شهر نيسان، شهرالتحدي والاصرار ، شهر الشهداء ومسيرات العودة ، شهر كثرت فيه المآسي والألام والأحزان ،ففي الثامن من هذا الشهر كانت عملية الطيران الشراعي الثانية لابطال جبهة التحرير الفلسطينية، وفي هذا الشهر ارتكبت العصابات الصهيونية مجزرة بحق اهالي قرية دير ياسين الفلسطينية،حيث قتلت سكانها شيبة وشباباً وشيوخاً ونساءاً وأطفالاً بدم بارد،وعملية القتل تلك لم تكن فقط بدافع القتل على خلفية العنصرية والكره والحقد على الشعب الفلسطيني،بل تلك العملية كانت بهدف ترويع شعبناالفلسطيني،وحملة على الهجرة ومغادرة الوطن،عملية قتل كان لها هدف لتحقيق مشروع سياسي،مشروع يستهدف طرد وتشريد وإقتلاع شعبنا الفلسطيني من أرضه،وبالفعل نجح المشروع الصهيوني في طرد وإقتلاع وتهجير جزء كبير من أبناء شعبنا الفلسطيني،والذي أصبح بفعل النكبة خارج حدود الوطن في مخيمات اللجوء في دول الطوق العربي وفي الشتات،ولكن رغم النكبة وما عانته من اقتلاع وطرد وتهجير لشعبنا،إلا أن هناك من بقي وصمد من شعبنا، مؤكداً للحركة الصهيونية،بأن هذا الشعب مثل طائر الفنيق يخرج من تحت الرماد،الشعب مهما تعرض للعسف والظلم والطغيان والقمع،سيبقى مسكونأ بحق العودةللوطن ولا بديل غير الوطن،فهذا حق فردي وجمعي لا يسقط بالتقادم ولا بالمبادرات والمشاريع المعادية .
في هذا الشهر نستذكر أرواح القادة الشهداء عبد القادر الحسيني، كمال عدوان، أبو يوسف النجار، كمال ناصر، خليل الوزير "أبو جهاد"، والالاف غيرهم من القادة والكوادر والمناضلين الفلسطينيين. في هذا الشهر نستذكر كل شهداء فلسطين والوطن العربي من المحيط إلى الخليج الذين قضوا بفعل الإرهاب الصهيوني والاستكبار الأميركي.
في شهر نيسان كانت مجزرة قانا إحدى أكبر وأفظع المجازر التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي عبر تاريخه، سميت بمجزرة قانا الأولى، ووقعت يوم 18 أبريل/نيسان 1996 بمركز قيادة فيجي التابع لـ الأمم المتحدة في قرية قانا بجنوب لبنان، خلال العدوان الصهيوني على لبنان أطلق عليه "عملية عناقيد الغضب".
فشهر نيسان شهر جبهة التحرير الفلسطينية ويومها الوطني ، وشهر العمليات البطولية لجبهة التحرير الفلسطينية في الخالصة ونهاريا والقدس الاستشهادية التي قادتها البطلة عندليب طقاطقة ، هو شهر تدوين الصفحات تلو الصفحات من السيرة الذاتية الأسطورية لشهداء جبهة التحرير الفلسطينيه وشهداء فلسطين الأبرار الذين تساقطوا ويتساقطون نتيجة الإرهاب الإجرامي الذي عادة ما يتخندق وراء ذلك الاستعمار وتوثيقها وحفظها في"موسوعة الشهادة والاستشهاد"،وفي مقدمتهم قادة الجبهة وعلى رأسهم فارس فلسطين الرمز ابو العباس والقادة طلعت يعقوب وعمر شبلي " ابو احمد حلب " وسعيد اليوسف وابو العز وحفظي قاسم وابو العمرين وجهاد حمو وابو عيسى حجير وابو كفاح فهد وحسين دبوق وبرهان الايوبي وغسان زيدان وزينب شحرور، لتسهل مهمة انتقالها من جيل إلى جيل آخر دون تزييف أو تزوير.
شهر نيسان لهذا العام نعيش كعادتنا أيامه بكل ما تتطلب من مستلزمات الحيطة والحذر لما لها وما عليها من مخاطر وتبعات محتملة، ونجد أنفسنا مندفعين تلقائياً ومن باب الوفاء لإنعاش ذاكرتنا واستذكار تلك المجازر والمذابح وجرائم الاغتيال التي دفع فيها الشعب الفلسطيني من دمه الذكي الكثير من أجل قضيته المقدسة، جراء صنوف وأنواع الإرهاب "الإسرائيلي" الذي مورس بحقه.
حصاد "نيسان" يعقبه حصاد بعد حصاد... ومسلسل الحصاد مستمر، فالإرهاب "الإسرائيلي" بشتى صوره وأشكاله متواصل، والعطاء الفلسطيني من أجل الأرض والإنسان متواصل هو الآخر، ولنا في كل يومٍ شهيد بل شهداء، "وموسوعة الشهادة والاستشهاد" تبقى مشرعة الأبواب إلى أن يتحقق حلم الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
فهو الشهر التي تجاوزت أميركا القوانين الشرعية وعبرت البحار والمحيطات بحجة كاذبة إختلقتها كي تقنع العالم بأن العراق يمتلك أسلحة دمار شاملة تهدد العالم أجمع , متخذاً منها ذريعة للاجتياح الهمجي على العراق,حيث غطت الصواريخ سماء العراق وأشتعلت الراجمات وأسقطت الاطنان من القذائف والقنابل العنقودية على ارض العراق الأبي لتحرق اجساد الأطفال الأبرياء , وتقطع سواعد الشباب , وتثكل الأمهات وترمل النساء في كل مناطق العراق .
وفي الرابع عشر من نيسان اعتقل فارس فلسطين القائد الوطني والقومي الكبير الشهيد محمد عباس " ابو العباس " الامين العام لجبهة التحرير الفلسطينية الذي قضى في العراق معظم السنوات قبل استشهاده ، حيث تم اغتياله في معتقلات الاحتلال الامريكي الصهيوني ، حيث لم يقبل "أبو العباس" أن يظهر بمظهر الضعيف، كانت روحه عالية ومعنوياته رغم كل ما حدث ما زالت مرتفعة وكانت قامته أعلى من هامات الجلادين والمتنكرين لعروبتهم الذين أرغموه على العودة إلى بغداد بعد أن سقطت، لكن مواقفه كانت لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، وها هي اليوم الدول والشعوب العربية تواجه اعتى هجمة امبريالية صهيونية رجعية وارهابية تقودها الادارة الامريكية التي تعمل تحت يافطة تفتيت المنطقة من خلال صفقة القرن التي هدفها الاول تصفية قضية فلسطين والمقاومة.
إنها المؤامرة، التي تستدعي من القوى والاحزاب العربية استنهاض طاقاتها من خلال مقاومة شعبية عربية قادرة على رفع راية التصدي للاحتلال الأميركي وللعدوان الإسرائيلي وللارهاب التكفيري.
شهر نيسان هو شهر الحركة الاسيرة المناضلة التي تسطر آيات في الصمود والكرامة الانسانية هي تمثل ارادتها الشامخة وكبريائها طريق النضال واستعادة الوحدة الشرط الذي لا غنى عنه لمقاومة جادة ومجدية ضد الاحتلال ولانتزاع حرية الاسرى والاسيرات وحرية شعبنا وحقوقه في الاستقلال والعودة .
لقد مثل شهر نيسان بالنسبة لجبهة التحرير الفلسطينية رافداً نوعياً ورافعة قوية في تاريخ النضال الوطني للشعب الفلسطيني، حيث عملت منذ انطلاقتها على رفع شعار الكفاح المسلح واستعملت وسائل المقاومة بأشكالها كافة و كان الهدف منها رفع صوت فلسطين عالياً وإسماع العالم قاطبة
بهذه القضية العادلة وكان لها ذلك، وما زالت حريصة على رص صفوف شعبنا ووحدته الوطنية، فقد كانت العقبة كأداء في وجه كل من يحاول تمزيق أو تفريق هذا الشعب، متمسكة بالثوابت الفلسطينية وحقوق شعبنا المشروعة وخاصة حقه في العودة وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس ، كما تعمل جاهدة دون كلل من اجل انهاء الانقسام الكارثي وتعزيز الوحدة الوطنية وعقد المجلس الوطني الفلسطيني وتفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية الهوية والكيان للشعب الفلسطيني.
وامام الهجمة العدوانية الصهيونية المتواصلة عبر سياسة الاستيطان وتهويد الارض بقوة البطش والإرهاب والنزعة التوسعية الإستيطانية ومسلسل العقاب الجماعي من خلال العدوان والاعتقال وممارسة كافة انواع التعذيب بحق الاسرى الابطال الذين يطالبون بتطبيق القانون الدولي واتفاقية جنيف وكافة المعاهدات والمواثيق التي أقرتها الشرعية الدولية المتمثلة بمنظمة الأمم المتحدة والمؤسسات المنبثقة على مرأى ومسمع العالم ، ولكن نقول ان سهم النضال سيبقى دائما باتجاه فلسطين دوما والى الابد مهما كانت التضحيات .
ومن هذا المنطلق نؤكد في نيسان الفلسطيني العربي على اهمية خوض عملية نضالية وكفاحية شاملة مستمرة ، جوهرها التمسك بالمقاومة بكافة اشكالها ، فالنضال حق مشروع اقرته المواثيق الدولية ، وهو بكل تأكيد يحتاج إلى جهد جميع القوى والفصائل والتمسك بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وعلى رأسها حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة وحق تقرير المصير، ويظل حق العودة هو ( جوهر ) القضية الوطنية والجسر الواصل لحق شعبنا في تقرير مصيره فوق ترابه الوطني وإنهاء الصراع بالمعنى التاريخي لصالح شعبنا وأمتنا ولصالح العدالة والسلام الحقيقي في فلسطين.
ختاما : يبقى شهر نيسان شهر الشهداء والتضحية، مما يحتم علينا أن نبقى أوفياء للمبادئ والأهداف التي قضوا جميعاً من أجلها وهي هزيمة الصهيونية ومشروعها العنصري وتحرير الأرض والإنسان، هؤلاء هم شهداؤنا الذين نجلّ ذكراهم لما تمثله من نبراس يضيء لنا طريق العودة والحرية والإستقلال.
بقلم/ عباس الجمعة