا دفاعا عن الارض والتاريخ والحقوق في وجه عدو لا يعترف باي قواعد او قوانين تحترم الانسان وتحفظ حياته ’ يوم الارض اليوم اصبح يوما لتجسيد العودة واحياء لقضية اللاجئين الفلسطينيين التي يعتقد العالم انها باتت شئيا من الماضي وعفا عنها الزمان , وعلي اثر ذلك بدأت الولايات المتحدة واسرائيل تجهز لخطة لتوطين اللاجئين في غزة والبلاد العربية والاوروبية ,وتجهز لان تنهي تلك القضية التي هي عنوان الصراع مثلها مثل القدس فلا حل للصراع دون العاصمة الأبدية للدولة الفلسطينية القدس ولا حل للصراع دون تطبيق القرار 194 والقاضي بالعودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين .
مسيرة العودة او مسيرة الزحف الي الوطن حيث اصل الانسان الفلسطيني كانت مسيرة للرد علي ترامب ونتنياهو الذين اعتقدوا في خضم التساوق العربي مع سياسة الولايات المتحدة الامريكية ان الحل يأتي من عند العرب ويفرضه العرب على الفلسطينيين وبالتالي ما علي الفلسطينيين الا ان ينسوا حق العودة والقدس ويقبلوا بالإملاءات الامريكية المدعومة عربيا للأسف ولم تعد امريكا كيف ستواجه ذلك, واعتقد ان مئات الالاف من المحتجين والمحتفلين سلميا بيوم الارض وصلت رسائلهم الى اصحاب القرار في واشنطن واسرائيل التي ارتبكت كل حساباتها الاستراتيجية بعد هذا اليوم وباتت تخشي المزيد من الارباكات بيوم الزحف الاكبر وهو اليوم الذي حدده ترامب المأفون لنقل سفارة واشنطن الى القدس عاصمة فلسطين الابدية , ولم يكن في حسابات اسرائيل اليوم ان تسارع القيادة لطلب الحماسة لشعبنا وهو يقتل بالرصاص الحي وتواجه انتفاضته السلمية بالنار والاعدامات الميدانية .
لم يكن في حسابات اسرائيل هذا العدد الكبير من ابناء شعبنا الذين حملوا معهم مفاتيح بيوتهم ولم يكن في حسابات اسرائيل ان يكشف وجهها الدامي امام العالم و بالتالي اصبح العالم اليوم تماما مع الرواية الفلسطينية باعتبار ان هؤلاء الفلسطينيين جاءوا للتعبير السلمي والحضاري للمطالبة بحقوقهم التي اعترف بها القانون الدولي واقرتها كافة قراراته الشرعية , إسرائيل وجيشها المجرم حولوا يوم الارض الى يوم دم جديد قتلوا العشرات واصابوا المئات بتخطيط اراد به رئيس اركان جيشهم ووزير حرب اسرائيل ان يلقي الرعب في قلوب الفلسطينيين, لكن حال الفلسطينيين واحد و وجهتهم واحدة منذ ان احتلت بلادهم الموت عندهم اسمي امانيهم بغية الدفاع عن حقوقهم وترابهم الوطني لا يخافوا بارود اسرائيل ويواجهوا جبروتها بصدورهم العارية , بالأمس كانت رواية اسرائيل للعالم ان الفلسطينيين ارهابين وقتلة من غاب وعيه يصدقهم ومن استيقظ ضميره ادرك زيف روايتهم ,اليوم فهم العالم ان اسرائيل محتلة وجيشها قاتل ارهابي يمارس القتل بدافع القتل والانتقام ,فهم ان اسرائيل حولت يوم الفلسطينيين السلمي الي يوم دم وقتل ونار.
بدأت اسرائيل بعد الثلاثين من مارس هذا العام تحسب حسابات جديدة انها حسابات انتفاضة سلمية في مكان لم تكن تتوقع ان يصبح ساحة مواجهة يوما من الايام بهذا الشكل وبهذا الاسلوب انها المواجهة الشعبية التي حمل الفلسطينيين من خلالها اسلحة الحق القادرة على احراج اسرائيل دوليا ,انه العلم الفلسطيني و ليس رايات الفصائل والتظاهر سلميا واحتجاجات عبروا عنها بالغناء والرقص والدحية و الجلوس في الخيام تعبيرا عن حكايتهم مع هذا المحتل الحاقد اقبلت عليها كل الفصائل واقتع بها الشعب الفلسطيني واوقعت اسرائيل في حالة انتقاد دولي واسعة لحجم المواجهة التي قابلت بها اسرائيل. امريكا ايضا اختلت حساباتها بعد هذا اليوم وعرفت ان صفقة القرن التي تبرمجها لتصفي فيها القضية الفلسطينية باتت صفقة فاشلة لا يمكن ان تطبق ولو انزلت حقائب دولارات على الفلسطينيين في المدن و القري والمحافظات.
لا يمكن ان يبقي اليهود يعشون في امن استقرار على حواف غزة يأكلوا و يشربوا يناموا دون خوف او حسابات بينما على بعد بضع اميال قليلة فلسطينيين هم اصحاب الارض في حصار شامل منذ عشرات السنوات بلا طعام ولا شراب ولا عمل ولا مستقبل لأبنائهم ولا سفر ولا تنقل امن ولا ادني مقومات الحياة بل يعيشوا تحت النار الاسرائيلية من قضف ومدافع وغارات الطائرات ولاحق تقرير مصير وبالتالي لا دولة مستقلة , سيبقي هؤلاء المستوطنين من الان فصاعدا يسمعون هتافات الجماهير الفلسطينية التي تطالب باستعادة ارضهم و رحيلهم منها دون ان يوفر لهم جيشهم الحماية التي يريدونها. الحسابات اليوم اربكت اسرائيل وامريكا باتوا يفكروا جديا كيف يخمدوا شرارة المقاومة الشعبية التي انتقلت الى غزة و وحدت سب المواجهة مع المحتل ,كل غرف التخطيط الاستراتيجي اليوم باتت تعمل على ايجاد حلول لحق العودة الذي وجد الفلسطينيين اسلوبا شرعيا لأحيائه وتكريس شرعية القرارات الدولية الصادرة بهذا الشأن و نقل الراية والرسالة الى الاجيال التي كانت تعتقد اسرائيل انهم بحفنه دولارات وطعام فاسد تستطيع ابتزازهم لينسوا بلدانهم و قراهم و مزارعهم و روابيهم.
بقلم/ د. هاني العقاد